واليوم أمر.. وغداً أمر.. ونلتقط القفاز.. بل نقول سمعاً وطاعة يا مولانا الدكتور أمين حسن عمر.. والرجل كان قد قال مباهياً.. فرحاً جزلاً.. طروباً ومفاخراً.. إن من مفاخر وإنجاز وإعجاز الإنقاذ أنها قد جعلت حتى العلمانيين والشيوعيين و«الناس العاديين» وهو يعني كل الشعب السوداني من «الما أخوان مسلمين».. قال إنهم قد جعلوا هؤلاء يحاكمون الإنقاذ بمدى بعدها.. أو قربها من الشريعة الإسلامية ودين الله الحق.. وقبل أن نأخذ بقوة هذه المسطرة.. نقول لمولانا الدكتور.. وكأنك وكأنكم عندما تملكتم البلاد بالكامل لحظة مجيئكم.. قد وجدتم هذا الشعب في «دار الندوة».. أو جئتم لبلد مواطنوها من كفار قريش.. لا يهم المهم ها هي «المسطرة» في يدنا اليمنى.. وفي اليد اليسرى أفعال و«عمايل» و«بدائع» إخوتك في الإنقاذ.. في يدنا اليمين نحمل صحف وصحائف من القول الحق والذي ليس هو بالهزل.. نلوح لكم بآيات الله المحفوظة المطهرة... ونتلو عليكم قول النبي المعصوم وأحاديثه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. إنما هي وحي يوحى.. نحدثكم عن قدسية المال العام.. مال المسلمين.. وذاك السياج الذي لن يخترقه فاسد وخائن.. أو سارق.. أو نهاب أو مرتشٍ.. أم مستقل لوظيفة أو إمارة.. أو أي مسؤولية تتعلق بمال المسلمين وشأن المسلمين. ونضع على رأس صحائفنا.. كلمات الله التامات التي تدعو إلى شهادة الحكم أو المحاكمة عظة وعبرة.. تدعو.. بل تأمر بأن يشهد ذلك طائفة من المؤمنين.. يقول الحق «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» صدق الله العظيم سورة النور.. ونذهب إلى سيد البشير الرسول المعصوم.. نحكي لكم غضبه ذاك الشديد عندما سرقت المرأة المخزومية.. وأنت تعرف.. ونحن نعرف والدنيا كلها تعرف.. ما هي.. بل أي نوع من القبائل هي قبيلة «بني مخزوم».. هي من خيرة بطون قريش حسباً ونسباً ومكانة وشرفاً.. عز على هذه القبيلة أن تقطع يد إحدى نسائها حداً للسرقة.. تلفتت القبيلة يمنة ويسرة واستقرت على أحب أفرادها للنبي المعصوم.. وقع اختيارها على «أسامة بن زيد بن حارثة».. هذا الفتى كان يحبه النبي «صلى الله عليه وسلم».. حباً جماً حتى كان اسمه الذي يجري بين الناس «حِب رسول الله».. ذهب أسامة متشفعاً للرسول الكريم.. الذي واجهه بغضب شديد قائلاً «أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟!» وبعدها وقف النبي يخطب غاضباً «إنما أهلك الذين كانوا من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها».. يا ألطاف الله.. ويا لبهاء أيام يثرب وعطرها الذي ملأ الأرجاء.. وضيائها الذي أضاء الدنيا.. ويأتي عهد الفاروق عمر بن الخطاب.. أمير المؤمنين.. ذاك الذي أشاع العدل.. أقام ركائز ودعائم حكم لم تشهده الدنيا إلا في عهد النبي المعصوم.. يجلس أمير المؤمنين عمر على قمة دولة إسلامية تمددت أطرافها حتى حواف الكون.. ورغم علو مكانته وهيبته وعدله وعظمة مركزه.. لم يجد بأساً ولا تسرب إلى روحه السمحة.. غضب.. ولا أخذه كبرياء نفس وشاهق مكانة من تقبل اتهام أحد الرعية وفي قلب المسجد.. وفي أقدس مكان فيه «المنبر».. ينبري أفراد الرعية والذي يعادل عندنا أحد أفراد الشعب.. مخاطباً أمير المؤمنين والذي تواضعت الدنيا أن تعادل مكانته مكانة الحاكم أو رئيس الوزراء.. أو رئيس الجمهورية.. وفي أقطار عدة يكون ملكاً أو أميراً.. ينهض هذا الرجل ومن وسط الناس يسأل الخليفة العادل عمر.. لماذا لك ثوبان ولنا ثوب واحد.. إنه اتهام جائر في حق حاكم عادل.. لم يطلب الفاروق العسس أو القواد بأخذه أخذة رابية.. بل طلب في سماحة وسعة صدر من ابنه عبدالله شرح الأمر للأعرابي.. وهنا ترافع عبدالله بن عمر في صدق وإقناع.. وطاب وجدان السائل واقتنع تماماً.. وهنا صاح مهللاً.. الآن نسمع ونطيع.. وآخر صحائفنا هي ما خطها بداية العلم وأول فدائي في الإسلام.. وزوج فاطمة الزهراء ابنة الرسول المعصوم.. الذي تناهى إلى سمعه أن ابن عمه عبدالله بن عباس والذي كان والياً على أحد الأمصار قد بدت عليه آثار نعمة.. وقد كانت محض افتراء.. ولكن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لم يركن إلى سيرة وسريرة ابن عمه الباهرة.. ولا منعته مكانته الشاهقة ولا تدينه الحقيقي البديع من مساءلته عن حقيقة الأمر.. واتضح أن ابن عمه كان طاهر اليد.. حافظاً لأموال المسلمين.. ولكنه الدرس الإسلامي الحاسم بأنه ليس هناك كبير على المساءلة.. ولا أحد مهما كان يمكن أن تحميه حصانة أو مكانة من المساءلة وتطبيق قواعد وقوانين الشرع المطهر.. وننهي صحائفنا والتي هي باليمين.. وغداً نتلو عليكم تلك التي بيدنا اليسرى.