قليل من البشر يملأون الدنيا ويشغلون الناس ، لما يمتلكونه من كاريزما خارقة وإبداع مغاير يتغلغل في الوعي الجمعي ومحمود عبد العزيز رحمه الله كان واحدا من هذه الكوكبة والتي ستظل سيرتها تعانق الوجدان جيلا بعد الآخر ، والحوت أو كما يحلو لمحبيه وعشاقه ، أستطاع منذ بداية الثمانينيات من القرن المضي تشكيل الذائقة بما يمتلكه من حضور سخي وتطريب باهر كسب الرهان في المشهد الفني بين أبناء جيله من المطربين ، أذكر أو مرة تعرفت فيها على محمود كان عبر كاسيت هدية من الصديق المنتج على موسى تيتي وكان يتضمن أغنية افتقدتك «يا صبا عمري وشبابي « وهي واحدة من خصوصياتي العامة ،لم أكن اعرف أيامها أنها استطاعت تشكيل الوجدان الجمعي في تلك الفترة ، صوت محمود منذ الوهلة الأولى عبر بذائقتي تخوم الوجدان ، ومن يومها بدأت علاقتي بهذا الفنان الفلتة ، تعبر السنين متسارعة والجمهور يرفع لمحمود عبد العزيز القبعة ، حتى جاء محمود إلى جدة متعاقدا مع متعهد حفلات ذكي عرف كيف يستثمر هذا الفنان ، وفي أول يوم من وصوله التقيت به في منزل العازف سيف الباشا وقد حضر خلق كثيرون أولى بروفاته ، وأذكر إنني دعوت صديقنا وزميلنا عراب الصحافة الفنية في الوطن العربي على فقندش لحضور البروفة ، وفي حينه أجرى على فقندش لقاء توثيقياً مع الحوت رحمه الله ونشر على صفحات صحيفة « عكاظ « وكرت سبحة الأيام وكنت التقي محمود يوميا لدى أصدقائه أو في الشقة المفروشة التي كان يقيم فيها مع العازف إسماعيل عبد الجبار ، وفي أولى حفلات محمود التي شهدها نحو 70 ألف متفرج قدم محمود الدعوة لكل من صديقنا الشاعر عزمي أحمد خليل والصحافي علي فقندش والعبد لله ، وشدا محمود رحمه الله في تلك الأمسية العابقة برائحة البحر أمام جمهوره العريض على مسرح قصر خزام ، وأذكر أن الحوت في تلك الليلة التي ما زالت مشاهدها طازجة في رهات القلب أهدى العبد لله أغنية افتقدتك والتي شدا بها على المسرح المكتظ بالبشر ، وفي صبيحة اليوم التالي وفي اجتماع التحرير في صحيفة « عكاظ « أباح صاحبنا فقندش أنه حضر أمس حفلا للفنان السوداني محمود عبد العزيز وان جمهوره كبير مثل جمهور الفنان عمرو دياب تماما ، وبعد يومين من الحفل الأول أقام صاحبنا فقندش حفلاً تكريمياً للفنان محمود عبد العزيز وجوقة العازفين وحضره جمع من النخب السعودية والفنان عبد الله رشاد وآخرين ، فضلا عن الشاعر عزمي أحمد خليل ، إنتقل محمود إلى الضفة الاخرى وسيبقى إرثه الفني شاهدا على إبداعه ونبوغه وسيفتقد جمهوره حضوره الآثر ، وكم بودي أن تتولى اجهزة الأعلام جمع شتات أعمال محمود عبد العزيز تكريما له فضلا عن الإهتمام بأسرته رحم الله محمود عبد العزيز واحسن إليه إنه سميع مجيب .