قال باحث إستراتيجي في العلاقات الدولية إن أهمية التعاون الاقتصادي بين السودان ومصرللمحافظة علي قوة وحيوية العلاقات الثنائية بين البلدين تتطلب صياغة استراتيجية متكاملة للشراكة تشارك فيها كافة المنظمات والقوي السياسية. وشدد الباحث عمر صديق البشير باحث استراتيجى فى العلاقات الدولية على ضرورة المحافظة علي العلاقة و ديمومتها وحمايتها من التقلبات السياسية وذلك باقرار تلك الاستراتيجية وعرضها علي المؤسسات الدستورية والتشريعية في البلدين واعطاء الاولوية في اجهزة الاعلام وتوجيه الراي العام بالبلدين لترسيخها وشرحها لحشد الدعم والسند الجماهيري لها. وطالب البشير بالاهتمام بزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين لتكون المحرك الفعلي للعلاقات السياسية واساسا للتكامل العربي الافريقي المنشود واستقطاب الاستثمارات خاصة من الدول العربية لتمويل مشروعات التعاون الزراعي والصناعي بين البلدين مع التركيز على التعاون الاقتصادي بين مصر والسودان ودول حوض النيل لتامين المصالح المشتركة لدول الحوض وبناء تكتل اقتصادي اقليمي لمواجهة تحديات العولمة الاقتصادية. ونادى بالمسارعه و التطبيق الفوري وبصورة تامة لاتفاقية الحريات الاربع مع التنسيق الكامل بين البلدين لمعالجة أي اثار سالبة او مهددات قد تنشأ من جراء التطبيق و توحيد وتنسيق السياسات والمواقف الخارجية للبلدين علي المستويين الاقليمي والدولي عن طريق الحوار والتواصل الفعال بين المؤسسات الرسمية والشعبية في البلدين . ووفق ما يقول الباحث الاستراتيجى فى العلاقات الدولية(هذه الشراكة الإستراتيجية تستهدف في حدها الأعلى الوصول التدرجي إلى عملة موحدة وجواز سفر موحد) ويشير الى ان التحالف بين البلدين لابد ان يقوم علي تعاون اقتصادي نابع من رؤية استراتيجية كلية لشراكة استراتيجية متكاملة تكون اطارا مدروسا ومخططا لمتطلبات وخطوات مستقبل العلاقات بينهما)، مع احتفاظ كل دولة بسيادتها ونظامها السياسي وأطرها الثقافية والاجتماعية الخاصة بها. ويطالب الباحث الدولتين بتوفير الحماية والرعاية وتذليل العقبات أمام انطلاق الحركة المتبادلة (في الاتجاهين) للأفراد والسلع ورؤوس الأموال وهي من شروط ومتطلبات انجاح التعاون الاقتصادي الكامل الذي يؤدي الي التكامل والوحدة علي قرار ماحدث في اوربا والذي تطور الي مرحلة قيام الاتحاد الاوربي والعملة الاوربية الموحدة . وعبر عن ذلك فى ورقته البحثيه بعنوان (اهمية التعاون الاقتصادى بين مصر والسودان فقال (يجب أن تنهض الشراكة الاستراتيجية على أساس اقتصادى وظيفى يسعى لإحداث تبادل اقتصادى وتجارى واسع النطاق يشمل كل مراحل العملية الإنتاجية والتنموية، ويسير وفى إطار تواصل مجتمعى على المستويات الثقافية والإعلامية والاجتماعية، بحيث تعود حركة التواصل بين البلدين فى الاتجاهين بما يخدم مصالحهما معا على أن يكون عماد هذه الحركة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى.). واكد الى ان التربة مهيأة أكثر لتحالف أكبر بين مصر والسودان نظرا لطبيعة وخصوصية العلاقات بين البلدين وتوفر الأساس القانوني لهذه الإستراتيجية في اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين ، داعيا