لاشك أن من أول أسس الرسالة الإسلامية التي خص بها الخالق سبحانه وتعالى رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم العلم حيث تقول الآية الكريم «اقرأ باسم ربك الذي خلق» سورة العلق الآية (1) إذن، وبما لا جدال فيه، القراءة أو «القراية» بالعامية كما يسميها أهلنا مفروضة علينا بنص الكتاب الذي لا ريب فيه، و باعتباره أساس الحياة الدنيا وطريق الأخرة ولا يعلو عليه دستور وضعي في الأرض أو تؤثر عليه لائحة منظمة. ومن حسنات الحياة في السودان أن أغلبية أقاليمه تعمل بهذا الوحي ليتقاطر علينا علماء الإسلام الأوائل من شتى بقاع الدنيا مزودين بغزير العلوم الإسلامية حفظاً وتجويداً وشرعاً وإفتاءً، وقد وجدوا ترحيباً من سكان البلاد وبذلك قامت الخلاوي وأوقدت نار القرآن فانتشر التدين والعلوم زائداً التصوف، وأصبحت لذلك قرى ومدن ذات وزن ثقيل لعملها بهذا الطريق لتصبح كأنها «كعبة» يحج إليها طالبو العلم والبركة عن طريق أولئك الشيوخ الأجلاء الموقرين. واستمر الحال كهذا حتى ظهر التعليم الابتدائي الحكومي المنظم، و وقتها كان يسمى بالكُتَّاب، تليه بعد ذلك مرحلة أخرى و مدة كل واحدة منهما أربع سنوات، ثم يأتي الثانوي بأربع أُخر. وعندها بدأت الحضارة وشمخت بذلك مدن نذكر منها على سبيل المثال حنتوب وطقت ووادي سيدنا وأخريات. ولم يقف أهل الخير وكرام المواطنين والأثرياء مكتوفي الأيدي بل اندفعوا للمساعدة في العملية التعليمية بالبلاد، وقاموا بفتح المدارس الأهلية نذكر منها مدارس عبد المنعم محمد وحسونة والأقباط والشيخ مصطفى الأمين وفي بحري ميسرة السراج، كما قامت الجاليات بفتح العديد من المدارس بمختلف تخصصاتها فنية وأكاديمية ولك أن تتصورا أن كل ذلك كان يصب في جامعة واحدة هي الخرطوم إضافة للمعهد الفني، ثم قام بعد ذلك الأخوة المصريون بفتح جامعة القاهرة «فرع الخرطوم» لتيسير الأمور التعليمية بالبلاد على هذا المنوال فترة غير قصيرة متجانسة مع تطور البلاد ليتخرج الأطباء والمهندسون والقانونيون والزراعيون.. الخ لتغطية حاجة البلاد مع يسر في الرسوم وقلة التكلفة لأن أغلب ذلك التعليم كان وقتها بالمجان.. ليوافينا بعد كل ذلك مثقفونا وأثرياؤنا بمسألة التعليم الخاص كخدمة متقدمة وراقية بدعوى دفع مستوى التعليم بالبلاد- ولو اعتبرنا هذا من الناحية الإيجابية، لكن يقابلها من الاتجاه المعاكس مسألة التكلفة المالية العالية للتعليم والتي اعتقد أنه ليس مكانه هذه البلاد التي يعيش معظم سكانها تحت خط الفقر إن لم يكن انعدام المال، وبتعبير أدق إن أصحاب هذه الدور التعليمية الراقية يودون أن يأخذوا المال «من من ليس عنده»- ونحن عندما نكتب هذا ليس حسداً إضافة إلى أمنياتنا لهم بالمزيد وأن يجزيهم الخالق أضعافاً بما فعلوا من حسن صنيع للعملية التعليمية ورفعتها- ولكن طبيعة تركيبتنا تجعلنا نقف دوماً مع الضعيف، إذ أنه لا يستقيم عقلاً أن يكون المتفوقون من أبناء الأثرياء بسبب انتمائهم للمدارس الخاصة لأنها مهيأة بيئياً وحضارياً للتدريس إضافة لجذبها للأساتذة المبرزين، ومن منطلق تلافي هذا الخطر وقبل أن يتمكن ويستفحل بالتعليم بأكمله ويكون «الرماد قد كال حامد» أحب أن أوجه ندائي هذا إلى قادة التعليم في بلادي وعلى رأسهم راعيها الأكبر السيد رئيس الجمهورية حفظه الله «ابن الغبش» بأن يولي هذا الأمر فائق الاهتمام، وذلك بعمل الآتي: أولاً: بما أن العملية التعليمية أركانها المدرسة والمعلم والطالب، عليه يرجي الاهتمام بالمعلم الحكومي وتحسين راتبه ليتساوى نسبياً مع ذلك الذي يخدم بالمدارس الخاصة وأظن أن ذلك ليس بصعب المنال حتى لو اضطرت الدولة إلى الخصم من حساب الرفاهية، كما يجب الانتباه لتحسين بيئة التدريس لتشابه على الأقل المدارس الخاصة «ما ضروري تكون خمسة نجوم» وعندها فإني متأكد من أن أغلبية أبناء الفقراء سيتحولون إلى أوائل ونترك بعدها مقولة « لكم اللحم ولنا العظم» التي أرهقت صغارنا والسلام عليكم يا أهل الخير والسلطة والتعليم. ü مهندس/ اتحاد تعليم قيادة السيارات الحلة الجديدة