قال وهو يمسح بيده الشعيرات المتبقية في رأسه من آثار الزحف الصلعي أنا شاعر ، لم تتمالك زوجة الرجل نفسها من الضحك ، ضحكت حتى اصطدمت بزاوية الحائط وادمت رأسها ، قالت : ولا زالت آثار الضحكة الساخرة في فمهما مثل موجة منطفئة ، شاعر إيه يا ابن الحلال ، حينما تزوجتك كنت مثار حسد الكثيرات من صاحباتي ، كان في اعتقاد صديقاتي أن حياتي ستكون قمة في الرومانسية ويمكن أن اطير بأجنحه من نور مع رجل غاية في الرقة واشتعال العاطفة رجل يكتب الشعر ، الآن تأكد لي أن الشعراء هم أكثر الرجال بخلا في المشاعر وقرضهم للشعر يشبه تماما قرض الفئران للخبز الجاف ، لم أكن اتصور إنك أيها الشاعر بمرور السنوات سوف تتحول الى رجل أخرق صاحب بطن مستديرة ووجه كشر وذقن يخاصم شفرة الحلاقة ، طبعا صاحبنا الجمت الكلمات النارية لسانه وارد الانتقام لكرامته المهدرة فاسمعها من قاموس الشتيمة كلام يسم البدن وخرج من البيت وهو يبرطم ويتوعد بالثبور وعظائم الامور على فكرة الرجل قبل أن يرتبط بشريكة حياته يصنع لها من البحر طحينة وعسل صافي ومصفى وبعد أن تقع الفأس على الرأس تعرف الزوجة المسكينة إنها وقعت في حفرة الرجل المستكين الطيب صاحب القلب الكبير وفي النهاية تجد نفسها في سجن التأبيدة الزوجية ، سجن لا يمكنها الهروب منه خاصة بعد أن أصبح البيت مكتظاً بالعيال فهروبها يعني تدمير حياة صغارها وتركهم على أرصفة الضياع ، مثل هذا السيناريو يحدث كثيرا في بيوتنا وفي ذلك يتساوى الرجال سواء كان الواحد منهم يشغل منصب وزير أو مدير أو رجل اعمال فاحش الثراء ، أو حتى رجل كحيان يعاني من جرثومة الفقر ، بعض الرجال في السودان هداهم الله ينظرون الى المرأة على إنها قطعة أثاث مثل الكرسي والتربيزة في اركان منزله ، وبعضهم يردد ناقصات عقل ودين استنادا الى حديث شريف ولكن يفرغون هذا الحديث من معناه الحقيقي ودون اعتبار الى ظروف قوله ، بالمناسبة اذا اجريت دراسة عن اكثر الرجال فظاظة وقسوة في التعامل مع نسائهم سيحتل الرجل السوداني بقدر قادر المرتبة الاولى ، الرجل لدينا يمتلك كميات وافرة من الجفاف العاطفي ويتصور انه اذا اباح بمشاعره سوف تتلاشى رجولته ويصبح مثل الطرطور أو الخاتم في اليد اليسري للست الهانم رجولة إيه يا أبو رجولة ، مثل هذه الافكار المشوهة منتشرة بكثرة في مجتمعنا الذكوري ، وبالتأكيد أن أي امرأة تشاهد المسلسلات التركية وما بها من رومانسية سوف تتحسر على حظها الهباب وارتباطها بزوج عبوس وقرفان على طول الخط ، رجل يموت ولا يرمي كلمة حب بالغلط ، رجل ملامح وجهه بائسة كمن يعاني من حرقان المعدة .