ومازلت بين رحاب أحبتي وأصدقائي .. الزومة.. موسى.. والصائم.. ومازلت استمطر من مزن السحب.. الهائمة والحالمة في جوف الشتاء بالخريف.. استمطر رذاذاً من أماني.. وعينة من دعاء.. ووابلاً من «شحدة» للواهب العطاي أن يسبغ عليهم نعمته.. ويمتعهم بوافر وموفور الصحة.. وأن تظل ديارهم أبداً سحباً بيضاء من السعادة هم وعائلاتهم الكريمة. ولهم أقول.. إنكم قد دافعتم عن الإنقاذ منذ لحظة انطلاق إعصارها.. الذي أفرحكم.. وأحزننا.. دفاع المستميت.. المقتنع.. بها وبأهدافها.. وما استبقيتم شيئاً.. كنا نحس بل نتذوق الصدق في كل كلماتكم وبين حروفكم.. فقط لأنكم أهل وجعة وأصحاب حق.. وجند «حركة إسلامية» نذرتم لها أعماركم.. وأفنيتم على ضوء المصابيح نور عيونكم.. والآن.. وبعد أن فتح أخوانكم باباً للمؤلفة قلوبهم، وأعادوا مرة أخرى سهم المؤلفة قلوبهم الذي كان قد أوصده بالضبة والمفتاح أمير المؤمنين الراشد عمر بن الخطاب.. فاندفعت كما السيل فرق وفيالق وكتائب من المؤلفة قلوبهم إلى دياركم عشماً في دنانير.. أو دبابير.. أو «كراسي».. أو حتى «بنابر» أقول.. آن لكم أن تتوقفوا عن الكتابة دفاعاً عن الإنقاذ.. وذوداً عن حياضها على الأقل في هذه العشرة الأواخر من رمضان.. وأن تلزموا المساجد متهجدين قانتين منتظرين ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. وأن تدعوا الدفاع عن الإنقاذ إلى هؤلاء «المتوركين الجدد».. والملكيين الذين هم أشد صرامة من الملك نفسه.. أقول ذلك.. رفقاً بكم.. فقد انفقتم أنضر سنوات أعماركم، وأنتم ترابطون في ثغور حركتكم الإسلامية.. وأن تتركوا هذه المهمة لجيش المؤلفة قلوبهم، حيث لا تأخذكم بهم رأفة.. وحيث إنهم قد «قبضوا» أثمان هذا العمل مقدماً.. وحيث الحديث الصريح.. والكلام الواضح الفصيح.. إنه من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل.. وبالمناسبة أن حكومتكم «مفتحة» وتعرف تماماً «الكفته فيها كم رزه».. وأن ألاعيبهم و«حركاتهم» لا تنطلي على قائد مركبكم وربان سفينتكم الدكتور نافع.. الذي يعرف تماماً التلويح بالجزرة.. ويبدع تماماً بالإمساك بالعصا.. بالله عليكم لا تكترثوا لمشاعرهم.. ولا تأخذكم رحمة بإحاسيسهم.. تلك «مناطق» و «شعور» ولمسات إنسانية قد فارقوها فراق الطريفي لي جملوا، منذ أن «فارقوا» دياراً وأفكاراً قضوا فيها.. الحافل والكثير من السنوات.. و«كان مكضبننا» راجعوا كل الطرور الذي أتى به سيل المؤلفة قلوبهم.. تجدون شيئاً عجباً.. تجدون أن بينهم من كان يكيل للانقاذ «بالربع الكبير».. وفيهم من قال في الإنقاذ مالم يقله «لينين» في «تروتسكي».. وفيهم من كان يؤلف الإشاعات والأشعار والحكايات تشنيعاً وتحقيراً للإنقاذ.. وهاهو الآن يلتقط من معاجم اللغة حبات لؤلؤ الحروف.. يغزلها عقداً وضيئاً... ثم يطوق بها جيد الإنقاذ النضيد.. وفيهم من فطمه ذووه على الهتاف الذي كان له طعاماً وشراباً .. «الله أكبر ولله الحمد» ثم بعد «الإطعام» .. صار فقط «الله أكبر».. وفيهم من كان يشق حلقومه الهتاف المنغم.. عاش الصادق أمل الأمة.. وهاهو الآن يردد سراً وعلناً .. إن الصادق ضد الأمة.. هؤلاء أم أولئك الذين انشقوا عن جماعتكم.. وكانوا ركناً ركيناً فيها ثم يمموا شطر الملاح والربان التاريخي في مرثية حمدناها لهم حينها.. ولكن وبعد حصار «الفالوجه» الاقتصادي وبعد أن قطع عنهم الماء والنور وكاد أن ينقطع «الهواء» عادوا من تحت ظل السيف راكضين ومهرولين إلى الملاذ الإنقاذ.. وصاروا أكثر ضجيجاً وأعلى صوتاً وأكثر زعيقاً، وكل ذلك ليقولوا للأحبة في الإنقاذ... «لقد تبنا واستغفرنا وعليكم الله ارضو علينا ومكنونا، حيث نحن الآن» وكروا البصر جيداً.. لتروا من كانوا في المعسكر التاريخي الفكري المناوئ بل المقابل للمعسكر الإسلامي.. معسكر الأخوان المسلمين.. لتروا كيف أن هؤلاء قد بصقوا على ذاك التاريخ، بل داسوا عليه بالأقدام.. وصاروا أكثر المتهافتين.. والذين جاء بهم سيل المؤلفة قلوبهم.. أحبتي.. مع السلامة.. وكل عام وأنتم بخير.