ومازلنا في رحاب مولانا دوسة.. وبالأمس حدثناه عن قدسية وحرمة أموال المسلمين.. وكيف كان الفاروق حازماً وصارماً في التعامل مع من ولغ في أموال المسلمين.. مستظلاً تحت مظلة الفساد.. واليوم نرحل معه إلى بلاد (الكفار) و(الملاحدة) والذين يضعون الخطوط الحمراء أمام أموال الدولة والتي هي أموال للشعب.. ونحن الآن في دول الاتحاد الأوربي.. تلك التي تحصن أموال الدولة.. بسياج من فولاذ.. تلك التي تعلن عن الفاسد بالصوت والصورة .. تلك التي تضع المفسد- مهما كان مركزه وصولجانه وموقعه- «خلف قفص» وهو على مرمى متر من أضواء الفلاشات.. وعدسات الكاميرات.. وبؤر أضواء الفضائيات.. لا يعلمون شيئاً بل لم يسمعوا أبداً بالذي عندنا نحن (الساجدين)، وهو المعاملة بفقه السترة.. وإيد على إيد نذهب مع مولانا دوسة إلى بلاد (اليانكي) دولة الاستكبار وشيطان الدنيا الأكبر (أمريكا).. تلك التي هي صورة طبق الأصل في ردع المفسدين و(النهابين) مع الدول الغربية الديمقراطية.. ثم (نعرج) إلى أحباب الأحبة الجدد والأصدقاء الذين تصاعدت وسمقت وأزهرت قصة حبهم وأثمرت توأمة بين المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي الصيني.. هناك في دولة الملاحدة هؤلاء اللادينيين في الصين (الجديدة).. هناك الفاسد الوالغ في مال الدولة يطلق عليه الرصاص وعلى (الرأس) تماماً، بعد محاكمة لا تدوم أكثر من دقائق لا تبلغ الساعة من الزمان.. وهل نذهب إلى موسكو.. لا شيء أعرفه عنها الآن.. بعد أن دهس ذاك المخبول المعتوه (جورباتشوف) قصر الكرملين، وبعد أن فكك صرح الاتحاد السوفيتي صامولة.. صامولة.. كان وقتها الفاسد الذي تثبت عليه التهمة يذهب مباشرة إلى القبر في سرعة (الكونكورد)، هذا إذا ثبتت عليه الجريمة.. أما إذا لم تثبت التهمة ولم تجد المحكمة أدلة كافية.. يذهب إلى (سيبريا)، ليقطع الأخشاب في ذاك الصقيع الذي لا تحتمله (الدببة) لمدة عشرة أعوام.. وذلك ليتطهر أولاً.. وثانياً لأنه كقيادي قد وضع نفسه في مربعات ودوائر المظنة.. وهل (أعصابك من حديد) لتحتمل ما كان يفعله (منقستو هايلي ماريام).. كان هذا الرجل ودفاعاً عن مواطنيه.. وانحيازاً للفقراء من شعبه.. وعندما كان في السلطة كان الرجل يقذف (بالفران) في جحيم الفرن إذا انتقص من وزن الخبز بضع جرامات من الدقيق.. لينضج الفاسد قبل أن ينضج رغيف العيش.. والآن يا مولانا نعود إلى الوطن.. نعود إلى الإقرارات.. وتجتاحنا دهشة أكثر إتساعاً من دهشة حبيبنا وصديقنا والذي هو رحيله الفاجع المروع يسكن في تجاويف صدورنا.. بل ينام هادئاً وادعاً في آخر بوصة من أفئدتنا.. عمر الدوش.. الرجل كان يشدو: تجيني.. وإجيني معاك زمن أمتع نفسي بالدهشة.. دهشتنا.. يا مولانا بطعم مختلف.. دهشة مرة المذاق.. دهشة عنقودية متعددة الكرات.. الدهشة الأولى.. إن الذين قدموا إقرارات الذمة حتى الآن وحسب قولك هم تسعة آلاف إقرار.. وطبعاً أنك تنتظر المزيد.. دهشتنا سؤال يعربد مجنوناً في الفضاء.. هل في السودان تسعة آلاف مسؤول يصنعون القرار ويديرون شاهق الأماكن والمواقع؟... تسعة آلاف مسؤول (حته واحدة كده).. وهل هذا هو السودان أم حكومات موحدة لكل دول جنوب شرقي آسيا أم هي منظومة (الكاريبي)؟!!.. وبكرة نواصل الاندهاش.