ذهبت أمس لزيارة ابن عمي «مصطفى» لمعاودته إثر وعكة طارئة و مقطوعة «طاري» هي الملاريا. الملاريا عادت بقوة تحسد عليها.. و نشرت قواتها الأممية في كل أحياء الولاية. «مصطفى» يسكن في حي راقٍ ومع ذلك تسللت إليه «الأنثى» اللعينة بدون حياء!!.. وهل سلم المتنبيء من قبل من هذه الزائرة التي تتسلل إلى المخادع بقوة «عين» لا تشاركها فيها سوى السلطات الحاكمة والتي تتفرج على تردي صحة البيئة «بدم بارد» !! في هذا الحي الراقي ككل أحياء الخرطوم الراقية والمتوسطة والعشوائية.. تتشكل بحيرة من المياه الراكدة وتبدو أعمدة الكهرباء في الوسط ك«فنارات» في وسط البحر!! سألتني امرأة بفزع هل يمكن أن ينهار هذا العمود؟. تطوعت إحداهن قائلة بأن العمود الفي «النص» مال و«انتنى» وحاله هنا ليس كحال العروس التي تنثني في دلال و«غنج» أمام العريس الذي «يهز»«بالسوط» وتحتضن «جبهته» «الوضاءة» «الهلال» و هو مربوط بوشاح أحمر، أحدهم قال لي تقدمنا بشكوى وجاء المسؤول الأول ورأى بأم عينه هذه البحيرة الساحرة.. أشار على بعض الملاحظات «غير المفيدة» ثم قال لنا كأنه يتحدث إلى نفسه «خلوها قربت تنشف»!! مثل هذه الصورة قريبة بالنسبة لي.. فالدروشاب هذه الأيام مثال حي لتردي البيئة ولكننا كما قال عادل إمام «متعودة»!!.. الحفر والمطبات والأخاديد زادت ولا زال «الخور العجيب» الذي يمتد «كخازوق» من شمال المنطقة إلى جنوبها يتحدى على مر الحقب سلطات الخرطوم مهما كان اسمها «مديرية» أو «معتمدية».. محافظة.. ولاية.. قمندانية.. المهم هو يرفض بجسارة يحسد عليها أن يفرغ من جوفه الآسن هذه «الموية» الخضراء التي تتوافر داخلها كل أنواع الحشرات التي عرفتها الدنيا..!! قبل أعوام انخفضت معدلات الملاريا بصورة كبيرة وكاد الناس يودعون إلى غير رجعة.. يبدو أن هذا المرض يرفض أن يغادر، والسبب «حركة وراء» التي تسود «الحاجات» في هذا السودان.. ما في شيء امشي لقدام ودائماً وراء غير مؤمن!!.. لا ندري الحكمة في ذلك. وأنا أكتب جاءتني هذه الرسالة من زميلنا حيدر محمد علي وهو يعلق على حملة نظافة طوعية سيقوم بها شباب شمبات الجنوبية.. قال «حيدر» إنها «عادت به للوراء» إلى أكثر من أربعين عاماً.. ففي نفس الحي خرجوا من مدرسة شمباتالغربية العريقة لنظافة كل أحياء شمبات وهم يرددون: شعب صمم يبني مجده *** من جديد بالكفاح *** من جديد بالكفاح وكانوا وقتها بالصف الأول الابتدائي.. وتساءل لماذا لا يكون هذا ديدن الشباب في الأحياء.. فالبيئة لنا ونحن الذين نتضرر من فسادها والوطنية تغرس من هنا.. و.. الآن نحن أمام وضع بيئي متردٍ والمعالجة بالصورة التي نراها كسولة وغير مجدية ولا توجد إدارة لمكافحة الطور المائي من البعوض و«الحشرات» الأخرى.. ولا زال ملف البيئة يمثل آخر الملفات في هموم المسؤولين والمجتمع على حد سواء. والقضية «دايرة» حزمة «جدية».. والملاريا مرض «كريه» وبائس ويحتاج لتضافر الجميع ولشراكة حقيقية تستطيع أن تدحر «قواته» التي تحتل هذه الأيام «أحياء» وميادين وشوارع الخرطوم «الصابرة».