قبل أن اتخذ العلاقات العامة والاعلام مهنة كنت معلماً باحدى الدول العربية فانبرى لي طالب في المرحلة الثانوية وقدم أسئلة لا علاقة لها بالدَّرس حيث كنت أدرسهم مادة الكيمياء فقال: يا أستاذ كيف يعذب الانسان في القبر أو يعيش في نعيم وهو عظام رميم بالية؟ وكيف تكون الملائكة والجن بيننا ولا نراها؟ قلت له: أنا مؤمن إيماناً يقينياً بهذا، ولكن دعني أبحث في الأمر حتى لا تكون اجابتي سبباً في إبعادك عن الله ثم ظللت أبحث في كتب العقيدة والتفسير وخذلت كثيرًا وأكثر ما خذلني كان ما يسمى بالعقيدة الطحاوية التي تتناول قضية الإيمان تناولاً أكاديمياً بحتاً لا روح فيه حتى وقعت يدي على مؤلف قيم وعصري للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني استرشدت به كثيرًا للإجابة على أسئلة هذا الولد الشقي.جئت بعد بضعة أسابيع من البحث المضني وتأكدت أن جميع الطلاب الذين سمعوا تلك الأسئلة الصاعقة هم حضور فسألت ذلك الطالب هل تنام يا فلان؟ قال: نعم قلت: وهل ترى في المنام أحلاماً ورؤى.؟ قال: نعم قلت احك لنا حُلماً رأيته قال: رأيت مرةً في المنام أني أسير على طريق الأسفلت، وجاءت سيارة مسرعة فدهستني، وكسرت أرجلي ويدي وما وجدت من يسعفني قلت له: وهل كنت تتألم ؟ قال: ألم شديد قلت وكنت تعرف من أنت قال: نعم وأضاف كان الألم في جسدي بسبب الكسور وكان الألم في نفسي بسبب عدم وجود من يسعفني وحتى بعد أن صحوت من النوم كنت متألما ومنزعجاً لبضع دقائق ولم أهدأ إلا بعد أن تأكدت أنه حلم مضى!! سألته عندما كنت نائماً وأنت على تلك الحالة من الألم والعذاب هل كان الذين حولك يرونك نائماً أم يرونك مكسرًا فوق الأسفلت، وتسيل دماؤك وتتعذب؟ قال يروني نائماً قلت له: كذلك الميت أنت تراه ميتاً وهو يعذب! كما تعذبت أنت وتألمت ثم سألته أن يحكي لنا رؤيةً طيبةً فقال: إنه كان مرة صائماً ونام في نهار رمضان وهو عطشان جوعان فرأى أنه في بستان يانع الثمار، وارف الظلال عذب المياه، فأكل وشرب واستظل، سألته وهل كنت تتذوق طعم الثمار، وتفرق بينها ؟ قال نعم وتستعذب الماء وترتاح للظل؟ قال نعم وهل كنت تعرف من أنت؟ قال نعم وقال: صحوت من النوم شبعاناً ريان وكأنني فعلا أكلت وشربت فسألته والذين كانوا حولك هل يرونك نائماً على سريرك أم سارحاً في البستان تأكل وتشرب ثم تستريح؟ قال: هم يروني نائماً قلت له كذلك الميت يراه الأحياء ميتاً وهو يتنعم فيما لايرون وكل هذا موجود في آيةٍ واحدةٍ في سورة الزمر (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل مسمى ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (42) وأما سؤاله كيف تكون الملائكة والجن بيننا ولا نراها؟ فالاجابة عنه يوم الاثنين القادم باذن الله تعالى. ورمضان كريم