الإنسان عدو ما يجهل، لكنّه مع ذلك فضولي وباحث عن المعرفة ويريد الوصول إلى مافي داخل الصندوق المغلق، وكلما منعته من شيء ازدادت رغبته في الوصول إليه، لذلك تحذر الدول والمنظمات والجمعيات والأفراد وأولياء الأمور من التدخين وأنه ضار بالصحة ويسبب أمراض القلب وضيق الشرايين وكل أمراض الصدر بدءاً من الربو مروراً بالحساسية والالتهابات الحادة وانتهاء بالسرطان.. ورغم ذلك تمتد أيدي الصبية والصغار - دون العشرين - خلسة إلى الصندوق المغلق لتجربة أول سيجارة، ليصبح المجرب أسيراً لعادة ذميمة مضرة، وهي كذلك بالفعل وقد جاء حكمي عليها بالتجربة الطويلة المفضية إلى غرف العناية المكثفة. بالأمس جاءت مادة هذه الزاوية عن «الشيشة» وطالبنا بإيجاد ضوابط لاستخدامات الشيشة في المقاهي العامة لا منعها مرة واحدة، وإلا فليصدر قرار المنع شاملاً للتدخين والتمباك معاً إن كنا نبحث حقاً عن صحة المواطن.. لكن أن تمنع ماهو مضر وتسمح بما هو أضر فإن الأمر يطرح أكثر من تساؤل عن أسباب المنع والفسح.. وهل هناك من هو مقصود بتعطيل عمله عندما نقرر الإيقاف (؟).. وهل نسكت عن التدخين (السجائر) لأن لمصانعه عائدات ضخمة بالنسبة للضرائب ورسوم الإنتاج والعوائد..؟.. ما كتبنا عنه جاء بردود أفعال ما كنا ننتظرها، لكنها جاءت على كل حال ومنها آراء جريئة تطالب بعدم التدخل في الشأن الخاص للمواطن أي عدم محاولة حظر (الكيف الخاص) كما قال قاريء - أحتفظ بأسمه لدي - أو كما قالت قارئة رمزت لنفسها باسم «لبنى» وطالبت الوالي والولاية بالإهتمام بقضايا أكبر والعمل على تخفيف أعباء المعيشة وإيقاف ما أسمته بزحف البص الأخضر المنظم على جيوب المواطنين، والتدخل لضبط أسعار السلع الاستهلاكية والمواد التموينية الضرورية. آراء عديدة ضد التدخل في عمل المقاهي الخاصة إلا إذا تم منع التدخين عموماً في الأماكن العامة، وحظر استخدام الصعوط (التمباك) وبصقه في الأماكن العامة والطرقات مثلما يحدث في كثير من دول العالم التي تمنع البصق في الشوارع وتقوم بتغريم من يفعل ذلك. من طرائف المدخنين ما يروى عن السير ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأشهر والضابط الذي شارك في غزو السودان ضمن حملة كتشنر عام 1898م وصاحب الرصد الدقيق للحملة من خلال كتابه المعروف ب (معركة النهر).. فقد كان تشرشل مدخناً شرهاً طالبه المقربون منه بالامتناع عن التدخين أكثر من مرة فضحك وقال لهم إنّ هذا هو أسهل شيء في الوجود، فقد سبق له أن ترك التدخين أكثر من ست مرات. و.. جمعة مباركة..