تجدني من المهتمين بمعرفة الأسماء ومدلولاتها فقد كنت أعرف أن اسم «علوية» يشير إلى العلو والرفعة ولتأكيد هذه المعاني لجأت إلى بعض القواميس العربية والتي أرجعت الاسم ونسبته إلى جماعة الإمام علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله والخليفة الرابع للمسلمين، حيث ذكر ذلك قاموس المعاني ومعجم الأسماء العربية وربط معنى الاسم بالعلو والرفعة. علوية بت دبلوك امرأة كنساء بلادي معظمهن ساهمن في بناء التاريخ، فعلوية ولدت بالشمالية أرض الحضارات، حيث مناطق النافعاب وارتباط الإنسان بالطين والنخيل والاعتقاد بالشيوخ وبركاتهم التي تمتد من جيل إلى جيل وتؤثر في حياة البشر من رجال ونساء، تضرب جذورها في عراقة التاريخ من أسرة «الدباليك» حيث السلطة والجاه والعزة والكرامة. ذكرت الباحثة فاطمة أحمد علي عمر في كتابها عن أحساب وأنساب مناطق مروي أن شياخة النافعاب تتبع الكرفاب على رأسهم العمدة سليمان ثم خلفه ابنه العمدة إبراهيم وأن ساقية ضبيعة وهي عبارة عن عقبة تقع بين ساقية بلال وساقية حسن قفبورة هي تابعة للشيخ حمد دبلوك.نشأت علوية وسط البساتين والخضرة والمياه العذبة السلسة، الطبيعة جزء من حياتها، لها سحنة من جمال بريء، الناظر إليها يشعر أن لها نصيباً وفيراً من جمال يوسف عليه السلام.كبنات جيلها ميزت نفسها بشلوخ مطارق تمتد على طول خدها الأملس الذي ظل كهيئته منذ طفولتها لم يتأثر بعامل الزمن، لم تستعمل في حياتها كريمات هذا الجيل من الديانا أو أنواع الفيشل من قناع الذهب والكولاجين، ظل الكركار عشقها الأبدي يطري البشرة ويطيل لها الشعر، يحافظ على انسيابه فتتدلى مسيراتها على طول جانبي وجهها وقد اختلط سواد شعرها مع لون فضي أكسب السواد بياضاً. وكبنات جنسها بحثت عن الجمال بركوب الصعاب عند خبيرات التجميل فدقت شلوفتها فأكسبها جمالاً محبوباً أضاف عليها لوناً أخضر، هي امرأة ذات جمال وذكاء. «دق الشلوفة» والشلوخ كانت عادات تقوم بها النساء من أجل الرجال، فليس هناك ما يسمى الآن بالمنكير والبدكير الصناعي، فالنساء في زمنها يبحثن عن الجمال الطبيعي الدائم رغم المعاناة والألم وكانت تربية الحبوبات توصي بالبعد عن التقليد والجمال الزائف الذي ضرب أطراف المعمورة. إن من تزوجها «سعيد» فكانت وما زالت الزوجة المثالية وعاشت معه في سعادة أنجبت منه الأولاد والبنات وتعرفت أنا شخصياً على واحدة من بناتها فكانت علوية «نسيبتي» وحبوبة عيالي. علوية بت دبلوك صاحبة الرأي الذي يعلو على آراء معظم الرجال فكان لها الرأي الراجح السديد إذا دعيت لحديث يجمع أصحاب العقول الناضجة والرؤية الثاقبة والخبرات الواسعة، يستمع إليها الجميع في صمت وانتباه إلى أن تنتهي من حديثها المحكم المرصوص المتتالي والمدعوم بالأمثلة والأدلة لا يقدر أحد على مقاطعتها وبعد مداولات ونقاش وحين الاقتراب من أخذ القرار يقول شيخهم علوية بت دبلوك قالت شنو؟.. فيتوكلون على الله ويتخذون رأيها قرارهم وخلاصهم. علوية بت دبلوك مربية اليتامى كان منزلها مليئاً بالحركة والخير احتضنت اليتامى وغذتهم بحنانها وعطفها وودها.. كانت لهم