توالى في الاونة الاخيرة بصورة ملحوظة سقوط الطائرات السودانية التي اصبحت تحصد الارواح وبالامس القريب سقطت طائرة عسكرية من طراز الانتينوف راح ضحيتها «13» شخصاً.. ونجا «9» اخرون تفاوتت درجات اصابتهم جراء الحادث المسشؤوم.. ويأتي هذا الحادث بعد اقل من شهرين من سقوط طائرة انتينوف اخرى بمنطقة تلودي جنوب كردفان.. توالى الفواجع بسبب هذه الطائرة المشؤومة هل تم ادراكه وتداركه للحفاظ على ارواح قادة ورموز يقومون بواجبهم الوطني مع تدني مستوى الامكانيات الفنية.. وهل السودان قادر على ابعاد هذا النوع تماماً من الاجواء السودانية حتى ولو كانت لاغراض التدريب المدني او العسكري.. ناهيك على اداء مهمات كبيرة وعلى متنها انفس غالية اذا ذهبت هدراً لن تعوض بثمن. القضية تصدر الصحف الصادرة في صباح الاثنين في اغلب صفحاتها واعمدتها الرئيسية القضية التي عرضت للتحليل وكون الاعلام المقروء احد واجهات الرأي العام اجمعت الصحف على مخاطر الانتينوف المحرقة مستقبلاً ان لم يتم تدارك الامر وهذه المرة جاء الانذار قوياً مستشهداً بالكوارث التي ارتكبت في حق الوطن بسبب طائرة الانتينوف ففي العشرين سنة الماضية سقطت حوالي 30 طائرة وذلك حسب السجل الاحصائي.. الامر الذي حلله كثيرون من كتاب الاعمدة بأن طائرة الانتينوف كانها صنعت خصيصاً لتحصد ارواح السودانيين دون غيرهم.. وجاءت اغلب التحليلات الصحفية ان على الدولة ان تراجع نفسها لتضع حداً لمثل هذه الانواع من الطائرات دون تراخ والاستسلام بمقولة التوكل على الله دون العمل بالاسباب مع الاخذ في الاعتبار ان الانتينوف قد تعجل اجال الكثيرين وان الوقت مازال مواتياً وقبل فوات الاوان للالتفات الى هذه القضية التي اصبحت من القضايا الملحة في البلاد.. بحيث علق احد الكتاب على الكارثة قائلاً.. «لا نحسب ان دولة ما فقدت من ابنائها بسبب حوادث الطيران بمثل ما فقده السودان».اليس من الدروس والعبر ما يؤدي الى اعتبار الدولة ومؤسسات الطيران المدني والعسكري باستدراك الواقع دون ان يكون الامر على شاكلة «دي الاقدار». اما عمود الاستاذ راشد عبد الرحيم في الراي العام يرى بأن الازمة ليست في سقوط الانتينوف بقدر ما ان الازمة اصلاً هي في النفوس والحال على ما هو عليه دون تحرك مسؤول واشار الكاتب الى وجه المقارنة في الاسطول السوداني والاثيوبي والكيني وقال ان العبقرية هنا تتفوق في السقوط وليس الحفاظ على الانسان السوداني. وابدى استغرابه من عدم تنحي المسؤول بعد حدوث الكوارث وقال في الغالب انه يبقى ملتزماً الصمت. الكاتب اسحق فضل الله بحرأته المعهودة كتب عدة فقرات حول الكارثة تحت عنوان طائرة تحمل السودان كله في اشارة الى اهمية تدارك الامر قبل فواته. ويستدرك قائلاً نكتب ولا احد يسمع.. تحدث كارثة رقم «25» ولا احد يسمع. الاستاذ مصطفى ابو العزائم تناول في عموده تحت عنوان رحلات متتابعة الى الاخرة يرى ان بقايا طائرات الانتينوف التي تنقل القادة وكبار الضباط والجنود وعامة الناس هي ليست اكثر من كونها «نعوش طائرة» الفرق بينها وبين النعوش خاصة ان الاخير يمكنك ان تتعرف فيه على الميت اما تلك الطائرات فلا يمكن ذلك وابدى الكاتب تفاؤله في انتظار قرار جريء وشجاع يمنع الانتينوف وما شابهها من الطائرات مهما كانت النتائج لان الارواح اغلى من التعامل مع مثل هذه المغامرات على حد تعبيره. الاستاذ عبد العظيم صالح ذهب في عموده اليومي خارج الصورة تحت عنوان مسلسل السقوط ابدى اسفه من سقوط ضحايا جدد على متن الطائرة المنكوبة مشيراً الى ان وكالات الانباء اصبحت تذكر في ذيل اخبارها تصاعد سقوط الطائرات السودانية وبشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية. وابدى اعتراضه على اللجان المكلفة للتحقيق التي قال انها لا تقدم ولا تؤخر في اشارة اذا ما كانت الطائرة ستستمر في خدماتها واضاف الى اننا في حاجة ماسة لتفكير استراتيجي من نوع اخر يمكن من خلاله قراءة الواقع والماضي والمستقبل من شأنهما ان تحفظ ارواح اخرى واستصحاب كل الاخطار الماضية. ونوه الى استمرار حظر قطع غيار الطائرات المفروض من امريكا كونها حجة الخرطوم تجاه الكوارث الجوية وطالب الكاتب بضرورة العودة وبقوة الى السكة حديد كونها الوسيلة الاسلم في التنقل لا ان تقتل كما قتلها نميري سابقاً. تتصاعد الاصوات هذه المرة وتوحدت في توجيه اللوم على الدولة داعية بالعمل على ايقاف مثل هذه الانواع من الطائرات التي تحولت الى نعوش قاتلة لا يكاد الفرد ان يأمن على حياته في حال ولوجه الى مثل هذا النعش الحديدي. السؤال الذي يفرض نفسه لماذا السقوط فقط لطائرات الانتينوف دون غيرها.. ولماذا السكوت وغض النظر عن هذه الكوارث؟ اليس الاوجب ان يصدر قرار رسمي بايقاف الانتينوف من التحليق في الاجواء السودانية ام ان الامر سيظل هكذا بالرغم من جرس الانذار الموجه من الاعلام.