الى الوعي بهذه الرؤية واتخاذها مرشدا وهاديا للعلاقات بين الدولتين وشرحها والتبشير بها وجعلها على قمة ورأس الاهتمامات، لدى الأجهزة الرسمية والتنفيذية و النخب والرأي العام بمعناه الواسع والعريض، واضاف ان الشعوب هي التي يجب أن تحمل هذه الرؤية، وتسعى لتنفيذها ، لانها صاحبة المصلحة الأساسية فيها. ونبه الباحث الى الوضع الراهن الذى يعيشه البلدان والتحديات الدولية والاقليمية التى تفرض على الجانبين اعادة النظر فى علاقتهما الثنائية وعلى وجة الخصوص الاقتصادية على اسس متينة قوامها الشفافية والمصداقية . على صعيد متصل ذكرت صحيفة الإتحاد الظبيانية دون ان تشير الى مصدر الخبر ان الحكومة المصرية أكملت وضع خطة متكاملة لتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري مع السودان، باعتباره يمثل عمقاً اقتصادياً استراتيجياً لمصر في ضوء التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية المصرية بعد انتفاضة 25 يناير. وتأتي هذه الخطة مقدمة لخطة طويلة الأجل تشمل الأسواق الأفريقية بصفة عامة، ودول حوض النيل السبع، حيث تتمركز مصالح مصر المائية بصفة خاصة، وتمهيداً لاستحداث وزارة مستقلة للشؤون الأفريقية طالبت بها العديد من الأحزاب والقوى السياسية خلال الفترة الأخيرة. وبدأت بعض الوزارات المصرية، خاصة وزارة النقل، في تنفيذ بعض محاور خطة التكامل المصري السوداني بالفعل، لاسيما أن الخطة تشمل العديد من المحاور التنموية المتوزعة على قطاعات النقل والزراعة والقطاع المالي وتمكين شركات القطاع الخاص المصرية من الحضور بقوة في السوق السودانية. وحسب معلومات حصلت عليها (الاتحاد)، فإن هذه الخطة تشمل استصلاح مساحات شاسعة من أراضي السودان وزراعتها بالمحاصيل الاستراتيجية ، وفي مقدمتها القمح والذرة والزيوت عبر شركات مشتركة، يساهم في رأسمالها بنك التنمية والائتمان الزراعي المصري وعدد من شركات القطاع الخاص المصرية المهتمة بالاستثمار في السودان، مثل مجموعات (بهجت) العائدة لرجل الأعمال أحمد بهجت و(القلعة) و(السويدي) و(النجار)، وغيرها، لا سيما أن هذه المجموعات تتمتع بوجود فعلي في القطاع الزراعي السوداني كما تشمل الخطة إفساح الطريق أمام القطاع المالي، خاصة البنوك المصرية للحضور بقوة في السوق السودانية ، وتعزيز الروابط بين الكيانات الاستثمارية في البلدين، وبدأ هذا الوجود بإنشاء بنك مصري سوداني مشترك يساهم فيه البنك الأهلي المصري أكبر بنوك القطاع العام حجماً بحصة رئيسية في رأسماله، إلى جانب وجود بنك آخر في الخرطوم مملوك لمجموعة (القلعة)، وهو البنك المصري السوداني، وكذلك مساعدة البنوك الأخرى بافتتاح مكاتب تمثيل لها في العاصمة السودانية. والمحور الثالث من الخطة، تقديم الحكومة المصرية التسهيلات كافة وآليات الدعم اللازمة لشركات القطاع الخاص المصرية الراغبة في العمل في السوق السودانية لأول مرة، سواء كان هذا الدعم مالياً عبر توفير التسهيلات الائتمانية اللازمة لها أو قانونياً وإدراياً عبر مساعدات تقدمها السفارة المصرية في الخرطوم. أما المحور الأخير، فيتعلق بإنشاء أربعة محاور رئيسية للنقل والربط البري بين مصر والسودان لتسهيل حركة انتقال البضائع والأفراد بين