رجل الأعمال السوداني المقيم بنيويورك يفاجأ بزيارة من ممثلي الحكومة الأمريكية.. الشاب أسامة عثمان يتوجس خيفة من ضيوفه ويتحسس ملفاته الضريبية.. الوفد الزائر يخبر رجل الأعمال أن زيارتهم تهدف لتقدير الخسائر التي لحقت بأعماله من جراء الإعصار ساندي.. في نهاية الزيارة يُمنح الرجل قرضاً مالياً لم يكن يتوقعه أبداً. قبل أسابيع كان مصنع أسمنت ربك الشهير يعلن عن توقفه عن العمل بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.. القرار الكارثي يعني تشريد آلاف من العاملين.. لم يهتم أحد بما حدث في عاصمة بحر أبيض..لا أدري ماذا فعل والي ربك.. قبل أن تتوقع أفضل السيناريوهات عليك أن تعلم عزيزي القارئ أن شركة خاصة تتجهه لمقاضاة الوالي ومعتمد كوستي لأنهما اتخذا من ممتلكات الشركة مساكن بلا أجر. قبل أن نفيق من أزمة مصنع أسمنت ربك جاءنا رجل من أقصى المدينة.. مدير مصنع أسمنت عطبرة ميسر الشلاح يتحدث أمس الأول لصحيفة السوداني.. المستثمر الأجنبي الشلاح يتوقع توقف خمسة مصانع أسمنت قريباً بسبب زيادة تكلفة الإنتاج.. الشلاح وغيره يشكون من ارتفاع مدخلات الطاقة من فيرنست وجازولين وفحم بترولي.. لا تسألني عن الكهرباء لأن تكلفتها الآن أعلى من أنواع الطاقة الأخرى في السودان.. الشلاح يؤكد أنهم يسعون لتصدير الأسمنت جنوباً ولكن السياسة العرجاء تمنعهم. من حسن الحظ أن منتج الأسمنت السوداني مازالت أسعاره أفضل من المستورد من السعودية والأردن.. بمعنى يمكننا أن ننافس إقليمياً إن أحسنا التخطيط..أثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى ربما تكون أسواقاً واعدة للأسمنت السوداني.. الإسراع بربط السودان بطرق سكك حديد يمثل أفضل الخيارات لانسياب الصادرات السودانية.. ما نحتاجه ليس السكك الحديدية فقط بل تجريد الاقتصاد من العاطفة السياسية.. مصر مازالت تسقي إسرائيل بالغاز الطبيعي رغم العداوة والبغضاء وتغير ساكني قصر الاتحادية. إنقاذ صناعة الأسمنت يجب أن يكون موضوع له أولوية قصوى.. عدد كبير من المستثمرين العرب ضخوا مليارات الدولارات في هذه الصناعة والصناعات المجاورة لها.. أعرف رجل أعمال عربي يضطر لتصدير الضأن ببعض الخسائر حتى يستطيع استيراد خام لمصنع حديد.. ومستثمرون أخرون في قطاع الاتصالات لم يتمكنوا من توزيع أرباحهم بسبب نقص العملة الأجنبية في السودان.. شركات عربية ومحلية دخلت سوق الدواء السوداني وباءت بخسائر فادحة بسبب الارتفاع المفاجىء في سعر الصرف وامتناع بنك السودان من تمويل الدواء بالسعر الرسمي. في تقديري أن على وزارة الاستثمار أن تضع خطة قصيرة الأجل عنوانها «اللهم ثبت قلوب المستثمرين الأجانب»..رجال الأعمال في كل مكان لديهم حساسية عالية وقدرة فائقة لقراءة المستقبل..إن لم تربح الاستثمارات الاجنبية الحالية فسيهرب هؤلاء ولن يأتي آخرون. اعتقد أن الوقت مناسب ليتحرك وزير الاستثمار ويتحسس أوجاع المستثمرين في صناعة الأسمنت قبل أن يهرع للعواصم الخليجية مروجاً لمشاريع جديدة.