تعتبر الوثيقة الدولية لحقوق الانسان ظاهرة كونية فلم يحظى اي عهد دولي أو ميثاق منذ انشاء عصبة الأمم عقب الحرب الكونية الاولي وحتي انشاء الاممالمتحدة بالقبول من دول العلم وشعوبها، فقد مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي تم اعتماده في العاشر من ديسمبر عام 1948 قمة الحضارة التي وصلتها البشرية وخلاصة المعتقدات السماوية التي أمرت بإعمار الأرض إستخلافاً فيها وبكرامة الإنسان أعظم مخلوقات الله علي الارض وهي ذات القيم التي توصل اليها الفلاسفة والعلماء في كل العصور من الفكر التراكمي لبني البشر واستكملت الوثيقة بدايات المدنية في المجتمعات البشرية التي تناولها كبار الفلاسفة والمفكرين من حمورابي وحتي فلاسفة اثينا وروما. جاء الإعلان العالمي لحقوق الانسان من خلال البيان الصادر عن منظمة الأممالمتحدة في شكل تواثق بين شعوب العالم وللدول الموقعة حق تمثيل شعوبها والتعبير عن مجتمعاتها، وذلك من خلال الديباجة التي عبرت عن مخاطبة الانسان وحقوقة التي تحفظ له انسانيته، وعبرت المواد الثلاثون للاعلان عن حزم مترابطة في مقدمتها حق الحياة للإنسان فلا يحق لفرد، أو جماعة، أو نظام، أن يقرر سلب الانسان حياتة في مرجعية الأديان السماوية الثلاثة فالاسلام نهى عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وشملت المواد الثلاثون ما يؤكد كرامة الانسان في عدم الإسترقاق والعبودية والسخرة والتمييز، فكل البشر متساوون ورسول الإسلام عليه السلام يُشرِّع للإنسانية أن لافرق بين عربي واعجمي إلا بالتقوي وأمنت الوثيقة الفرد في مجتمعة بإقرار مبادئ العدالة، وحقة في التقاضى المتساوي وعدم تقييد حريتة بحبسه، أو تقييد حريتة في المعتقد، أو الحجر علي أرائه وممارسة شعائره. ان كانت نماذج لحقوق الفرد في كرامتة وحرياتة فقد حققت الوثيقة في علاقة الفرد والجماعة في النظم وإدارة المجتمع ممثلةً في الدولة الحديثة بما يحقق أمن الانسان وإرادته ويشبع احتياجاتة في إذار الكرامة الانسانية، فمن حقوقه الأساسية اختيار نظام الحكم والمشاركةو الاختيار، وحقه في ترشيح نفسه، وحقه في التعليم والصحة والتنمية والحقوق المدنية الاخرى. وجاء لتأكيد معاني الاعلان العالمي لحقوق الانسان جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام1966وشكلت الوثائق الدولية الثلاثة لائحة الحقوق الدولية التي أعطاها قوة القانون الدولي. ان الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان يأتي هذا العام الذي إتسم بارتفاع درجة المطالبة بين شعوب الدول العربية خاصةً وعدد من شعوب الدول الاخرى في المشاركة في الحياة العامة، والدعوة الي الديمقراطية والحكم الراشد، وكانت ثورات الربيع العربي التي إجتاحت عدداً من الدول. استطاعت الشعوب ان تفرض إرادة تغيير أنظمة الحكم في تلك الدول وتؤسس لتداول السلطة، وسيادة حكم القانون، وايضاً انتشرت حركات الاصلاح والتغيير، فداخل الهيئات والمؤسسات الحزبية والسياسية وبدأت جماعات الإصلاح السياسي والدستوري تعبر وبقوة عن سيادة المجتمع المدني وحكم الشعب من ممارسة حقوقه المدنية والسياسية، وقد وجدت هذه الثورات تعاطفاً ومساندة، ودعم المجتمع الدولي الذي تعاهد علي وثائق ا لحقوق الدولية. والملاحظة الثانية ان الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان يأتي هذا العام في ظل ارتفاع ملحوظ بثقافة حقوق الإنسان علي مستوي الأنظمة الحاكمة والشعوب، وفي عدد من دول العالم الثالث بادرت الحكومات والأجهزة الشعبية المنتخبة الي سَن التشريعات والقوانين والآليات التي تحمي وتعزز حقوق الإنسان في دولها، وذهبت هذه الدول الي تثبيت الحقوق الدولية في دساتيرها واعتبارها مرجعية للتشريعات الوطنية. ان الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبة لنا في السودان لتحقيق الرغبة الجامعة للسلام والأمن ومعالجة إفرازات الحروب والنزاعات في عدد من مناطق السودان والتي ادخلت أدبيات الحقوق الدولية في صلب إتفاقيات السلام، وخصصت لها محوراً في الاتفاق، وان حماية الإتفا قيات، والدفع بخطوات استكمال السلام المستدام تتطلب تضافر الجهود لتحقيق برامج الإصلاح التي تحمي المجتمع السوداني من العنف والفوضى وتمزيق النسيج الإجتماعي وذلك بترشيد حركة الإصلاح السياسي والإجتماعي والثقافي المستندة الي مباديء القانون الدولي للحقوق. ولله الحمد....