الجانبين، لا سيما أن تدهور الطرق كان يعد أحد الأسباب الرئيسية لضعف حركة التجارة بين البلدين، وعدم استفادة الجانب المصري من توافر العديد من السلع في السوق السودانية التي تحتاج إليها السوق المصرية بسبب صعوبات النقل. ويهدف هذا المحور لحل مشكلة النقل بين الجانبين بصورة جذرية عبر البدء الفعلي في تنفيذ هذه المحاور الأربعة التي تشمل محور شرق النيل بطريق قسطل وادي حلفا وطوله 58 كيلو متراً، منها 34 كيلو متراً داخل الأراضي المصرية و24 كيلو متراً داخل الحدود السودانية. والمحور الثاني محور شرقي على البحر الأحمر، ويصل بين السويس والغردقة وسفاجا حتى شلاتين بطول 1080 كيلو متراً في الأراضي المصرية و280 كيلو متراً داخل الأراضي السودانية، وقامت الحكومة المصرية بإنجاز 140 كيلو متراً حتى الأراضي السودانية، كما يوجد محور ثالث غرب النيل من توشكي إلى أرقين داخل الحدود السودانية بطول 110 كيلو مترات داخل الحدود المصرية و360 كيلو متراً داخل السودان. أما المحور الرابع، فهو محور نهري، محور وادي النيل الذي يتم من خلاله نقل البضائع والركاب بدءاً من بحيرة ناصر في أسوان وحتى وادي حلفا بطول 350 كيلو متراً، منها 300 كيلو داخل المياه المصرية وتعمل عليه مراكب تابعة لشركة وادي النيل وهي شركة مشتركة بين الحكومتين المصرية والسودانية لنقل البضائع والركاب، إلى جانب إنشاء منفذين بريين جديدين على الحدود. وحسب هذه المعلومات، فإن التكلفة الإجمالية لمحاور الطرق والنقل التي بدأت وزارة النقل المصرية في تنفيذها والمقرر دخولها مجال العمل الفعلي في يونيو 2013 نحو مليار جنيه، جرى تدبير جزء منها في إطار خطة الاستثمارات المصرية العامة، بينما تم تدبير الجزء الثاني عبر قرض وفره بنك التنمية الأفريقي وبنك التنمية الإسلامي الذي يتخذ من جدة بالسعودية مقراً رئيسياً له. وحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن الخطة المصرية تستهدف مضاعفة حركة التجارة بين البلدين بنحو أربعة أضعاف خلال السنوات الخمس المقبلة، لا سيما في ضوء التوجه الخاص بفتح المعابر التجارية بين البلدين على مدار الساعة، وتوافر سلع كثيرة في السودان بأسعار تنافسية تحتاج إليها السوق المصرية بشدة، ومنها الحبوب واللحوم والزيوت العطرية وبعض المنتجات الزراعية الأخرى مثل الأقطان والتمور وغيرها. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان حسب أرقام عام 2011 نحو 628 مليون دولار وهو مبلغ متواضع مقارنة بالقرب الجغرافي بين البلدين وإمكانية التكامل السلعي بينهما ويميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح مصر. في الوقت نفسه، سجلت الاستثمارات المصرية في السودان نمواً كبيراً خلال السنوات الأخيرة بفضل الحضور القوي للقطاع الخاص المصري في السودان، حيث بلغ حجم هذه الاستثمارات 7,7 مليار دولار تتوزع على 213 مشروعاً في المجالات الصناعية والخدمية والزراعية، بينما يبلغ حجم الاستثمارات السودانية في مصر نحو 184 مليون دولار تتوزع على رؤوس أموال 257 شركة، منها أكثر من 140 شركة مشتركة، أي برؤوس أموال مصرية وسودانية، وتعمل هذه الشركات في القطاعات الاستثمارية كافة دون استثناء في السوق المصرية.