هذه أول مرة أدخل فيها هذا السوق الملئ بكل أجناس و أنواع الأقمشة والملابس الآسيوية والأوربية.. قصدته لشراء «عمة» بعد توصيات نفر كُثر بأن التوتال الأصلي يتفرد به دكان محدد في هذا السوق.. و بالفعل أصبت ذلك التوتال الذي يميل بياضه لمياه البحر في الخارطة الجغرافية، وأنا أتفحص ذلك القماش المحبب الذي سأزين به فروة رأسي مع جلباب لا يقل عنه بياضاً من ناحيتي السريرة واللوى، نادتني امرأة باسمي، لم استغرب ذلك ليس للشهرة طبعاً، ولكن لأنني هاجرت ردحاً من الزمن وعدت وقد جرت تحت الجسر مياه كثيرة، كبر الأطفال الذين تركتهم وشاخت نساء، وقد غادرن الدنيا، وكبرت صبايا وصرن في عمر المرأة التي تناديني باسمي، توقفت و صافحتها؛ امرأة في بدايات الستين، صفراء و بدينة، تميزها أعين شديدة البريق، تشع من تحت أهداب كثيفة ومخيفة.. طلبت مني أن أعطيها مبلغ عشرة آلاف جنيه.. وهنا سألتها كيف عرفت اسمي، وهل كانت تعرفني من قبل, فأجأتني بإجابة مدهشة- وبلهجة تنم عن شر- شوف يا محمد أحسن ليك تديني القروش دي، و لو ما داير تديني علي كيفك.. عاودت النظر إلى وجهها من جديد، فلاحظت أن عينيها بدأتا في ارسال اشعاعات واضحة لا تخطئها العين، وبدأ وجهها يتلون بلون ارسال أشعة عينيها، والأهداب تتحرك و تتموج في سرعة غريبة.. كان هذا المشهد المربك يقع على مدى زمني لم يتجاوز ال(30 ثانية ) بعدها أشاحت بوجهها ومضت في الإتجاه المعاكس لوقعها بسرعة مذهلة. تسمرت في مكاني مدة خمس دقائق، استدعي تلك الصورة التي تجسدت في ملمح (جنية)، وبدأت اتعوذ وأقرأ آية الكرسي، واتذكر أحاديث أمي عن الجنيات في البلد، والقطط اللواتي كن يتحولن لجنيات قبالة قريتي تنقاسي. وهنا قررت اللحاق بالمرأة بما طلبت مني من مبلغ مالي، و بدأت أصيح بها «يا خالة أقيفي هاكي القروش» وهي تسرع وترفض الاستجابة لإلحاحي بمنحها ما لا تستحقه، حتى خرجنا من ساحة السوق لفضاءاته، فالتفت نحوي و قالت لي: «عايزة مية ألف» فوافقت و طلبت منها أن تقف، ولكنها رفضت و طالبتني بمائتي ألف فوافقت، لكنها كانت تسرع، وفي كل مرة كنت أناديها فيها، كان المبلغ يتضاعف إلى أن وصل ل (500 ) ألف وهنا اختفت تماماً... ومن هنا أناشد هذه الجنية للاتصال بي لأخذ المبلغ لأني «ما ناقص». هذا ما حدث تماماً.... و الله أعلم!!