توقع المفكر الإسلامي حسن مكي أن الربيع الأفريقي المنتظر سيكون من نصيب الحركات الإسلامية، وقال لم يبقَ في العالم العربي منظومة لديها شبكة من المعلومات وخطاب سياسي قوي إلا الجماعات الإسلامية التي ملأت الفراغ وصارت بعض الدول حكومتها ومعارضتها إسلامية، وأوضح أن الإسلام في جنوب السودان سينتشر من أوغندا وليس من السودان كما هو مزعوم، مشيراً إلى أن الإسلام لا يمكن أن يحارب إلا إذا كان سلفا كير يريد مشاكل، معتبراً أن ما يطلقه سلفا كير أو غيره مجرد تهريج ليس إلا، وقطع أن حكم الإسلاميين في مصر سيكون خيراً وبركة على السودان، ونوه إلى أن هناك أخطاء في الداخل أدت إلى ازدياد الهجمة على السودان، داعياً المؤتمر الوطني للتحول من حزب شمولي إلى حزب قائد، وأبان أن سلبيات الإنقاذ الحكم الشمولي والتضييق على الرأي الآخر وعدم قيام المشروع السياسي على تداول سلمي للسلطة وظهور شباب لم يأتوا عن طريق انتخابات. هل كان الإسلاميون يتوقعون أن يكونوا سادة المنظومة السياسية في المنطقة العربية؟ - قبل سنتين قابلت عدداً من الإسلاميين في الدول العربية خلال مؤتمر ولم يكن في البال أن يحدث ما حدث وأن يكون ما كان ولكنها سنة الله، لكن طبعاً كانت هناك أشياء معروفة، فنحن بعد هزيمة يونيو 1967م سقطت القومية العربية وكشفت عورة كبيرة، والمراجعات التي حدثت بعد تلك الأحداث أدخلت الإسلاميين للسجن وفتحت الطريق بما يسمى بالقومية العربية العلمانية وكذلك سقطت منظومة أحزاب البعث سواء في العراق أو سوريا وهي كانت مربوطة بالنظام الدولي حيناً والثقافي العالمي حيناً آخر وكانت دول غنية، وأيضاً سقوط الاتحاد السوفيتي كانت له انعكاسات وكذلك انهار جدار برلين وانتهت الماركسية وهذه كانت لها انعكاسات، ولم تبقَ في العالم العربي قوى لديها شبكة من التنظيمات وخطاب سياسي قوي إلا الحركة الإسلامية والجماعات الإسلامية، لذلك هي التي ملأت الفراغ وصارت بعض الدول حكومتها ومعارضتها إسلامية مثل ما هو في الصومال، فالحكومة الآن التي يدافع عنها اليوغنديون والكينيون هي حكومة حركة إسلامية، والمعارضة الصومالية هي نفسها حركة إسلامية وأفغانستان كذلك كثير من المجموعات التي تحكم هي إسلامية المرجع ومعارضوها أيضاً من نفس المرجعية، وأيضاً باكستان إذا انهار النظام الحاكم، بل إن الصين أيضاً بدأت تعترف بالحكومات الإسلامية. برأيك هل ستقتصر المنظومة السياسية للحركات الإسلامية في المنطقة العربية فقط؟ - في روسيا وأمريكا هناك شبكة المراكز الإسلامية والمساجد وبريطانيا نفس الشيء، والآن الشبكة الإسلامية هي التي تقف أمام العولمة والإمبريالية العالمية، أما في أفريقيا فإنها حتى المناطق الضعيفة في أفريقيا، فالآن دولة مالي الشعب الثاني في الفقر قامت وسط الطوارق والربيع الأفريقي المنتظر سيكون من نصيب الحركات الإسلامية في المنطقة، سواء كانت جماعات أنصار السنة والدعوة والجهاد في نيجيريا التي يطلق عليها بوكوحرام، أو أنصار الدين في أوغندا أو عباد الرحمن في السنغال وفي تنزانيا وليس هناك بديل للحركات الإسلامية. دولة جنوب السودان تتخوف من هذا الربيع الأفريقي الذي يأتي بالإسلاميين وقد أعلن رئيس حكومة الجنوب سلفا كير أنه يحارب الشمال خوفاً من انتشار الإسلام في أفريقيا، ما تعليقك؟ - ليست هذه مهمة جنوب السودان، مهمتها تكمن في تنمية جنوب السودان، والجنوب الآن معرّب واللغة المشتركة هناك هي عربي جوبا، ومهما فعل سلفا لن يستطيع تغيير هذا الواقع، لأن قانون المناطق المقفولة لم ينجح قبله، كما أن الإسلام انتشر في أوغندا وقد حكمها مسلم من قبل، والآن إذا الناظر إلى كينيا يجد أن الأسر الإسلامية كبيرة والجامعات الإسلامية منتشرة في كينيا وكمبالا، وكينيا فيها كلية سيكا للشريعة وتنزانيا بها جامعة إسلامية وفي زنجبار كلية تابعة لجامعة أفريقيا العالمية، ونسبة المسلمين في كينيا 65%وفي يوغندا حوالى 60%فهذه المناطق تحررت