يشعر المايويون الذين كانوا يمثلون لحمة وسداة تحالف قوى الشعب العاملة، مع الرئيس الراحل جعفر محمد نميري بمرارة شديدة مما أسموه ووصفوه ب(التجاهل) التام الذي يجدونه من المؤتمر الوطني، وبعض قياداتهم تشعر بأن بعض القيادات داخل المؤتمر الوطني تتعامل معهم بإزدراء واضح وتعالٍ تحرص على أن توصله لهم مباشرة من خلال اللقاءات المتباعدة التي تتم بين الطرفين بل إن بعضهم قال صراحة :(لقد تم بيعنا جهاراً نهاراً). مساء الخميس الماضي وجدت نفسي أُلبي دعوة كريمة من رئيس التحالف، السيد اللواء خالد حسن عبّاس، نائب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع والقائد العام الأسبق، وذلك بمناسبة سفره إلى ألمانيا لتلقي العلاج، وفي داخل صالونه العامر التقيت بعدد كبير من قيادات تنظيم تحالف قوى الشعب العاملة ومنهم من تربطني به علاقات قديمة منذ العهد المايوي، ومنهم من ربطت بيني وبينه مقاعد الدراسة في مراحل سابقة مثل الدكتور أحمد يعقوب، وقلة التقيت بها لأول مرة في تلك الأمسية. ذلك اللقاء الاجتماعي تحوّل إلى لقاء سياسي تفاكري، تناولنا فيه الشأن العام في صورته الماثلة أمامنا الآن، ووجدت نفسي أطرح سؤالاً حول مجرى اللقاء كلية لتصبح الإجابة عليه، والتوضيحات حوله هي محور ذلك اللقاء، لقد سألت سعادة اللواء خالد عن التحالف مع المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة ومستقبل الاندماج المُعلن بين المؤتمر الوطني وتنظيم التحالف، فأخذ الرجل يشرح خلفية ذلك القرار والدوافع التي أدت إلى إعلانه، وقال إن قرار الرئيس الراحل جعفر محمد نميري - رحمه الله - بالاندماج مع المؤتمر الوطني كان من أجل مواجهة ما أسماه بالتحدّيات ودحض الافتراءات التي تنال من وحدة الوطن وترابه وأمن مواطنيه، قفزاً فوق الذاتية الضيقة بهدف خلق كيان سياسي جامع يشكّل خارطة الوطن المنشود وأهله بعيداً عن العنصرية والجهوية والقبلية، لكن مفهوم (الاندماج) نفسه لم يكن واضحاً لكثير من القيادات من الجانبين، وتساءل بعضهم إن كان هو اندماج أفراد أم تنظيم له مؤسساته وقواعده وكوادره وتاريخه السياسي (بخيره وشره).. يقول سعادة اللواء خالد حسن عبّاس إن أكثرية أعضاء ومنسوبي تنظيم التحالف لم تكن مع فكرة الإندماج لأن أبواب المؤتمر الوطني ظلت مواربة إلا لقلة قليلة من الأفراد بينما ظلت الأغلبية العظمى من كوادر وقيادات التحالف بعيدة عن أجهزة المؤتمر الوطني، وإن إعلان الاندماج نفسه، ومقترح الرئيس نميري - رحمه الله - بأن يكون اسم التنظيم الجديد حسبما أعلن هو نفسه عنه (التحالف الوطني) ليجمع بين الاسمين، كان لذلك المقترح آثاره السالبة على التحالف وأبرزها الانفلات التنظيمي والانشقاقات والاستقطاب الحاد لكوادره من التنظيمات الأخرى، مما يؤثر سلباً على أثر التنظيم شعبياً وجماهيرياً. وخلال ذلك اللقاء تحدّث الكثيرون عن المرارات التي يشعرون بها، وقال بعضهم إن من دخلوا للمشاركة في السلطة لا يمثلون إلا التحالف. قالوا بذلك عندما سألتهم عن موقفهم من السيدين محمد الطاهر أبو كلابيش والي شمال كردفان الحالي وكمال الدين محمد عبد الله رئيس المجلس الأعلى للشباب في الولاية الشمالية، بل إن بعض المشاركين في ذلك اللقاء قالوا بأن «أبو كلابيش» و«كمال الدين محمد عبد الله» يمثلان المؤتمر الوطني. أرى الآن أن بعض القيادات المايوية السابقة تحاول جرجرة تنظيم التحالف إلى وضع يد التنظيم على يد الحركة الشعبية رغم محاذير البعض الواضحة والمعلنة بل إن خطاً سياسياً يقوده اللواء خالد يرى ضرورة ايجاد صيغة للمشاركة السياسية والتشريعية والتنفيذية مع المؤتمر الوطني وفق أهداف محددة تعمل على تأسيس جبهة داخلية عريضة لتوطيد أسس السلام والوحدة وبناء الثقة العامة، إضافة للتنسيق المشترك لمرحلة الانتخابات مع تكوين لجان مشتركة للمتابعة والتنفيذ. من الصحفيين شارك الأستاذ الكبير أحمد البلال الطيّب واعتذر البعض، لكن القضية التي طُرحت ذلك المساء كانت تتطلب وقفة بل تتطلب مراجعة المواقف بصورة مجملة خاصة بعد أن قال سعادة اللواء خالد حسن عباس بأسى بالغ إن هناك جهات أو أفراداً يعملون على ألا يتم لقاء بينه وبين المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية، ورئيس المؤتمر الوطني، وقد قال إن ما يجمع بينه وبين الرئيس البشير شخصياً الفكرة السياسية في إنشاء تنظيم يمثّل كل السودانيين، ثم رباط الجيش الذي وصفه لي بأنه أقوى من أي رباط آخر.