(بداية بدون نهاية)والسيد / الصادق المهدي لقد بدأت الآن بكل أسف الإغتيالات السياسية بالسودان بما أعلنته لنا أجهزة الإعلام المختلفة بما حدث في غرب السودان في جنوب كردفان ودارفور والبقية تأتي والمعلوم وكما تواطأ الناس أن لكل شيء (بداية) وأيضاً لذات الشيء (نهاية) ولكن شذوذاً وخلافاً لهذه القاعدة فإن بداية الإغتيالات السياسية هي (البداية) التي ليست لها (نهاية) وسوف تسوقنا هذه (اللعبة القذرة) ساس ويسوس إذا ظل الحال في حاله إلي(نفق مظلم) ومصير مجهول لا يعرف قراره ومداه إلا رب العالمين. ذكرتني هذه الأحداث الأليمة والمؤسفة والتي ذهبت بأرواح بريئة لا ذنب لها ذكرتني بما كنا نسمعه عن عمل المعارضة (الجبهة الوطنية) بقيادة السيد / الصادق المهدي والمرحوم الزعيم الشريف حسين الهندي في محاربة سلطة (مايو) فكانت عناصر المعارضة المتحالفة والمقربة من السيد / الصادق المهدي، كانوا يوزعون منشوراتهم السرية ضد النظام بأسلوب يتفوقون به علي أسلوب (الشيوعيين) آنذاك بل بأسلوب قد يستغرب منه حتى (أبليس) نفسه. كان المنشور يوزع(بالقطاعي) (جملة) جملة) يسلم العنصر المعني من المعارضة الجملة (الأولى) في تمام الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً. وفي اليوم التالي تسلم له (الجملة) المباشرة للأولى في ذات الزمن. وهكذا حتى يكتمل المنشور وذلك إمعاناً في(السرية) و(التخفي) بجانب هذا الأسلوب كان هنالك ثلاثة من العسكريين المتقاعدين من عناصر المعارضة والمقربين للسيد / الصادق المهدي إذ جاءوه ذات يوم بمكتبه وكان يمسك بقلم في يده. وقالوا له أي للسيد الصادق أننا سنقوم بقتل(نميري) في يوم (كذا) من شهر (كذا) وما عليكم إلا القيام بباقي العملية واستلام السلطة فما كان من(القلم) إلا أن يسقط من يد السيد / الصادق فجأة وبصوت مدوٍ علي المنضدة التي أمامه، قائلاً لهم وبإنفعال وبُعد نظر وبمعرفة الخبير والعالم بمآلات الأحداث لا ... لا ... لا ... لا تفعلوا هذا. فإننا لا نريد بداية الإغتيالات السياسية بالسودان فإنها حتماً سوف تطالنا في نهاية الأمر(وهكذا كف المتآمرون عن فعلتهم وعدلوا عن رأيهم في إغتيال (نميري) عليه رحمة الله. وهكذا كان السيد / الصادق المهدي دائماً كبيراً في نظرته ورؤاه لتداعيات الأحداث. فما تخوف منه قبل أكثر من ثلاثين عاماً قد حدث الآن في بلادنا. ولعمري أن هذه لإحدى الحسنات والمواقف الوطنية المشرقة التي يمكن أن تسجل في حق الرجل. هذه ليست دعاية مني له فهو غني عن ذلك، وأنا من جانبي ليس هنالك ما يدعوني إلي ذلك أيضاً. وإنما هي حقيقة كان لابد من ذكرها في هذا المقام والشيء بالشيء يذكر كما يقولون. إذا لم تُوقف هذه الإغتيالات ستندلع نارها، وتقضي علي الأخضر واليابس أو كما قال الشاعر : كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر أو كما قال شاعر آخر : أرى تحت الرَّماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام فإن لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام خبير إداري ورئيس جهاز التفتيش الإداري العام (الرقابة الإدارية Ombudsman - سابقاً الحقبة المايوية)