مواصلة لقراءتنا في الورقة التي حملت عنوان دارفور نحو استراتيجية جديدة لتحقيق السلام الشامل والأمن والتنمية.. وتلخيصاً للمقال السابق فقد أشرنا إلى الأسباب التي دفعت بالجانب الحكومي لطرح الاستراتيجية والترويج لها لدى الجهات المعنية، وأشرنا إلى الهدف الأساسي من الاستراتيجية، والعناصر الخمسة الأساسية، التي أشارت الاستراتيجية للارتكاز عليها وتحقيقها، للوصول إلي تحقيق تسوية شاملة تعيد الحياة إلى طبيعتها في ولايات دارفور. نبدأ مقالنا برؤية الجانب الحكومي لمسيرة العملية السليمة عبر المفاوضات والذي أثار بعضاً من التساؤلات لدى الرأي العام بإدارة الحكومة ظهرها لمنبر الدوحة، فقد واجهت هذا المنبر عقبات خلال السنوات الثلاث الماضية، رغم الفرص المتاحة من خلال الدعم الاقليمي والدولي لتسوية النزاع، ورأت الاستراتيجية أن العقبات التي واجهت منبر الدوحة تمثلت في الانقسامات المستمرة في الحركات المسلحة، والتنافس بين الجهات الاقليمية المؤثرة، ومحددات عملية الوساطة، ولإعادة ترتيب المنهج فقد دعت الاستراتيجية لانتهاج استراتيجيات متسقة تمثل الأولويات وتشمل: أولاً: جعل عملية السلام أكثر شمولاً بالتشاور مع فعاليات المجتمع المدني الدارفوري، ومشاركته السياسية الواسعة لضمان نجاح الحل النهائي واستمراريته. ثانياً: لتحقيق الأمن والاستقرار العمل على اتخاذ التدابير المحكمة في مجال التعاون مع البعثة المشتركة (اليونميد)، والعمل لاستعادة الثقة بين المواطنين وقوات الشرطة والأمن، لتعزيز الأمن على أرض الواقع. ثالثاً: تقديم الدعم اللازم للنازحين واللاجئين للعودة الطوعية وإعادة التوطين. رابعاً: توفير الموارد اللازمة لتنفيذ المشروعات التنموية والسياسية وتحقيق سبل كسب العيش للمواطنين المتأثرين. خامساً: تمكين جميع قطاعات الرأي العام الدارفوري للمساهمة الإيجابية مع جذور المشكلة، من خلال التعاون مع الوسيط المشترك واليونميد والاتحاد الافريقي. سادساً: تطبيق العدالة وجبر الضرر وفقاً لروح المصالحة والعدالة. سابعاً: إعادة هيكلة العمليات الإنسانية للانتقال في المدى البعيد من الإغاثة إلى التنمية. ثامناً: توجيه الدعم الاقليمي والدولي لتعزيز الاتفاقيات المفضية للسلام. تاسعاً: استعادة الوئام والتعاون بين جميع أهل دارفور. عاشراً: العمل مع جميع الشركاء لابرام اتفاق نهائي يأخذ في الاعتبار إرادة أهل دارفور والاتفاقيات السابقة. إن الأولويات السابقة تتطلب اتساعاً في الرؤية، وتوافقاً بين المكونات السياسية الرسمية الولائية والقومية، وبين الأجهزة والمؤسسات المدنية الدارفورية، والشركاء الاقليميين والدوليين، وأيضاً تتطلب كوادر واعية خاصة على مستوى ولايات دارفور، تضع الأهداف الوطنية العليا ومرامي الاستراتيجية فوق الاعتبارات الحزبية والقبلية، ونأخذ بعضاً من الأمثلة التي تهزم توجهات أولويات الاستراتيجية. فقد استندت الاستراتيجية على شريك أساسي ومؤثر يتمثل في المجتمع المدني الدارفوري بكل مكوناته الاثنية والفكرية والاجتماعية لتوطين عملية سياسية تمكن القوى الاجتماعية كافه من المبادرة، وتأتي دعوة القيادات التشريعية المنتخبة بأنها الجهة الوحيدة التي تتحدث باسم أهل دارفور هزيمة لهذا الاتجاه. ومثال آخر، فبينما الاستراتيجية بنت خطتها الأمنية من خلال تدابير محكمة للتعاون مع قوات اليونميد، للقضاء على مصادر الانفلات الأمني، ومكافحة عمليات قطع الطرق، فإن تصعيداً يصل إلى درجة الدعوة لطرد قوات اليونميد، يتصاعد من المسئولين الولائيين في بعض ولايات دارفور، أن دوراً كبيراً ينتظر من اللجنة التي كونها رئيس الجمهورية برئاسة مستشار الرئيس ومسئول الملف، والمكون من الوزارات ذات الصلة وولاة الولايات في تطبيق وتطوير محاور الإستراتيجية، خاصة من جانب التنسيق والتناغم بين المؤسسات الحكومية على المستوى القومي والولائي وحتى المحلي. ختاماً.. فقد أشارت الاستراتيجية لعدد من الآليات هي مجموعة الشركاء على المستوى الوطني والاقليمي والدولي والولائي (المجتمع المدني الدارفوري).. وتتكامل أدوار هذه الآليات لإحداث نهضة العملية السليمة، وثمة أفكار يمكن الاستفادة منها في عدد من المحاور، مثل منبر مشاورات دارفور، إذ يمكن الاستفادة من تجربة ولاية جنوب كردفان (مجلس حكماء جنوب كردفان) في دعم المصالحات، وتطبيق العدالة الشعبية، أيضاً الاستفادة من مشروع الجودية القومية التي تم تقديمها لنائب رئيس الجمهورية. ونواصل،،،،،،