أيها الأحبة الإخوان.. ولأننا نرفع رايات إسلامية شاهقة.. ولأن عيون وقلوب الذين يحملون أشواقاً هائلة للإسلام ولدين الله المطهر من أبناء أمتنا.. يجب علينا أن تتطابق أفعالنا مع أقوالنا تلك التي زحمنا بها فضاء الوطن الجميل.. ولأن الأمر أمر دين ومفاصحة.. دعوني أتحدث ملء فمي.. مستوحياً رقابة ضميري والخالق.. وأبدأ وأقول.. أولاً نحن كحركة إسلامية مسؤولين أمام الله والشعب والوطن عن كل تلك الفترة الممتدة لثلاث وعشرين سنةً وتزيد.. عن أي فعل أو قول.. حدث في هذه الفترة.. لن نختبيء خلف المسميات والتمويه أو إشاعة ركاماً من الضباب.. مثل الإنقاذ أو المؤتمر الوطني.. نحن الذين بكامل إرادتنا.. قد استولينا على الحكم وكان رائدنا أو على الأقل اعلاننا للناس هو أنه انما جئنا لتطبيق شرع الله المطهر.. والذي هو عدل.. ومساواة.. ورحمة.. ولكن هل فعلاً تقيدنا بأحكام شرع الله وهنا أعود بكم مرة أخرى لنلتمس القدوة والمثال من صدر الإسلام ذاك الرحيب والعظيم.. أعود بكم مرة أخرى إلى أزهى وأنضر فترات التاريخ عندما كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب هو من يقود الدولة دولة الاسلام في فطنة وعدل ورحمة وحكمة.. عندما كان يستوي فيه أفراد الرعية وهم سواسية كأسنان المشط.. ليس ميزة لأحد غير أقربهم لأوامر ونواهي الدين الحنيف.. وإليكم هذه القصة قصة الراعي والرعية.. فقد كان أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه يبغض أحد الرعية بغضاً شديداً.. فالرجل قد قتل أخاه بالخطأ.. كان أمير المؤمنين لا يطيق رؤية للرجل.. بل كان يشيح بوجهه حتى لا تستبد به ذكرى المواجع والفواجع.. بلغ الكره بأمير المؤمنين مرةً مداه عندما خاطب الرجل غاضباً.. «إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم..» لم يفزع الرجل ولم يرتعد.. بل سأل أمير المؤمنين في هدوء ووقار وهل ينقص ذلك من حقي عندك شيئاً؟؟ كان الرجل يسأل كمواطن أو إن شئت قل كأحد أفراد الرعية كان يسأل إن كان ذلك يمس حقوقه المكفولة كما باقي الرعية بسبب ذاك البغض.. هنا قال أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه وفي سماحة شاسعة وفي رحابة واسعة.. وفي عدل يملأ عليه روحه وكل جوانحه.. قال للرجل.. لا والله لا ينقص من حقك مثقال ذرة من حق.. هنا قال الرجل سعيداً.. إذاً لا بأس وحمداً لله وانما تأسى على الحب النساء..». أيها الإخوان.. هل نحن كحركة إسلامية آلت إليها كل مقاليد الحكم.. وتمددت في كل مفاصل الدولة.. هل بسطنا الحقوق لمعارضينا وتماماً كما بسطنا الفرش الأحمر لكل الذين يوالونا.. والإجابة أنتم تعرفونها حرفاً حرفاً.. بلا إنكار وبلا كذب وبلا رتوش.. لقد قطعنا أرزاق كل من لم يكن في مركبنا.. أحلنا الآلاف إلى الشارع العريض تحت بند الصالح العام ! والذي سوف يسألنا عنه الله يوم ذاك الموقف الرهيب.. أطحنا بهم غير عابئين بأسرهم وأولادهم وعيشهم ومقومات حياتهم.. شردنا أرباب الأسر بل أستطيع أن أقول إننا قد هدمنا «بيوت» بعد أن أوصدنا أبواب الرزق على القائمين عليها.. وكل ذلك بدعوى التمكين.. أيها الإخوان.. أنا أعرف إنكم الآن تضيقون بحديثي هذا الموجع.. ولكني أخاف عليكم من وجع هو الأكثر إيلاماً ورعباً يوم الحشر الرهيب.. وعندما يقف هؤلاء الذين شردناهم أمام مليك مقتدر وحيث لا يظلم عنده أحد.. أيها الإخوان.. هل يشرفنا أو حتى يرضينا أن يتمدد ويكبر ويزداد اتساعاً كل يوم بل كل ساعة تلك الدار الفضيحة التى تسمى دار المايقوما.. هل يمكن أن يصير هذا في دولة تقول إنها تحكم بشرع الله.. وأخيراً ماذا نقول لهذا الشعب.. إذا سألنا بأي دستور كنتم تحكمون الوطن وها نحن وبعد عقدين من الزمان وتزيد نقول لهم علناً إننا الآن سوف نحكم شرع الله.. أيها الإخوان.. إن الرجوع إلى الحق فضيلة.. والرجوع إلى الله هو إتقاءه في أعمالنا والرجوع إلى الله يجب أن يسبقه الإقلاع عن الذنب..