ويرفع حزب الأمة القومي لافتة مضيئة مكتوب عليها التغيير حتمي وضروري بالسودان.. نقرأها ولكن لا تثير أحدًا... وأنت ترفع راية خضراء يحملها(أبوهاشم) مرسوم ومطبوع على ديباجتها التغيير حتمي وضروري بالسودان.. لا نندهش ولا نتعجب وان يقول(شيخنا) ذاك الذي افترسه بنوه التغيير حتمي وضروري بالسودان... لا تلفت مقولته لمحة لأي أحد.. وأن تشمخ الرايات الحمراء.. رايات الرفاق وهي ترفرف شامخة مع دفقات الريح مكتوب عليها التغيير حتمي وضروري بالسودان.. لا تستبد بنا دهشة ولا يلفنا عجب... فقط لأن كل هؤلاء... كيانات معارضة تحكي أي (طوبة) في كلامها آمال وأحلام... قادتها وجماهيرها... في التغيير طبعاً إلى الأفضل... أما الذي يدعو الى الدهشة ويستدعي العجب... هو أن المؤتمر الوطني نفسه والذي الآن يتربع على كل كراسي حكم السودان هو أيضاً يرفع رايةً تحكي ما حكته لافتات الأحزاب المعارضة مجتمعة... مكتوبة بنفس الحروف.. نفس الكلمات.. نفس الأحلام.. نعم وبعد ثلاثة وعشرين سنة وتزيد... أدرك الأحبة(الاخوان) انه لابد من التغيير... وإن كنت أدهش لشيء... لدهشت فقط من لافتة المؤتمرالوطني... اجتاحتني دهشة مخلوطة... بفرح خرافي.. هو أشد حبورًا من فرح الأطفال في العيد... وأكثر زهوًا من زهو طير طليق... لا أعرف شيئاً عن نوايا المؤتمر الوطني في التغيير... ولكني أعلم أن هؤلاء الأحبة قد استبانوا النصح وعلموا أن هذا الطريق... الذي سلكوه لثلاثة وعشرين سنة وتزيد... لا يقود إلى البصرة... وليتهم استبانوا النصح ضحى الغد... الذي تأخر كثيرًا... المهم ان نشهد ثورة في الثورة... المهم أن يراجع(الاخوان) هؤلاء..!! أدائهم الذي أوصلنا إلى هذه النقطة الحزينة البائسة ... المهم أن يدركوا و قد أدركوا بالفعل أن حكم السودان ليس بالنزهة... وان قيادة شعب السودان مثل مالك ابن الريم التميمي وهو في كامل فتوته وعنفوانه وهو ينشد: ü قد كنت قبل اليوم صعباً قيادياü المهم يا أحبة إن المؤتمرالوطني.. قد أكد إن التغيير في السودان حتمي وضروري.. ولكننا لانعرف كيف يكون التغيير.. ومساهمة منا.. ومساعدة للأحبة نهديهم مقاطع من بيانهم الأول.. الذي جلجل في فضاء الوطن يوم الثلاثين من يونيو 1989م... طالبين منهم قراءة كلماته في تمعن وتمهل حتى لا يفاجؤننا بنفس الكلمات.. بنفس الحروف.. فإلى الفقرة التي يشيب لها رأس الوليد.. عندما ننظر ونتلفت ونقارن.. إلى الفقرة من بيان ثورة الانقاذ الأول: أيها المواطنون الشرفاء: لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مذرية.. وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية.. مما زاد حدة التضخم.. وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل.. واستحال على المواطن الحصول على ضرورياته.. إما لانعدامها أو ارتفاع أسعارها.. مما جعل الكثير من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة.. وقد أدى التدهور الاقتصادي الى خراب المؤسسات العامة.. وإنهيارالخدمات الصحية.. والتعليمية.. وتعطيل الانتاج.. بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم .!أصبحنا أمة متسولة.. تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود.. وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام.. حتى عم الفساد كل مرافق الدولة.. وكل هذا مع استشراء التهريب.. والسوق السوداء.. مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراءًا يوماً بعد يوم بسبب فساد المسؤولين.. وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام. أيها المواطنون الشرفاء: لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي الى الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام... مما أدى الى انهيار الخدمة المدنية.. ولقد أصبح الولاء الحزبي.. والمحسوبية.. والفساد سبباً في تقديم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية.. فأفسدوا العمل الاداري وضاعت بين يديهم هيبة الحكم وسلطان الدولة ومصالح القطاع العام...!!! المواطنون الكرام: ان إهمال الحكومات المتعاقبة على الأقاليم أدى الى عزلها عن العاصمة القومية.. وعن بعضها في ظل انهيار المواصلات.. وغياب السياسات القومية.. وانفراط عقد الأمن.. حتى افتقد المواطنون ما يحميهم فلجأوا الى تكوين المليشيات.. كما انعدمت المواد التموينية في الأقاليم إلا في السوق السوداء وبأسعار خرافية.