التطهير بالماء: من الوسائل المهمة في العلاج الشعبي عند الشعوب منذ أقدم الأزمان، الزيت والخمر والماء، ويعد الماء وسيلة من وسائل الوقاية، وأيضاً وسيلة من وسائل الشفاء، فلقد كانت أوامر الله أن يتم الإغتسال بالماء قبل الصلاة وعلي هذا كان مدخل الهيكل يمتلئ بالمراحض التي يتم فيها غسل الماء، وكانت هناك عادة دينيه عند اليهود وهي أن يتم الإغتسال أو غسل الأيدي بالماء قبل الأكل، وقد أنتقد اليهود تلاميذ السيد المسيح لأنهم لم يغسلوا أيديهم: (لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَالشُّيُوخِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزاً)؟متي2:15))، لأَن َّالْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ لاَ يَأْكُلُونَ مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِالشُّيُوخِ.(مرقس3:7))، وقد غسل السيد المسيح أقدام التلاميذ كنموذج للتواضع، كما أنه أقام عادة معروفة في الضيافة فيها يستقبل الضيف بالماء، ويقوم المضيف بغسل رجلي الضيف وهنا يذكر الإنجيل المقدس:( ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا، فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ(يوحنا13: 5، 14). وعندما أعترض بطرس الرسول مستكثراً أن يغسل السيد المسيح بنفسه قدميه صمم السيد المسيح علي هذا وهنا يذكر الإنجيل: (فَجَاءَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: (يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ!) أَجَابَ يَسُوعُ: (لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ) قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: (لَنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَداً!) أَجَابَهُ يَسُوعُ: (إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ) قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: (يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي) قَالَ لَهُ يَسُوعُ: (الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ) لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ لِذَلِكَ قَالَ: (لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ) يوحنا13: 6-11).) وفي زمان موسي كليم الله كان الشعب يتقدس بالإغتسال لكي ينتظر في تقوى عمل الرب: فَانْحَدَرَ مُوسَى مِنَ الْجَبَلِ إلى ِالشَّعْبِ وَقَدَّس َالشَّعْبَ وَغَسَلُوا ثِيَابَهُمْ.(خروج14:19))، وكان الماء أداة من أدوات التطهير، وكان التطهير بالماء متمثلاً في معمودية يوحنا المعمدان، وأما السيد المسيح فقد كانت المعمودية عنده هي سر دخول إلي المسيحية، والمعمودية بالماء بالإضافة إلي الروح القدس، وعندما سأل اليهود يوحنا المعمدان أو يحيي إبن يوحنا عن المعمودية أجاب بأنه يأتي بعده من يعمد بالماء والروح: فَسَأَلُوهُ: (فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ وَلاَ إِيلِيَّا وَلاَ النَّبِيَّ؟) أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا: (أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ وَلَكِنْ فِي وَسَطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي الَّذِي صَارَ قُدَّامِي الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ) هَذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَبْرَةَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ.(يوحنا1: 25-28))، ثم قال: (وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.................(يوحنا33:1). وكان التطهير بالماء تطهيراً من أصعب الأمراض المُعدية وهو مرض البرص، فلقد طلب اليشع من نعمان السرياني أن يغتسل في نهر الأردن بالماء: (فَجَاءَ نُعْمَانُ بِخَيْلِهِ وَمَرْكَبَاتِهِ وَوَقَفَ عِنْدَ بَابِ بَيْتِ أَلِيشَعَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلِيشَعُ رَسُولاً يَقُولُ: أذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ فَيَرْجِعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ.(ملوك الثاني5: 9-10)،) وعندما غضب نعمان السرياني القائد الحربي لآشور نصحه من حوله بأن يسمع الكلام ويغتسل، فَغَضِبَ نُعْمَانُ وَمَضَى وَقَالَ: (هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيَّ وَيَقِفُ وَيَدْعُو بِاسْم ِالرَّبِّ إِلَهِهِ وَيُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ فَيَشْفِي الأَبْرَصَ! أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟ وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ. فَتَقَدَّمَ عَبِيدُهُ وَقَالُوا: يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ أَمْراً عَظِيماً أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ: اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟. فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ الله، فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ.(ملوك الثاني5: 11-14) .) وقد أستعمل السيد المسيح الماء في معجزة المولود أعمى، قَالَ هَذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِيناً وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى. وَقَالَ لَهُ: (إذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ) الَّذِي تَفْسِيرُهُ مُرْسَلٌ. فَمَضَى وَاغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيراً.(يوحنا9: 6-7)،) وطلب من الصائم أن يدهن رأسه بالزيت، ويغسل وجهه بالماء: وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ(متي17:6).) أما داؤود صاحب المزامير فيقول:( أَغْسِلُ يَدَيَّ فِي النَّقَاوَةِ فَأَطُوفُ بِمَذْبَحِكَ يَا رَب(مزمور6:26).) اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي، طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ. أغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ ألثَّلْجِ.(مزمور(15: 2 7،) وأرميا النبي يطالب بالإغتسال بالماء: اِغْسِلِي مِن َالشَّرِّ قَلْبَكِ يَا أُورُشَلِيمُ لِتُخَلَّصِي. إِلَى مَتَى تَبِيتُ فِي وَسَطِكِ أَفْكَارُكِالْبَاطِلَةُ؟ (أرميا14:4)، )أما ما يحدث من صلوات رجال الدين المسيحي وهم أولياء الله الصالحين من تجاوب مثل معضلة عدم الإنجاب، وما يحدث من راحة نفسية للأمراض النفسية في سر الإعتراف فهو لا يمكن تجاهله.