الأيام القليلة الماضية أعادت إلى الأذهان ذكرى الألفية الثانية وما رافقتها من توقعات حول نهاية العالم حيث قيل ستتوقف الساعات وتنتهي عندها الدنيا وأصل لذلك بأقاويل وأسانيد كثيرة .. ولكن لحسن الحظ لم يصدمنا كوكب أو تنفجر فينا شمسنا واليوم تجتاح العالم هستريا جديدة وهي إعتبار أن يوم أمس الأول الأربعاء الموافق 21من ديسمبر الجاري هو يوم القيامة وللأسف الشديد آمن بعض ضعاف النفوس من المسلمين بهذه التكهنات التي ساقتها بعض الشعوب في أمريكا اللاتينية وخاصة ما يعرف (بالمايا) وعلى مر العصور ظهر أناس على الأرض يتوقعون نهاية العالم في تاريخ وزمن معينين وحدثت بذلك ضجة كبيرة، ونحن معشر المسلمين نؤمن بأن الساعة قائمة لا ريب فيها..ولديها علامات ظهرت الصغرى منها وتبقت الكبرى.. وهذه الضجة والرعب مرجعها الأساسي الهشاشة في الفكر والثقافة والمعتقد الذي تمر به أمتنا الإسلامية اليوم فقد أصبحت تتأثر بالعالم الغربي حتى وصل الأمر لاستهدف الثوابت في حياتنا ،وفي معتقداتنا ويدور الحديث كثيرًا عن الغزو الفكري والثقافي، واعتبر الأمر من أعظم التحديات التي تواجه الأمة بما في ذلك العلماء الذين يفتقدون للمبادرات! رغم أن القرآن الكريم حوى كل أوجه التجديد والمواكبة والتأصيل للاكتشافات العلمية، والملاحظ أن علمائنا أصبحوا يتعاملون بفقه الكرات المرتدة بمعنى انه حينما يقول علماء الفلك أو علماء الغرب بعض الأشياء يقابل ذلك برد بسيط في(أن هذا موجود في القرآن الكريم قبل 1400 سنة ) نعم انه موجود في القرآن الكريم ولكن يحتاج إلى إبراز وتجديد حتى يواكب المتغيرات العلمية التي تستقبل كل يوم أحداث جديدة، وحينما ضرب برج التجارة العالمي ربطه البعض بقوله تعالى(أفمن أُسس بنيانه على تقوى ورضوان من الله خيرٌ أم من أُسس بنيانه على شفى جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) وتم التعليل لذلك بتاريخ ورقم الآية مع الربط بين الحدث والمناسبة الأمر الذي روج له كثيرون وأنكره البعض باعتبار أن البرج كان فيه أيضاً مسلمين ..! تحتاج أمتنا اليوم إلى فقه يخرجها من دائرة مجاراة الأحداث إلى صناعة الأحداث خاصة وأن ديننا مليء بالمفاجآت التي يحتاجها العالم اليوم في ظل تنافس علمي كبير تقوم به المجموعات الدينية على مستوى العالم، وحينها سنقدم حلولاً لكل قضايا العالم طالما أن الدعوة عالمية المنهج واقعية الطرح وصا لحة لكل مكان وزمان .. وبالتأكيد أن تلك خصائص لا توجد في المؤلفات الأفلاطونية ولا تحصيها إجتهادات أرسطو، إنما هي أحكام ربانية عميقة الطرح أكبر من إنتاج عقول البشر، وغير قابلة لإثبات العكس.. القرآن أكد أن الشمس تجري لمستقر لها ولا يدركها القمر ولا هي تدركه وهم جميعاً في فلك واحد يسبحون .. إذا من أين يأتي هذا الكوكب ؟ ولماذا لا يدور معهم في هذا الفلك بانتظام ؟! طالما أن المدبر هو الله الذي بين الحقائق ووضحها بشكل مليء ومتين! ومهما اجتهد علماء الفلك والبحار فإنهم لا يتجاوزون ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. البعض وجِلَ من هذه الشائعات وأصبح ينتظر قيام الساعة في ليلة 21 وبعض الشعوب انتحرت حتى لا ترى عيناها نهاية الكرة الأرضية، وبحمد الله مرت الأمور بسلام ولم تقم الساعة ، وثبت أن العلي القدير يدبر الأمر فلا الليلُ يسبق النهارَ ولا النهارُ يقتحم الليلَ وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.. وسأواصل في موضوع الهشاشة في الفكر والثقافة في الأعداد القادمة. والله ولي التوفيق..