القضاء، والسلطة الثانية مترادفتان في القاموس العام، فهي سلطة محاكمة المجرمين وإعطاء كل ذي حق حقه عبر القوانين الموجودة وقد ظل القضاء والقاضي محترمين على مر العصور وهو له واجبات كثيرة يحاول أداءها بقدراته العالية.. وكذا حالهم في كل دول العالم ولن يفوتنا أن السلطة القضائية لها أدوار كثيرة فيما يتعلق بالقوانين وجوانبها التطبيقية التي تكشف للمشرع ثغرات قانونية فيعدها للتعديل.. وقد تطور هذا الاهتمام ووصل حد التفكير في توحيد التشريعات القانونية فكان تحرك مركز البحوث القانونية والقضائية التابع لجامعة الدول العربية بإقامة مؤتمر لمناقشة القضايا القانونية والتشريعية في الوطن العربي، وقد عقد مؤتمران في السابق وها هو الثالث يعقد الآن في السودان وهو مؤتمر رؤساء المحاكم العليا بالدول العربية.. « آخر لحظة » سعت لتسليط الضوء على هذا المؤتمر والتقت بمولانا زيادة إسماعيل عبد الكريم نائب رئيس عام إدارة المحاكم وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر وعضو لجنته العلمية، فكانت هذه الحصيلة: من خلال متابعتنا للمؤتمر علمنا أن هناك أوراقاً ستقدم حول قضايا محددة وهي قضية غسيل الأموال والجرائم الالكترونية.. حدثنا عنها.. ولماذا تم تحديدها بالاسم؟ - طبعاً جرائم غسيل الأموال هي من الجرائم العابرة وهي جريمة تابعة لجريمة أخرى، أي الجريمة التي ارتكبت أولاً ثم المال الذي أتى منها وهو يتم غسله في دولة أخرى وهو قد يكون من تجارة المخدارات أو الرشوة أو عمل سياسي.. وهذا يتم في دولة ثم يتم غسله في دولة أخرى وتكون هناك صعوبة من ناحية الإثباتات في المحكمة فتكون الجريمة في دولة والمحاكمة في دولة أخرى وقد يرى البعض أنه لابد من إثبات الجريمة الأولى ثم المحاكمة في الجريمة الثانية التي يعتبرها البعض منفصلة عن الجريمة الأولى وهي تحتاج لإثبات وفهم مشترك فيها، إضافة إلى ذلك الجرائم المتعلقة بجرائم الانترنت والجرائم الالكترونية وهي عادة ما يقوم بها أشخاص ذوو خبرة وبالتالي يصعب إثباتها وصعوبات كثيرة جداً لأن من يقوم بها عادة يمحو آثاره، فهو في الأول والأخير يمتلك عقلية ولولا ذلك لسهلت محاكمته ولذلك لابد من تطور التشريعات التي عادة ما يأخذ المشرعون فيها رأي من يطبقونها فهم يعرفون الثغرات. أنتم قضاة ومنوط بكم تطبيق القانون، هل تبينتم هذه القضايا لما ذكرته «شبيه من أصل التطبيق» أم أن هناك أسباباً أخرى؟ - نحن والتشريعيون مكملون لبعض وقد طرحت هذه المحاور في مركز البحوث في الجامعة العربية وتم التشاور معنا فيها، لأن هناك في بعض الدول العربية السلطة القضائية تتبع لوزارة العدل وهي تسعى الآن لفك الارتباط وقيام سلطات قضائية منفصلة ومستقلة وهي تحذو حذونا الآن، لذا نحن تبنينا هذا الأمر. من خلال متابعتكم لقضايا غسيل الأموال في السودان هل ترون أن القوانين الموجودة غير كافية للمحاكمة على هذه الجريمة.. وهل تجدون صعوبة في ذلك؟ - أبداً.. نحن في السودان لدينا قانون لمكافحة غسيل الأموال منذ العام 2010م وهو قانون جديد لكننا نتعاون مع الدول الأخرى في محاكمة الجريمة والبينات، فالسودان قد تقدم كثيراً في هذا الجانب وهناك لجنة في بنك السودان ولجنة أخرى يرأسها وزير العدل وهم يهتمون جداً بهذا الجانب.. ولكن يمكن أن تقول إن لدينا إشكالية وهي في بعض الممارسات، فمثلاً هناك من يشتري عقاراً ويرغب في استلام ماله «كاش» ويكون المبلغ كبيراً جداً ولكن المحامي لا يستطيع أن يسأله من أين أتى بهذا المبلغ الكبير جداً «مليار» مثلاً، وهذه ثغرة تظهر خلال التطبيق.. لذا نحن نسعى أن يكون قانوننا مواكباً للتطورات ونستفيد من تجارب الدول وتستفيد هي منا أيضاً. قد أظهرت بعض الإحصائيات وجود السودان في مرتبة متقدمة في قوائم غسيل الأموال.. هل يعود ذلك لانتشار بعض مظاهر الدجل والشعوذة التي تدخل ضمن جرائم غسيل الأموال.. أم للأموال التي تدخل البلاد للغسيل؟ - نحن لا نتفق مع تلك الإحصائيات أصلاً وحتى في هذا التصنيف فإن فرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية موجودة في هذه الإحصائيات، بل وفي رأس القائمة ونحن لدينا مشاكل الدجل والشعوذة ولكن القانون يستطيع أن يكافحها ويتغلب عليها وهي جريمة غير محسوسة ولكن هناك طرق يمكن أن يكشف فيها غسيل الأموال مثل قانون من أين لك هذا ومن المفترض أن يطبق هذا القانون كما أن هناك محكمة الثراء الحرام والمشبوه لكننا نتمنى أن نصل إلى الوقت الذي تنعدم فيه الجريمة تماماً.. مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الجريمة لا ترتبط بنا، بل هي جرائم ترتكب خارج السودان ويدخل مالها إليه. كيف يتعامل القضاء مع جرائم الانترنت؟ - بالتشريع الموجود، حتى يمكن أن نعطيك مثالاً، في مصر مثلاً هناك سابقة أو سابقتان وحكمان صدرا فيما يتعلق بجرائم الانترنت، وما قرأته أن هناك مجموعة من الشباب استطاعوا ان يستولوا الكترونياً على مبلغ في حدود مليوني دولار وتم ضبط وتوقيف 40 شخصاً وتمت محاكمتهم، نحن في السودان جرائم الانترنت تنحصر في توجيه الشتائم والإساءات والحط من قدر الآخرين وتوجيه نقد جارح لبعض الكتابات ونتمنى أن نتغلب على هذه التصرفات وأن نمتلك التقنية التي تمكننا من خلالها التغلب على أشياء كثيرة. هل هناك دول مشاركة أشارت إلى تجربتها؟ - طبعاً هناك أوراق تحدثت عن تجارب دول في هذا الشأن إضافة إلى التوصيات التي سيخرجون بها.. والحرص على تطبيق المخرجات.