للإنسان قدرات هائلة مستودعة في داخله وطاقات لا محدودة.. وإمكانات رهيبة لن يحسن استغلالها كلها حتى موته.. فللروح.. اسراء ومعراج في الملكوت المتسع المليء بالإدهاش.. والأسرار.. والعجائب.. وقد عرف الناس السحر.. منذ قديم الزمان.. وطوعوا قدراتهم «اللا محدودة» في الدخول إلى ذاك العالم المجهول الغامض.. الذي يذهل السمع والبصر ويطوع الإرادة لتأخذ بألباب الناس.. وعقولهم.. والهند القديمة.. من أشهر البلدان المعروفة بالسحر.. والتي يقال إن «سحرتها» يتعلمون السيطرة على الروح بالصوم.. واليوجا.. وقهرها بالحرمان وترك الشهوات حتى يستطيعوا السيطرة على الأجساد.. ورؤية «فقير هندي».. يرتفع جسده من الأرض.. وهو يجلس القرفصاء، ويعلو الناس وهاماتهم أمر طبيعي يمكن رؤيته.. هناك في تلك البلاد العجيبة.. فالسحر استرهاب لأعين الناس.. تجعل المخيلة ترى ما يريد الساحر أن تراه.. وتلك لعمري إحدى القدرات المستودعة في النفس البشرية البالغة التعقيد.. وبعض السحر حيلة متقنة وسرعة وأداء.. وإحلال وإبدال لمعطيات يسهل على الساحر تطويعها.. فالسحر «علم».. متطور.. وأيضاً ورقة خاسرة لدى الدجالين.. والمشعوذين.. وتلك مسألة أخرى.. لا مجال هنا للخوض فيها.. وأشهر السحرة في التاريخ «سحرة فرعون» الذين اجتمعوا مع موسى عليه السلام يوم الزينة «وهو يوم عاشوراء»- ويقال يوم عيدهم- ويوم كسر النيل.. جمعهم «فرعون» ليغلبوا موسى عليه السلام.. «بعد أن ظنه ساحر».. ووعدهم بأن يقربهم.. ويجزل لهم العطاء لو كانوا غالبين فقال كبيرهم: «أرى موسى يقوى علينا مع كثرتنا»، وما ذلك لأنه أقوى منا ولكني أخاف أن يكون الأمر- سماوياً- فاحترموه وعظموه فإن غلبناه لا يضرنا وإن غلبنا نكون قد قدمنا للصلح معه مقدمة حسنة تشفع لنا.. فيكون شفيعنا عند ربه: فقالوا كيف نحترمه قال نستأذنه ونقول له: إما أن تلتقي وإما أن نكون أول من القى.. فضحك موسى عليه السلام فقال هارون اتضحك من كثرتهم وكانوا سبعمائة ساحر.. فقال موسى شممت فيهم رائحة الإيمان.. فسمع آخر يقول القوا فأوجس في نفسه خيفة موسى.. لكنه غلبهم بأمر الله.. عندها لم يستكبروا وسجدوا لربهم وقالوا أمنا برب هارون وموسى.. فرأوا في سجودهم منازلهم في الجنة..!! ü زاوية أخيرة: قدم السحرة هارون على موسى لأنه أكبر منه بثلاث سنوات تعظيماً له.. وسجودهم لرب موسى دليل على علمهم بحقيقة السحر ومنتهاه، فعرفوا أن معجزة موسى خارجة عن حد السحر المتعلم إلى القدرة الألهية التي لا حدود لعلمها..!!