أطرف الحكايات عن بعبع الإنقاذ بطلها طبيب إستشاري سوداني مختص في طب الكوارث ، الطبيب تعاقدت معه جهة مختصة في دولة خليجية من مكان إقامته في أوربا ، وبعد أن إنخرط في عمله ، إكتشف أن مسمى القسم الذي يعمل به « إدارة الإنقاذ وطب الطواريء « وفي حينها حاول صاحبنا الفرفرة من القسم وطلب نقله فورا من القسم إلى موقع آخر ، ولم يكشف الطبيب الهمام طبعا أن كلمة إنقاذ تجعله يشعر بالأرتكاريا في المخ والمخيخ ، والشيء الغريب أن إدراته رضخت لمطالبه وتولت نقله إلى موقع آخر . وقال الطبيب في حيثيات إفادته لأصدقائه المقربين أنه عاني كثيرا من تعسف السلطات في السودان خلال دراسته في الجامعة وتوالت عليه الضربات الإنقاذية بعد تخرجه ، وأخيرا إستطاع أن يفر بجلدة ويواصل دراساته العليا في طب الكوارث خارج السودان . على فكرة دعوني أتحدث بصراحة وبدون لف ولا دوران وأقول بالفم المليان أن الإنقلابات العسكرية في العالم التالف قصدي الثالث ونحن طبعا من ضمن هذه الكورجة المعتبرة ، سرعان ما تنطفيء مثل فانوس في مهب الريح ويصبح الإنقلاب العسكري مجرد أحداث في دهليز التاريخ ، وهاكم الدليل على ذلك فمثلا ثورة 23 يوليو بعد عقود طويلة تلاشت وأصبحت نسيا منسيا ، وبعد ثورة 25 يناير الشعبية في مصر لن يكون لثورة يوليو أي حضور في الوعي الجمعي ، وفي السودان فإن إنقلاب الفريق إبراهيم عبود تلاشى وطواه النسيان بعد ثورة إكتوبر الشعبية ، كما أن إنقلاب مايو تلاش بعد إنتفاضة إبريل وأنزوت مايو وحتى الأهازيج التي كانت تمجدها وتمجد رمزوها ذهبت إلى إرشيف التاريخ ، والآن على حكومة الإنقاذ أن تستعد وتعرف تماما أن مسمى ثورة الإنقاذ لن يستمر في الوعي الجمعي لدى الذائقة السودانية ، فكما حدث لجميع الإنقلابات التي تسمى زورا ثورات فإنها سوف تتلاشى وتصبح في خبر كان وإخواتها ومادة في كتب التاريخ ليس الا ، ومن هذا المنطلق أدعو أن لا تأخذ النشوة الممسكين بزمام السلطة وأن عليهم ترطيب العلاقة المأزومة بينهم وبين الشعب حتى تكون لهم ذكرى عطرة لدى الأجيال المقبلة ، فالتاريخ يا جماعة الخير لا يرحم , وكل حراك سيمضي إلى غير رجعة . للأسف أن الممسكين بالسلطة في الراهن يدركون تماما أن التاريخ سيكون شفافا وفي الغد ستنقلب الموازين وتتلاشى العنتريات التي ما قتلت ذبابه ويبقى الوطن شامخا ، ورغم ذلك يتمادون في العنجهيات الماسخة ، سجل يا تاريخ سجل ، واللي يزعل يزعل قدامو النيلين .