جاء (محظوظ) لمقر لعمله وهو يتشدق ويتمطى؛لينزل من سيارته موديل العام الجديد،لم يعر أحد من الواقفين أمام البوابة اهتمامه؛ولم ينظر ناحيتهم حتى...بعد مروره الثقيل على إستقبال مؤسسته السمينة مثله ضخامة،والسريعة صعودا في أسهم البورصة المحلية؛دلف إلى مكتبه وهو ينادي بصوته العالي لعامل البوفيه الخاص بمكتبه العم (تعبان) والذي كان يقف أمامه ليجلب له قهوة الصباح - الساعة وقتها الثانية ظهراً- قعد يقلب القنوات الفضائية العالمية بنظام الإشتراك،ومر سريعا لقناته المفضلة وكأنه يصبح عليها بعد أن أمسى؛وهي خاصة بال... الفاضحة...! جاءه عمنا (فضل) وعكسه تماماً كان يجرجر قدميه بتثاقل لا يقصده؛فالروماتيزوم قد هد (حيله) وأعياه (النضال )طويلاً،عمنا (فضل) كان يحمل طلبه (البالي) والذي مر عليه (عامان)؛فهو يأتي يوميا لمكتب المدير (محظوظ) ؛ليقدم طلب السلفية لتنفعه في زواج ابنه الصغير (حارث) وهو الإبن الذي جاء بعد أربع بنات؛لذلك سماه (حارث)... دلف صاحبنا وهو ينظر في الأرض؛لمكتب صاحبكم ،فوجده ممددا قدميه فوق المكتب..!مبتسماً وينظر بشغف ناحية الشاشة ال(إل سي دي) فسلم عليه؛ليتبع سلامه بسؤال هو أشبه للإنتظارقائلاً(:أها ياسيادتك ماجاء الوقت التوافق لي فيهو على سلفيتي دي..؟ لأنو ولدي ليهو سنتين راجي القروش دي عشان يعرس..؟!) تبدلت ابتسامة (محظوظ) لشظايا تتطاير هنا وهناك،وهو يصرخ في صاحبنا عم (فضل) : ( يازول أنتا الباب ده مابتدقوو مالك..؟ بعدين عرس ولدك ده جننتا بيهو سنتين ماعطنا بيهو،معقولة بس طوالي عرس ولدي عرس ولدي..؟! هسه مافاضي تعال بكرة..) نزلت دمعة على خد عمنا (فضل) ؛ وهو يغالب في حزن أخت الدمعة التي تجابد في نزولها على الخد الآخر،ويحاول أن يوضح للمدير (محظوظ) موضوعه بصورة جيدة؛ولكن (محظوظ) ذهب بعينيه ناحية قناته المفضلة غير آبه بعمنا (فضل).. خرج (فضل) من مكتب المدير ودموعه تتساقط وهو يتمتم بكلمات ليست مفهومة؛ليسقط بعد ثلاث خطوات من مكتب (إنتظار) سكرتيرة المدير...! صرخت (إنتظار) وهي تنادي ياعم (تعبان)..؟ ياعم (تعبان)..؟! جاءها العم تعبان مهرولا رغم كبر سنه؛وهو يقول : ( في شنو ياإنتظار يابتي..؟) أشارت ناحية عمنا (فضل) ؛الساقط وسط سجادة مكتبها.. حاول العم (تعبان) أن يأخذ بيد عمنا فضل،فأحس بيد (فضل) ثقيلة وباردة كأنها من حجارة الأرض،حاول بكل قوته ولكن لم يستطع رفعه..! هنا عرف العم تعبان بأن عمنا (فضل )قد فارق الحياة،فقال ل(إنتظار) : ( الدوام لله يابتي..! عمك (فضل) ده ربنا يتقبلو.. الزول ده مات..)فصرخت (إنتظار) بأعلى صوتها وهي تولول - جاءها احساس بأنه قريبها أو أبوها فعمنا (فضل) كان يأتي مكتبها يوميا ولمدة سنتين..- (والله قبل خمسة دقائق سلم علي وسألني من ناس بيتنا وأخوي (منتظر) العيان.. وأمبارح كان بتكلم معاي عن عرس ولده حارث الليهو سنتين منتظرين يفرحو بيهو..! وقال لي مناي بس الود ده يتزوج وأفرح بي عيالو قبل أموت..!!) طفق عم (تعبان) يبدل نظره مابين جثة عمنا (فضل) ونحو السماء،قائلا ل (إنتظار) : ( الحمد لله (فضل) ده ح يدخل بي بناتو الجنة.. وإن بقت على الحارث .. دي هينة...) في اليوم التالي جاء (محظوظ) لمقر لعمله وهو يتشدق ويتمطى؛لينزل من سيارته موديل العام الجديد،لم يعر كالعادة أحد من الواقفين أمام البوابة اهتماماً؛ولم ينظر لهم حتى...بعد مروره الثقيل والمعتاد على الإستقبال؛دخل مكتبه وهو ينادي بصوته العالي للعم (تعبان) والذي كان يقف أمامه ليجلب له قهوة الصباح المعتادة ظهراً .. قعد يقلب القنوات الفضائية ليفتح قناته المفضلة ال... الفاضحة...! أنتظر (محظوظ) أن يأتيه عمنا (فضل) كالمعتاد؛ولكنه لم يأت..! أتصل بالتلفون الداخلي بالسكرتيرة (إنتظار).. وعندما ردت عليه،سألها : (أنتي الليلة وين (فضل) ماظهر علي زي كل يوم مالو..؟!) قالت له (إنتظار):(عم (فضل) تعيش أنتا ياالسيد المدير؛الزول ده وقع ميت وهو مارق من مكتبك أمبارح..!) قال لها( محظوظ) : ( خلاص نادي لي (تعبان) هسه..) دخل عمنا (تعبان) مجرجرا قدميه وهو ينظر ناحية أرضية المكتب،قائلا ل(محظوظ) : ( تأمر سعادتك..؟) قال له المدير : ( أنتا عارف طبعا أنا قافل حكاية السلفيات دي خالص..! لكن عشان أنتا زول قديم معانا؛وراجل طيب.. أنا حأديك فرصة أنك تقدم لي سلفية،وأنا حأصدقها ليك،بس ماتدي زول خبر..وجيبها لي بكره زي المواعيد دي عشان أصدقها ليك طوالي..) شكر عمنا (تعبان) المدير (محظوظ) وهو يطير فرحا و(يكاد) لايصدق ماسمعت أذنيه... خرج (تعبان) من مكتب (محظوظ) الذي إبتسم في خبث .. فهو لا يستطيع أبدا أن يكسر عاداته اليومية؛فإذا مات فضل فهناك عشرة (فضل) غيره،حتى وإن كان (فضل) (تعبان)....!