وجدت مجموعة من زميلاتنا الصحفيات «تحت التدريب» ، وهن في حالة جلوس «ساكت» بإحدى صالات التحرير، الوقت للعمل.. وشمس ظهيرة الخرطوم تجاهد لإعطاء الغلابة بعض دفء يفتقدونه هذه الأيام!! قلنا يا جماعة الخير: لماذا الوقوف المتكرر؟.. قلن: نحن في انتظار رئيسة القسم وكمان البرد يا أستاذ!! قلنا لهن: حتى تعود الأستاذة لماذا لا «تشتغلوا لينا»!! حاجة عن البرد.. مثلاً.. نتوزع في «فريقين» للعمل ونقوم بإجراء (Story) سريعة نسميها الناس والشتاء!!.. وضعت معهن الخطة على عجل وهرولن في اتجاه الأسواق والناس والشتاء الحصيلة التي جاءت حتى الآن لا بأس بها!! قالت التي ذهبت للسوق هناك طلب على الملابس الشتوية.. والطلب لا يناسبه العرض الموجود.. أحد التجار قال لي السودانيون لا يعرفون- إلا قليل منهم- اللبس على حسب الفصول!!.. يعني موضة ملابس الشتاء والصيف ما عندهم!!.. يعني الواحد ممكن «اندرع» في قميص واحد طول السنة وعلى طريقة عبد العزيز محمد داؤود «هل رأيتن حبيباً قد توارى».. سألها التاجر: هل رأيت أباك أو عمك يغير «عمته» البيضاء «المكوية» بشال أخضر أو جلابية داكنة اللون. قلت لها: التقرير لا بأس به ولكنه في حاجة لأسئلة مثل كم سعر «الكستور» في الأسواق!!.. اندهشت المحررة وتساءلت ما هو.. قلت لها: قماش قطني يقي من البرد وكان يتم تفصيله في المنازل!.. إنه «السيوتر» بواقع اليوم!! المجموعة التي ذهبت للصيدليات خرجن بحصيلة مفادها أن الأولوية هذه الأيام لأدوية البرد والنزلات وأغلب الصيادلة قالوا إن الزبائن يتجهمون وينسحبون بسرعة فالأسعار «نار» ولسان الحال يقول «القرض بداوي المرض»!! صديق قال لي: أشعر بالكآبة في هذا الفصل . الكآبة التي جعلت جمهوراً غفيراً من سكان العاصمة يرشقون أنفسهم والمارة بزجاجات الماء البارد في عز الشتاء! في الشتاء تتساقط الأوراق وتدخل أغلب الكائنات بياتها الشتوي.. وهنا في هذه الأرض الطيبة تتساقط أوراق «الحوجة » و«الحاجة» والحاجة عند الناس الغلابة!! تاجر الأقمشة قال إن السودانيين لا يعرفون خطوط الموضة حسب الفصول.. صدق الرجل ونزيد عليها ونقول هم أيضاً في حاجة لمعرفة حجم الاحتياجات الفعلية للضعفاء منهم والمساكين في هذا الفصل الشتائي القارس!! أعجب أن تتحرك يد الإحسان والعطف في شهر رمضان وحده مع أن فصول السنة كلها للإحسان والعطف!!.. خصوصاً في هذه الأيام الباردة التي يحتاج فيها المساكين للطعام والكساء والدواء!! لماذا لا نرى موائد «شتوية» على وزن موائد رمضان.. أو قوافل شتوية لدعم الفقراء والمساكين والأرامل فما أكثرهم هذه الأيام!! لسان حال الناس يقول الحالة مستورة لكن المرض «مفتش».. ونزيد ونقول والبرد أيضاً «مفتش كبير»..