ظلت الدراما السودانية تشكل غياباً لفترة طويلة طال انتظارها- رد الله غربتها- تمثلت في عدة عوامل وعقبات ومعوقات ما زالت قائمة ليست لها علاقة بالموهبة الموجودة عند الممثل السوداني أو النص الجيد، ولكنها مشاكل مجتمعة يتمثل أهمها في الجوانب المادية التي تعتبر أكبر المعوقات التي تواجه مسيرتها خاصة بعد إهمال الدولة لها بصورة شبه كاملة انعكس ذلك على الشركات الكبرى التي تساهم في كل شيء إلا الدراما، فلم تنل حظها من الرعاية والاهتمام رغم أهميتها ودورها الكبير في المجتمع، وزاد على ذلك إهمال القنوات الفضائية لها والتي زهدت في وجود دراما سودانية على شاشاتها خاصة تلفزيون الدولة القومي الذي دخلت إدارته في صراعات مريرة وممللة مع أهل الدراما وأغلقت الأبواب في وجوههم بحجة عدم وجود ميزانيات لها وعذبتهم في أخذ استحقاقاتهم القديمة حتى بلغ اليأس بالدراميين منتهاه في أن يقدموا مساهمتهم للمجتمع في ظل وجود دولة لا تعترف بأهمية العمل الدرامي، والدليل على ذلك دور وزارة ثقافتها التي لم تقدم شيئاً يذكر لنهضة وتنمية واستمرارية الدراما المحلية، بل حتى بالعدم تشجيعها. وانعكس هذا الغياب على المجتمع السوداني وبتنا نمثل سوقاً للثقافات الوافدة وكدنا نتأثر بها كلياً وأصبحت الأسر تستقبل بعض المسلسلات التركية التي لا تشبه عاداتنا وتقاليدنا وتمثل خطراً أمنياً على مجتمعنا السوداني السليم والمعافى، وللأسف نحن ما زلنا نقف محلك سر ولا يحرك ذلك فينا ساكناً وكنا ننتظر حلاً لهذا الوضع يأتي من الغيب، وأصبح أهل الدراما مكتوفي الأيدي لحين إشعار آخر، فقد تفرغ بعضهم لسوق الإعلانات لتلبية المستلزمات الحياتية اليومية الصعبة جداً ولا نستطيع أن نلومهم على ذلك في ظل هذا الوضع المؤسف. وحقيقة انتابني إحساس جميل وأنا أرى المخرج السوداني العالمي سعيد حامد وهو يطلق مبادرة بعنوان (وجود مخرج لأزمة الدراما السودانية) سخّر لها كل خبراته الثرة الطويلة وعلاقاته الخارجية الممتدة مع نجوم العمل الدرامي العرب والمصريين بصورة خاصة عبر بداية قوية بمسلسل مختلف يتم الإعداد له الآن ليعرض في شهر رمضان القادم يشارك فيه عدد كبير من أهل الدراما السودانية على أن يتواصل الإنتاج بصورة مستمرة تمكننا من تسويق أعمالنا خارجياً وقبل ذلك يكسب الممثل السودان خبرات ومهارات كبيرة وراء هذه الاستمرارية، ومثلت هذه المبادرة بريق أمل يرفعه سعيد حامد لعودة وازدهار الدراما السودانية ولم يترك لنا إلا أن نقف معه ونشجع فكرته وندعمها، فإيقاد شمعة خير من أن نلعن الظلام، فالفنان كما قال سعيد يحلم بالفكرة ويسعى بكل السبل لتحقيقها، لذلك نأمل في أن يكون هنالك دور كبير وفاعل لشركات القطاع الخاص الكبرى في دعم هذا المشروع الكبير في ظل إمكانات الدولة المحدودة حالياً. حاجة مهمة:- انتشرت مؤخراً الكثير من الشائعات حول تعديلات في قيادات الأجهزة الإعلامية مفادها تعيين مدير قناة النيل الأزرق الأستاذ حسن فضل المولى كمدير للتلفزيون القومي ليحل محله الأستاذ محمد خير فتح الرحمن مدير قناة الشروق.. حقيقة لا أعتقد بأن هنالك أي دواعٍ لمثل هذه القرارات التي جانبها الصواب إذا صدقت، فحسن فضل المولى ومحمد خير فتح الرحمن حققا نجاحات كبيرة كمديرين للنيل الأزرق والشروق وبدآ مشروعات لم تكتمل بعد في عملهما لمواصلة النجاح رغم بعض الهنات الخفيفة التي يمكن تداركها مع الأيام وتطوير عملهما أكثر وأكثر.. ولا يوجد أي معنى لهذا التنقل من أجل البحث عن مدير بديل للأزمة التي تركها الأستاذ محمد حاتم سليمان في إدارته للتلفزيون القومي.. فهل توقف رحم الإنقاذ عن إنجاب القيادات المميزة بهذا التعديل غير الموفق إذا صدق.. لا أعتقد ذلك وأجزم بأن الإنقاذ تمتلك كوادر إعلامية مميزة جداً لتشغل منصب مدير التلفزيون القومي بعيداً من تحريك أسماء ناجحة من مواقعها مثل حسن فضل المولى ومحمد خير فتح الرحمن.. فاتركوهما لمواصلة رحلة النجاح.