لم نكن بعيدين جداً من الأحداث في أديس أبابا، فقد كانت الصحافة وأجهزة الإعلام تنقل كل ما يدور هناك، ولم أبالغ إذا قلت إنني لم أكن متحمسة كثيراً للقاء «البشير- سلفا» فهو لم يكن الأول فقد سبقته لقاءات كثيرة، لكنها لم تأتِ بجديد يذكر، كما أن ما حدث هناك هو نفس ما توقعته، فأبيي والحدود لن تحل يوماً في لقاء قمة، ولكنها تحتاج لبحث من مختصين وتحت مراقبة محايدة وبعيدة عن يد المصلحة، ولا نريد أن تكون الحلول والمشاكل مؤجلة إلى أجل غير مسمى، حتى لا يحدث ما حدث في اتفاقية السلام، حيث تم الاستفتاء والانفصال قبل حسم قضية الحدود فها هي الآن تعيد الكرة مرة أخرى وتؤجلها، ولا أظن أن ما حدث في هجليج ليس بعيداً عن هذا المسرح. المهم سادتي سأحاول التفاؤل وسأذهب في طريق إيجابيات الاتفاقية، فقد كنت دائماً ما أقول إن أي اتفاق قد يتم بين البلدين فهناك إيجابيات تحرسه، فالحرب «مضرة» بكل الأحوال ويروح ضحيتها الإنسان والحيوان والأموال، وأكثر من يتضررون منها هم الذين يعيشونها في مناطقها، فهي تقضي على الأخضر واليابس، وتحرم من الصحة والتعليم وأقل أساسيات العيش الكريم، ولعل هذه الأسباب هي التي جعلت الحكومة والحركة الشعبية على الجلوس لطي فترة أطول حرب شهدتها المنطقة، وكان أن انفصل الجنوب وقد قيل للناس إنهم سيقومون بترتيب بيتهم الداخلي والعيش بسلام على الدولة الأم، ولكن إرادة بعض أصحاب المصالح في المنطقة أبت ذلك فحرضت إخواننا علينا.. ولكن إرادة أهل السودان- رغم انفصاله- حطمت كل آمال أصحاب الغرض والمصالح، وتم الاتفاق بروح طيبة جداً ظهرت في خطاب الرئيسين، وهما يمثلان القمة، وقد أكدا أن الاتفاق سيتم تنفيذه.. نحن أيضاً نتمنى ذلك، لكننا نريد من الحكومة أن تتعامل وفق المثل القائل «حرّص ولا تخوّن»، فالعالم كله ينظر الينا نظرة تجعلنا أكثر حرصاً.. وحتى المراقبين وشهود الاتفاقيات- «كتر خيرهم»- وقفوا متفرجين في غالبية المشكلات التي حدثت بعد الانفصال.. كما أننا لا يجب أن ننسى أن هناك من سيسعون لتخريب هذا الاتفاق والنيل منه.. فأحذروهم.