في الأيام الماضية سنَّت الدول قوانين للحد من استخدام التدخين للأثر السلبي الكبير على غير المدخين، فرغم أن أثر التدخين والأثر السلبي يظهر بعد سنوات إلا أن ذلك الأثر له أضرار ومضاعفات فائقة يعجز عنها التدخل العلاجي للتماثل للشفاء التام، بل يدخل مريض التدخين في بتر الأطراف السفلى أو ربما الموت بسبب ضيق التنفس، أو الإصابة بالجلطات القلبية أو الدماغية، وبهذه الأسباب منع التدخين في الدول الأوربية جميعها في الأماكن العامة، وفرضت شركات الطيران ضرائب مادية على المدخن أدت نتائجها للإقلاع عن ممارسة التدخين في أثناء الرحلة، وعندما فقدت الشركات الموزعة والمنتجة سوقها في الدول الأوربية والعالم المتقدِّم لجأت للدول الفقيرة؛ لأنها تعتبر التدخين (مصدر تباهي اجتماعي) والغريب في الأمر أننا في السودان في الثمانينيات حظر قانون المهدية استعمال (السجائر والتمباك) فقلل ذلك الحظر من ظهور الآثار ولكننا نجده انتشر في الآونة خاصة وسط النساء.. حول التدخين حاورنا د. حمد علي الترابي استشاري الباطنية والصدرية رئيس جمعية اختصاصيي الصدر سابقاً فإلى ما أفادنا به: حوار: رباب حسن ما مدى أثر التدخين على الجسم؟ لديه ضرر على جميع أعضاء الجسم، الشرايين والأوعية الدموية والقلب والرئتين والدماغ. ما هو الأثر المباشر للتدخين على الجسم؟ يؤثر التدخين أثرًا مباشراً بازدياد الالتهابات العادية (الرئتين التهاب الجهاز التنفسي العلوي الالتهاب الرئوي والدرن).. وأيضاً يؤثر في إحداث التهاب الشعب الهوائية المزمن الانسدادي، وهي التي تحدث ضيقًا في التنفس وصعوبة أداء وظيفة الرئتين، وأخطر المضاعفات هي التي تصل مرحلة غير قابلة للعلاج وينتهي الأمر بحاجة المدخن لاستخدام الأوكسجين الصناعي بصفة دائمة.. والشيء الثالث الأكثر خطورة هو إصابة المدخن بسرطان الرئة، ويسبب التدخين سرطان المريء والمعدة والمثانة والبنكرياس، وللتدخين أثر رابع وهو التأثير على القلب والشرايين، حيث يؤدي إلى حدوث الذبحة الصدرية والنوبات القلبية، وبتأثيره على الشرايين يؤثر على الشرايين الطرفية السفلى بوصول الدم إليها بكميات قليلة جداً خلال الأوعية الدموية الدقيقة في الأطراف السفلى ويؤدي إلى حدوث الآلام والقروح والتنميل وعدم الإحساس ومن ثم البتر وهنالك تأثير من التدخين على المدخن لا يقل خطورة عما ذكر فهو الأثر الدماغي حيث يُحدث انسدادًا في شرايين الدماغ ويؤدي إلى شلل نصفي أو جزئي أو لحدوث السكتة الدماغية وينتهي الأمر بالوفاة. هذا بالنسبة للمدخن فما هو أثر التدخين على الذين من حول المدخن؟ الآثار التي ذكرت على المدخن أيضاً ينتقل أثرها على من هم حوله، ويسمى الأثر السلبي نسبة للإصابات لتأثيره بالمجاورة، حيث إن المدخن يمارس التدخين في وسط الأصحاء إن كان ذلك في المواصلات العامة أو في مكتب عملي أو غرفة منزلية. لماذا يقع المدخن في ممارسة التدخين كعادة؟ يُحدث التدخين إدمانًا، حيث إن السجائر تحوي عدة مواد منها مواد تؤدي للإدمان مثل النيكوتين، إضافة إلى مواد مسرطنة وهذه بالعشرات مثل مادة القطران.. لكن الذي نراه أن المدخن يستخدم السجارة باعتبار أنها ذات دخان بسيط؟ هذا صحيح، ولكن الدخان المنبعث من تدخين السجائر يمتصه الجسم بواسطة الفم بسرعة فائقة تصل إلى الدماغ في ثوانٍ معدودة وبهذا التسرّب تحدث الإصابات المذكورة آنفاً.. وهل يعني ذلك أن عدد السجائر المستخدمة في اليوم تزيد من احتمال الإصابات؟ يزداد ضرر التدخين بازدياد استهلاك المواد المدخنة ويستوي في ذلك التدخين بطرقه المتعددة (الشيشة والكدوس وغيره). تعتبر الشيشة (مصدر تباهي اجتماعي حديث) وهي أيضاً تعتبر من المواد التي تساعد في زيادة الحجم.. فما رأيكم؟ دخلت الشيشة على مجتمعاتنا حديثاً وهي منقولة من الدول العربية المجاورة وانتشرت وسط النساء بفهم أنها (تزيد من حجم الصدر والأرداف) وأنها لا تتسبب في مضاعفات التدخين المعروفة؛ لأن دخانها يخفف عبر الماء، وفي حقيقة الأمر أن دخان الشيشة له أثر أكبر من السجائر؛ لأن حجر الشيشة الواحد يساوي عشرات السجائر، كما أن الشيشة لها أثر سلبي كبير؛ لأنها تمارس في الأماكن المفتوحة التي تعج بالأشخاص الموجودين غير مدخنين لها. هذا هو الواقع على مستخدم السجائر العادية والشيشة فماذا عن مدخن الحشيش؟ تدخين الحشيش هو نوع مختلف تماماً عن غيره من أنواع التدخين الآخر وهو يختص بالإدمان ويتميَّز بالأثر السلبي المدمر للجهاز العصبي ويعتبر مخدرًا من المخدرات ذات الأثر العالي لكن الأثر السلبي لتدخين الحشيش محصور نسبة للسرية في ممارسته. كيف يمكن الإقلاع عن التدخين؟ الإقلاع يصبح ضرورة للحفاظ على الصحة، وخطة الإقلاع هي قناعة المدخن وإرادته في الإقلاع.. هل توجد أدوية مساعدة للإقلاع عن التدخين؟ لا توجد أدوية تجعل الشخص يقتلع عن التدخين من جذور نفسياته لكن توجد معينات للإقلاع وتوجد أدوية معينة لتخفيف أثر الإقلاع عن التدخين وهنا يأتي دور العيادات المتخصصة لمساعدة المدخن على الإقلاع. أين توجد العيادات المتخصصة وكم عددها في السودان؟ في السودان الآن لدينا عيادة واحدة للمساعدة على الإقلاع وهي موقعها مستشفى الشرطة وتعمل على متابعة المدخن ومعاونته للتخلص من التدخين باستخدام المعينات النيكوتينية التي توجد في أشكال مختلفة. ما هي المعينات النيكوتينية وما هي أشكالها؟ وضع النيكوتين في أشكال مختلفة لمساعدة المدخن على الإقلاع عن التدخين فهي توجد في شكل لصقة توضع على الكتف تحتوي على النيكوتين أو في شكل لبان مشبع بالنيوكتين أو في السجائر الإلكترونية فتوفير هذه المعينات مع توفير الدعم النفسي يساعد على الإقلاع. هل تتسبب تلك المعينات النيكوتينية في إلحاق أي أضرار على مستخدميها؟ لا تحدث المعينات آثارًا سلبية لاحتوائها على النيكوتين فقط وهنا يعمل النيوكتين على تقليص الحاجة الذهنية للتدخين (فك الخرمة) ولا تحتوي تلك المواد على أي مواد مسرطنة فقط يجب على مستخدميها استخدامها بواسطة إشراف طبي حتى لا تؤثر سلباً على مستخدميها إذا ما زادت عن حدها. في السوق أنواع عدة من السجائر يقال إن النعناع أخف عن غيره؟ الحقائق المؤسفة رغم أن التدخين في انحسار في الدول المتقدمة لزيادة الوعي وسن القوانين وقلة الآثار الناتجة منه إلا أنها زادت في الدول النامية كذلك لأن الشركات المنتجة والموزعة عندما فقدت أرضيتها في الدول المتقدمة اتجهت إلى الدول النامية للحفاظ على السوق باختلاف أشكاله ونكهاته كل ذلك للحفاظ على السوق وليس على صحة المدخن.. انتشار التدخين وسط الناس عموماً حتى في كل العالم فهو في ازدياد وبالتالي متوقع زيادة آثاره السلبية وذلك لأن آثاره التراكمية تظهر بعد سنوات عديدة وعند استخدام المهدية بسن القوانين لمنع التدخين أتت آثاره على المدى البعيد بخلو المجتمع من الآثار السلبية للتدخين وظهرت بعد رجوع المجتمع السوداني عن تلك الممارسات وستظهر بصورة أكبر إذا ما استمر الحال على الوضع في المدى البعيد بصورة سلبية أكبر. لطالما أن التدخين يتسبَّب في كل تلك المضار للمدخن ومن حوله فما الذي ينبغي على المجتمع من حول المدخن؟ لإيقاف المدخنين من ممارسة التدخين حتى على الأقل في الأماكن العامة هذا هو دور الإعلام أولاً فهو يجب عليه نشر ثقافة عدم ممارسة التدخين في أوساط مكتظة أو المنزلية للأثر السلبي الناتج منه وقد قامت الدولة بسن القوانين التي تحد من انتشار ظاهرة التدخين بأنواعه المختلفة وذلك للحد من أثره السلبي في المجتمع وقد منعت استخدامه في الأماكن العامة مثل المواصلات العامة والمستشفيات والمكاتب، فقد منع التدخين في الأماكن العامة في كل الدول العربية والمتقدمة وقد فرضت شركات الطيران ضرائب مادية للمدخنين بها والآن أصبحت شركات الطيران لا يوجد بها مدخن واحد والعالم المتقدم ذهب مشواراً بعيداً في هذا الشأن.. عفواً كان في الحكومات السابقة في السودان ممارسة التدخين والتمباك من المحرمات؟ صحيح وفي الحكم المهدي منع المهدي استخدام السجائر والتمباك لأثرهما على المستخدم بإلحاق أضرار بالغة عليه وتأثير من حوله بها وفرضت ضريبة مالية على مستخدميها ومعنوياً أيضاً بوصف مستخدمي المكيفات من السجائر والتمباك بأنه كافر، وقد ساعدت تلك الفكرة كثيراً في الحد من استخدام السجائر ومنعت بذلك ظهور الآثار المترتبة من التدخين.. ما الذي يجب على مجتمعنا فعله لمنع التدخين؟ للإقلاع عن التدخين وإيقاف ممارسته في الأماكن العامة يجب أن يتكافل كل المجتمع في ذلك (من أطباء وعلماء ورجال دين ومعلمين وموظفين) وكل أفراد المجتمع بمختلف فئاته للمساعدة في تنفيذ القوانين المسنونة من الدولة للحد من ظاهرة التدخين لإيقاف آثارها السلبية على المجتمع.