ملحوظه: نُشرت هذه الزاويه قبل بضعة أيام من رحيل فنان الشباب الأول محمود عبدالعزيز.. واليوم نعيد نشرها ونحن نترحم على روحه ونطلب له المغفرة. üü أقرأ ما يكتب عن حالة محمود عبدالعزيز فنان الشباب الأول لأكثر من ربع قرن.. وهو مُربك للحد البعيد .. فمرات يقولون حالته تحسنت ومرات يقولون إنه في غرفة الإنعاش .. فاحترت ماذا يحدث بخصوص حالته الصحية.. عرفت محمود عبدالعزيز في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وأنا أرى «بوسترات» خجولة لحفلاته وكان الاسم غريباً عليّ.. محمود عبدالعزيز الذي أعرفه هو الممثل المصري المجيد.. حاصرني الاسم وسألت عنه.. كنت معلماً بمدارس الإنجيلية بحري آنذاك.. و واحدة من طالباتي قالت لي إنه فنان مكتسح للساحة تماماً.. دعتني إلى حفل خاص له.. تقيمه السيدة خالتها وقد كانت مغنية «دلوكة» فذهبت ووقفت من على البعد استمع إليه.. أغنيات مسموعة.. وبعض أغنيات الحقيبة المغمورة.. أذكر منها أغنية جاهل وديع مغرور وكان يغنيها بطريقة خاصة مميزة.. وبعد سنوات «وأياميها» كانت الموضة أجهزة التسجيل.. وكنت ذات مساء راقداً على سريري فجأه انتبهت إلى جهاز التسجيل وكان يستمع إليه أحد أبنائي.. فأدرته لاستمع لما كان يستمع إليه فخرج صوت محمود يغني.. كان قد أصبحت لديه أغنيات خاصة وفجأة زارني أحد الأصدقاء وهو طبيب صيدلي.. وظبطني متلبساً بالاستماع إلى محمود.. فاعتذرت له بأن الشريط يخص ابني.. فقال لي معاتباً: ولماذا تعتذر.. الولد ده صوتو جميل جداً وأنا معجب به جداً.. ذاع أمر محمود عبدالعزيز.. ولم انتبه إلى كاريزماه .. وذات يوم في بداية الألفية.. وكنت عائداً من مكاتب صحيفة الحرية.. امتطي عربتها.. وقبل أن ندلف بالشارع المؤدي إلى بيتنا.. رأيت الشباب يجرون مما أفزعني فتبادر إلى ذهني أن حريقة قامت في واحد من البيوت.. كل الأزقة مليئة بالشباب من الجنسين يعدون في هيستريا.. ولما وصلت إلى باب بيتنا وجدت أبنائي يخرجون وهم يرتدون ملابسهم.. أكملوا ارتداءها في الشارع فسألتهم ماذا حدث فقالوا لي وهم يجرون: محمود عند الجيران.. هنا عرفت أنه محمود عبدالعزيز.. ووجدت التدافع.. وبعد نهاية الحفل سمعت جلبة ولما خرجت وجدت أن الشباب كادوا يحملون عربته من التدافع فكان أن تم تهريبه حتى يستطيع الخروج.. ومرت الأيام وكنا في لجنة تحكيمية في مركز شباب بحري لفرز أغنيات تخص أحد المهرجانات وكان ضمن المشاركين.. وكنا بضعة أشخاص .. تغني أمامنا بعض المواهب.. ولما جاء دور محمود عبدالعزيز في الغناء .. فجأه انشقت الأرض وجاء عدد من الناس ازدحم بهم المكان.. ولما كان المركز متاخماً للمستشفى حتى المرضى وقفوا يتطلعون ويستمعون.. التقيت به عدة مرات.. مرة في مركز شباب بحري.. ومرة في مكاتب صحيفة الدار.. وأخرى وكنا ضيوفاً على برنامج للمخرج الراحل المقيم عيسى تيراب.. وكان معي الموسيقار صالح عركي.. فقدمنا حلقة في العيد كنت قد قرأت فيها قصيدة «نختلف أو نتفق» فطلب التغني بها .. ولكن المشروع لم يكتمل وجدت فيه حياء وتواضعاً عجيباً.. وحيرني أمام ما يحكونه عنه من تمرد وحب للشغب.. ومرت الأيام كعادتها وتربع محمود على قائمة الفنانين.. وأصبحت حفلاته تقارن مع حفلات الملك المتفق عليه محمد الأمين.. أتمنى له عاجل الشفاء فهو ظاهره فنية واجتماعية تستحق البحوث والدراسات.. فقد سجل اسمه على دفتر الأغنية السودانية عنوة واقتداراً.