كلها وليس من الشرط أن يأتي الإسلام إلى جنوب السودان من السودان، سيأتيه من المناطق التي يظن أن ليس فيها سوى المراكز الكنسية وسينتشر الإسلام في جنوب السودان من أوغندا وليس من السودان كما هو مزعوم، والإسلام الآن لا يمكن أن يحارب إلا إذا كان سلفا يريد مشاكل، فحتى دول كبرى مثل أمريكا وروسيا والصين والفاتكان تتحاور معه وتحاول أن تجد تعايش أديان، وما يطلقه سلفا كير أو غيره مجرد تهريج ليس إلا. هناك حديث سوزان رايس مندوبة الولاياتالمتحدة بالأمم المتحدة، نصحت فيه حكام دولة الجنوب للإسراع في إسقاط حكومة الخرطوم لأن الثورات العربية ستأتي بالإسلاميين الذين سيقوونها؟ - هذا معروف لكن لأن الانتخابات القادمة في أمريكا ستكون بعد ستة أشهر، وأعتقد أن الخط الرسمي للحكومة الأمريكية وحتى سوزان رايس لا يريدون أي مشاكل مع السودان ليحافظوا على مستوى النجاح الذي حدث في السودان حتى لا يدخلوا صفر اليدين في السياسة الخارجية التي هي كلها فاشلة، فقد فشلت في الصومال والعراق وأفغانستان ونيجيريا ومالي، لذلك لابد من تعزيز موقفهم، ومعروف أن هناك خطاً كبيراً يرفض التعاون مع المؤتمر الوطني يقوده الممثل كلوني وجينداي فرايزر وسوزان رايس وغيرهما، ولتفادي هذه الأشياء يجب من الآن الإسراع باتفاقيات التكامل وإمضائها وفتح الاقتصاد وفتح العلاقات مع الدول العربية والأفريقية. بعد أن حكم الإسلاميون مصر، ما مدى تأثير ذلك على حكم الإسلاميين في السودان؟ - سيكون خيراً وبركة على السودان، فإذا تم تطبيق الحريات الأربع، فإن الحصار لا معنى له، وستكون هناك حرية لنقل رؤوس الأموال وحرية التنقل والعمل والتملك وغيرها، والسودان يجب عليه أن يقيم اتفاقيات تكامل ليست فقط مع مصر وليبيا ولكن حتى مع أثيوبيا وأريتريا وتشاد من أجل إنشاء سوق للدولار واليورو والفرنك، ولكي تقوى المنتجات المحلية، وعليه أيضاً اتخاذ سياسات اقتصادية مفتوحة ويحاول أن يكون مثل دبي. هل تتوقع أن تجمع الحركة الإسلامية بين النظامين في مصر والسودان، أم أن النظام المصري سيكون أقرب إلى المؤتمر الشعبي؟ - الحركة الإسلامية في مصر حركة مجتمعية قومية ولكنها غير موجودة في الدولة، على خلاف السودان الذي يوجد في الدولة بصور مختلفة ولم يمر عهد من العهود إلا كان فيه إسلاميون، فالحركة الإسلامية في السودان برزت من داخل المدرسة وجامعة الخرطوم والمؤسسات التعليمية الأخرى، بينما في مصر برزت في القرية والمسجد وكانت بعيدة عن الدولة وظلت 60 سنة تتعطش وتتشبث بالحياة، ولذلك سيكون تحديها كبيراً عشرة أضعاف تحديات الحركة الإسلامية في السودان، ولأنها تخاطب في العولمة وتشكل التاريخ، فإن العالم كله ينظر لما يحدث بها، وإذا كان اليهود هم الذين يقودون التاريخ، فالآن إسرائيل ترى الدولة الموازية لها مصر، فلذلك مهمة الإسلاميين في مصر ستكون كبيرة، لأنها مهمة تحتاج إلى الأقلية المبدعة وتحتاج إلى إبداع كبير وتحويل كل القوى السياسية المصرية إلى رجال مطافيء. معلوم أن الإسلاميين في السودان جاءوا للحكم عبر انقلاب والبعض يرجح لهذا السبب تعرضوا لإشعال الفتن، هل تتوقع إشعالها في مصر بالرغم من أن الإسلاميين جاءوا برغبة الشعب الذي فضلهم على غيرهم ولم يحكموا مصر حتى يشكك في تزويرهم للانتخابات؟ - مصر ستكون فيها حرائق سياسية واقتصادية واجتماعية وليست كل القوى السياسية مع الإسلاميين، فإذا لم يتحولوا إلى رجال إطفاء سيتحولون إلى مدد لإشعال الحرائق خاصة أن إسرائيل ستسعى إلى إشعالها من أجل إفشال الصحوة الإسلامية، وأمريكا والقوى الحاقدة ستنقل الحصار من غزة والسودان ليصبح حصاراً على مصر، فلذلك لابد أن تكون الأمور والسفينة محكمة للقيادة، والنموذج السوداني قدم نموذجاً لابد لإخوتنا المصريين أن يتفادوه، في مصر الحركة الإسلامية جاءت نتيجة دفع ديمقراطي وانتخاب حر ولكن في السودان جاءت نتيجة لدفع انقلابي وكلا النموذجين له فاتورته وتكلفته وضرائبه.