لم استطيع ان أطرد من اذني صدى كلمات السيد أشرف الكاردينال رجل الأعمال السوداني المعروف في الحوار الذي أجراه مع الاخ رئيس التحرير الاستاذ مصطفى أبو العزائم والكاردينال يقول رداً على تساؤلات الاستاذ مصطفى حول أعماله في السودان في إجابةٍ يملؤها الأسى والحزن على حد الوصف «ان كل أعماله قد صفاها في السودان وانهى خدمات اكثر من مائة وخمسين من العاملين معه وقال: إن سياسة الاستثمار طاردة اضافة للجبايات المستمرة والباهظة وكل ذلك يشعر المستثمر انه محارب من جهة ما.. جهة خفية.. شبح لا يمكن الامساك به عكس الجنوب لأن سياسة الحكومة هناك مشجعة للمستثمرين رغم حداثتها.. وهي تعمل ليس على تشجيع الاستثمار فقط.. بل تحميه وتحمي أعماله» إنتهى حديث الكاردينال وهو بصدق حديث يدعو للحسرة والألم والضيق والوطن يضيق صدره بابنائه القادرين والآملين لتتضاعف حسرة الهجرة للخارج بأنها هجرة أيدٍ عاملة وكفاءات وكمان هجرة رؤوس أموال ودعوني أمسك بتلابيب حديث السيد أشرف نقطة نقطة وابدأ بحكاية الرسوم والجبايات الباهظة التي تفرض على المستثمرين أوأي شخص أراد الدخول في مجال تجاري وكأنه بقرة حلوب يتم حلبها صباح مساء حتى يجف ضرعها ويصيبها الوهن والإرهاق.. وفي النهاية تنفق وتموت أو تشرد من المراح.. وهذا بالضبط ما يحدث الآن ! والضرائب الباهظة والجبايات أفلست بكثيرين وأوصلت بعضهم ليعتزل العمل التجاري ويحتفظ بما تبقى له من رأس مال يحفظ به ماء وجهه أو يهرب ليستثمر في أرض الله الواسعة طالما انه يجد الترحيب والتسهيل والمساعدة.. حاجة ثانية قالها الكاردينال هي اكثر فصول الرواية الماً إذ انه أنهى خدمات اكثر من مائة وخمسين من العاملين لديه بتصفية لاعماله وبالتالي كم بيتاً انقطع رزقه في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة ؟. وكان بامكان هؤلاءواضعاف مثلهم ان يجدوا طريقة لكسب العيش من استثمارات أشرف أو غيره من المستثمرين! ولعل المفارقة في حديث السيد أشرف انه ذكر تعبير أحسب انه يشاركه فيه أفقر وأتعس سوداني «مالاقي حق العشاء» رغم فارق الامكانيات بينهما والكاردينال يقول انه يشعر انه محارب من جهة ما جهة خفية شبح لا يمكن الامساك به. نعم هذا تماماً حال المواطن الذي يشعر بالفعل انه محارب ومجابد وفي شبح مسلط عليه ليزيده رهقاً وتعباً قد يوصله اما للجنون أو الانتحار! صدقوني اذا ظلت رؤوس الاموال السودانية تيمم وجهها شطر مدن العالم المختلفة من اديس وفي دبي وصولاً لكوالالمبور فان على هذاالبلد السلام!! لانه لا يعقل ان تجد رؤوس الاموال العربية ما تجد من معوقات وشروط تعجيزية تقف حائط صد لانهمار أموالها في مشاريع استثمارية أو حتى بنيات تحتية اقتصادية عملاقة وتجد رؤوس الأموال السوداني هذه القسوة والنفور.. وقفل الأبواب أمامها لا يعقل بهذا الاسلوب ان نحلم حتى مجرد حلم ان يتغير هذا الواقع المر اللهم إلا بمعجزة وزمن المعجزات أخشى ان يكون قد انتهى. حكمة عزيزة النيل الأزرق الفضائية التي استطاعت في السنوات الماضية ! وبوقار ان تعيد الحيوية والجمال للشاشة السودانية للأسف هي الآن تعاني تراجعاً مخيفاً ولافتاً للأنظار على مستوى المنتج نفسه و خلت النيل الأزرق من عنصر الدهشة والمفاجأة والمباغتة الرائعة لتدور في فلك التكرار الممل.. والمصيبة الاكبر ! ان معظم مذيعاتها ولا اقول مذيعيها هن أقل مستوى بكثير من رصيد النيل الأزرق الذي كونته لدى المتلقي السوداني.. الذي ما عادت تغازل عيونه الثياب المزركشة أو حتى المكياج الفاقع والرؤوس فاضية.. والدواخل بلا مخزون للفكرة أو المفردة حصلوا النيل الأزرق لأني أخشى عليها من بداية النهاية. كلمة أعز النيل الأزرق أضحت نيلاً أبيضاً بلا عِرق ولا قوة تيار!