أماً وأختاً وصديقة لم ينسوا فضلها رعوها حينما كبروا واحترموها كم احترمتهم وحصدت ما زرعت شباباً يعيشون من أجلها وتحت إشارتها يفرحون لفرحها ويحزنون لحزنها. علوية بت دبلوك انتقلت مع زوجها وطفليها إلى ولاية الجزيرة وعاصرت مشروعها العظيم والذي كانت تٌستغل كل مساحته البالغة اثنين مليون ومائة ألف فدان تحت إدارة واحدة انسيابية كطبيعة ري المشروع. محافظ مشروع الجزيرة الشخصية المهمة في السودان وكان حينها يحرص على زراعة 650 ألف فدان قطن و600 ألف فدان قمح و200 ألف فدان ذرة، فول سوداني وخضروات والباقي منها يخضع للدورة الزراعية. يعمل بمحصول القطن غير العمالة الزراعية 24 ألف من عامل وموظف بمصانع النسيج الخمسة التي كانت تعمل بولاية الجزيرة، كل هذا الإنجاز طار كما طار خط هيثرو وبيعت الأرض والمصانع كما تم بيع خط هيثرو، وكما تدنت محالج القطن البالغة أحد عشر محلجاً، خمسة بمارنجان وخمسة بالحصاحيصا وواحد بالباقير، تم فك الارتباط بين مشروع الجزيرة وهيئة البحوث الزراعية حيث العمل البحثي الذي أبدع في القطن طويل التيلة وقصيرها وفي بركات 1 وبركات 2 ولكنهم لم يلجأوا إلى القطن المحور وراثياً كباحثي هذا الزمن المحوريين وراثياً. وأخلص العلماء الذين كانت لديهم مواصفات ودرجات علمية محددة ومعلومة للعمل بمشروع الجزيرة في إيجاد عينات من القمح مقاوم للآفات. علوية بت دبلوك طريحة فراش المرض بمستشفى ودمدني التعليمي لم تستسلم للمرض، تحلقت حولها خمس من بناتها لا يكلن ولا يملن ولا يبخلن لأنهن يعلمن أنهن أمام شخصية لم تكل ولم تمل ولم تبخل عليهن لا بمالها ولا بجهدها فى تربيتهن وتغذيتهن وتعليمهن.. وغرست فيهن معنى الأمومة وترتيب أولويات الواجب. رفض أبناؤها دخولها غرفة الإنعاش لأن ضوابط الغرفة فقط تحرمهم من ملازمتها، يحيطونها بكل جوارحهم لا يفكرون إلا فيها ولا يتكلمون إلا عنها حتى نغمات جوالاتهم تحول رنينها إلى أغنيات أمي الله يسلمك، أمي يا نبع الحنان ما برضا شي يألمك. لله دركم يا من تضربون المثل الأعلى لبعض شباب وشابات بلادي الذين يقولون جاو بابي.. هاي مامي. الجميع يدعون لها بالشفاء العاجل من مرضها الذي لازمها سبع سنين ونيف وتسألها كيف يا حاجة علوية؟.. إجابتها واحدة وبيقين لا يتزحزح تقول لك الحمد لله!.. سبع سنوات عجاف مرت على أسرتها نسأل العلي القدير أن يشفيها وأن يديم عليها من نعمه وفضله وأن يزيل ما تشكو منه وتحاذر وأن يشفيها شفاءً لا يغادر سقماً. وكما أخذت من سيدنا يوسف عليه السلام صبراً وجمالاً.. نسأله عز وجل أن يكون تفسيراً لحلمه وأن تذهب السنوات السبع لنعيش في سنوات خضر مع علوية بت دبلوك أم زوجتي المصون. اللهم اشفِ كافلة اليتامى وماسحة حزن الغلابة الصابرة المصابرة الداعية إلى الخير الجوادة سليلة أهل الكرم.. اللهم اشفِ الحاجة علوية وأنت القادر على ذلك إنما أمرك بين حرفين يا كريم ويا عطوف لا ملجأ منك إلا إليك فاجبر بخاطرنا وخاطر أسرتها الصغيرة يا حنان يا منان ويا حي يا قيوم.. واللهم اشفِ مرضى جميع المسلمين.. وانضموا إلينا إخوتي الكرام إلى مهرجان الدعاء.. آمين