على طريقة «جاءنا الآن ما يلي» كان مذيع نشرة الفجر يكشف عن تحركات شهدتها العاصمة المثلثة منتصف الليل.. المذيع كأنه يعتذر ينوه ويعد بالمزيد من التفاصيل في النشرة القادمة .. توالت الليالي الرمضانية و ولدت المزيد من أخبار التكريم لتعلنها عند الفجر ككل المفاجآت القومية التي يكون لها ما بعدها... من الواضح أن تكريم الدولة لرموز المجتمع الذين أعطوا وما استبقوا شيئاً اتخذ منحى آخر هذه المرة.. فاكتسى شكلاً مختلفاً ومضموناً لا يضاهى .. فيه ابتكار ومفاجآت.. وهذا واضح من ردود الفعل وتعليقات المحتفى بهم لحظة الفرحة الغامرة، وبيته يحتشد بحضور من هذا القبيل الذي اقتبسته الدولة من صميم ما تواضع عليه المجتمع السوداني من مظاهر التواصل والأفراح والطقوس المرجعية التي تحول صاحب الدار الى ضيف ، و« يا ضيفنا لوجئتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل».. الشاعر الصادق الياس يراها خطوة غير مسبوقة والصحافي الغيور الصبور المهني حتى النخاع شيخ ادريس بركات يقول هذه أول مرة يزور بيتنا كل هذا الحشد من رجال الدولة ونجوم المجتمع . سررت للرسائل التي كشفت عنها نبراتهم، وسررت أيضاً أن من لم اسمع صوتها بعد التكريم كانت قد قالت يوماً عبارتها الشهيرة قبل أن يشملها هذا الطواف الليلي المبرور «كرموهم قبل أن تؤبنوهم» وهي معلمة ووزيرة سابقة ومحاضرة بالجامعات الآن واسمها «نفيسة أحمد الأمين».. أحد رموز الحكومة ممن تصدر هذا التطواف المبرور قالها صراحة «الدولة إنما تحترم نفسها وتكرم نفسها حين تفعل مثل هذا».. قالها الدكتور جلال يوسف الدقير مساعد رئيس الجمهورية في ذات الطواف الاحتفالي البهيج أمام أبواب من أعطوا بلدهم وشعبهم دون انتظار، وأعلن بصوته الجهير المعروف وقامته المعتدة بنفسها أن ذلك جدير بانحناءة .. المتحدثون جميعهم ابدعوا على حالة فريدة توشحت بروح الشهر.. المصداقية والصفاء.. الأستاذ علي عثمان محمد طه وصف المحتفى به بانه «قامة ثقافية».. فتح باباً لمدح مستحق، له عندي منه نصيب بحكم العمل الشاق، والعشرة النبيلة.. وما قاله النائب الأول هو توثيق لحياة من جُبل على التوثيق للحياة السودانية بحكم المواقع والتخصص والميول والانتماء والثقة ونهم الاطلاع على تجارب الآخرين، وشمائل الاتقياء والأبرار من أبناء الشعب.. تحدث الأستاذ علي عثمان عن البروف عبد الله حمدنا الله ومكانته الثقافية الفريدة حتى ظننت أن المقصود هو «الانصاف» لا التكريم فقط.. لنقل أنها كانت زيارة للهدفين الاثنين معاً «الانصاف والتكريم» وأنها من رئاسة الجمهورية ومن مجلس الوزراء وخلال شهر صفته أنه «كريم » وغايته التقوى ومنها أن نتقي الله في حقوق الآخرين. القائمة شملت إعلاميين وصحفيين مشهورين ومبدعين لا يزالون يتدفقون عطاء.. رئيس اللجنة المنظمة وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء أفصح وأوضح أنه مشروع برعاية السيد رئيس الجمهورية ومشاركته الشخصية، كما تابعنا في بيوت أصبحت فجأة «تحت الأضواء» الغامرة. وإنها مبادرة قصد بها التواصل مع المبدعين والإعلاميين أي اولئك الذين اعتدناهم يصلون غيرهم ويتسون أنفسهم.. وأكد أنه مشروع بدا ليستمر مستثمراً المناسبات.. وهذه سانحة لنقول لمن ازدهت سيرتهم الذاتية بعرق السنين وهالات التميز مبروك مقدماً. الحديث عن «الاستمرارية» يدعو للتفاؤل بأن تمضي الدولة بروح رمضان لارساء قيم الإضافة والتحسين والاحسان وكلها من معطيات الابداع والاهتمام بالمبدعين الذين بامكانهم أن يضيفوا ويبتكروا في كل المجالات، كيما تتحسن صورة الاداء العام في الدولة وتتوازن وتستقر.. ليت ذلك يحدث.