جاء في كتاب (الوصايا العشر للحب) أن : " .. الفقر والحب لا يعيشان في بيت واحد .. وأن الشيخوخة والحب لا يعيشان في جسد واحد .. " .. فتحت خط الفقر يتسلم الجوع الكافر مقاليد السلطة .. ثم يقوم شيئاً فشيئاً بتضييق الخناق على الحب الذي يفضل الهروب - حينها - من أقرب نافذة!.. صاحب الكتاب يريد أن يقول بعبارة أخرى إن الحب نبتة حساسة تحتاج إلى مناخ خاص جداً كي تواصل النمو .. وأن أقل تغيير في مواصفات ذلك المناخ سيوقف نموها قبل أن يؤدي إلى ذبولها فموتها .. فهو يرى أن (الفقر) مناخ غير ملائم لاستمرارية الحب .. كما يرى أن الشيخوخة مناخ غير ملائم لزراعة الحب " من أساسو " ! ومن قصص أمثال العرب التي تُمثُّل صراع الإنسان مع الفقر والشباب من جهة والغنى والشيخوخة من جهة أخرى قصة المثل القائل (الصيف ضيعت اللبن) .. فنص المثل هو جملة قال بها رجل كان يقف على تخوم الشيخوخة مخاطباً زوجته السابقة الشابة التي تزوجت منه بدافع من إغراء المال بعد أن سئمت حياة الفقر في بيت أهلها .. لكنها اكتشفت بعد مرور بعض الوقت أن "التعايش السلمي" بين الحب والشيخوخة موائمة مستحيلة .. وعندما كانت برفقة زوجها الشيخ ذات يوم - في نزهة صيفية - ورأت مجموعة من الشباب يضحكون ويتلاعبون، قامت باجراء عملية حسابية خاطفة تمخضت عن أبيات من الشعر تنعي فيها حظها وتطالب بالطلاق .. فطلقها الشيخ مكرهاً .. وكان لها ما أرادت فقد تزوجت من شاب في مثل سنها لكنه كمعظم الشباب كان رقيق الحال ! وكما تقول وصايا الكتاب العشر طرد الفقر الحب هذه المرة كما طردته الشيخوخة سابقاً .. وعندما عادت في إلى زوجها السابق الشيخ الثري - في صيف العام التالي - تتسول منه بعض اللبن عاجلها قائلاً في شماتة ذهبت مثلاً : " الصيفَ ضيَّعتِ اللبن " ! .. ذلك الحُكم المُطلق القائل باستحالة تحقق التعايش السلمي بين الحب والفقر من جهة .. وبين الحب و(كبر السن) من جهة أخرى، تناوله أحد الشعراء لكنه (قَصَر) الفكرة على قناعات وسلوك النساء بقوله : " .. إذا شاب شعر المرء أو قل ماله .. فليس له في ودهن نصيب .. " ! .. وقد درج الناس في مجتمعنا على تبنى ذات الثقافة و الرؤية التي ينطلق منها ذلك الشاعر .. والمفترض بحسب تلك الرؤية أن تؤمن المرأة بوجود علاقة عكسية بين (عدد) سنوات عمر الرجل و(عدد) ممتلكاته ومحتويات جيبه ! .. وعليه فشباب الرجل يجعل المرأة تتغاضى عن فقره .. بينما يجبرها ثراؤة على التغاضي عن عدد الشعيرات البيضاء التي تملأ رأسه .. وعلى غض الطرف عن الخطوط العنيدة التي يرسمها الزمن على جلده .. ف (المال) - بحسب تلك الرؤية - هو (الجلد والراس) والضمان والأمان .. بينما (الشباب) هو الحاضر الكالح و المستقبل المجهول ! بالإنابة عن بعض النساء أقول : لا هذا ولا ذاك .. وأعتقد أن الحب كائن بلا ملامح .. يصعب التنبؤ بموته وحياته .. لأنه مخلوق نَزِق قد يعاف الشباب والغنى .. وقد يطيب له العيش مع الفقر والشيخوخة !