ü في جلسة جمعتني مع الموسيقار الكبير عبد اللطيف ود الحاوي والمذيع الاستاذ محمد طاهر حكي لنا ود الحاوي عن معاناته مع الجيل الجديد , جيل عصر السرعة والانترنت وعصر الغناء للارجل لترقص دون ان يحفظ اصحابها الاغنيات التى تردد ولو كررت عليهم مئات المرات , حكي لنا انه تفاجأ عقب وقوفه امام احدي المكتبات لشراء صحيفة بتقدم عدد من الفتيات نحوه بادرت احداهن بسؤاله (انا شايفاك وين انت فنان) فابتسمت وهي تقول عندما رد عليها بالايجاب (ياه اكون شفتك مرة في التلفزيون) ليستمر حوارهن معه بمشاركة الاخريات فتساله احداهن عن اسمه فكان رده انا الفنان الكابلي فاعربن له عن سعادتهن بالتعرف على الفنان الكابلي وودعنه دون ان تقول اية واحدة منهن لا (انت مش الكابلي) . أما استاذنا محمد طاهر فقد روي لنا الكثير عن الجيل الجديد الذي وصفه بانه يتعامل مع الاشياء بلا تعمق وبلا تفكير , وانه ياخذ كل شيء بسرعة وينساه بذات السرعة التي صار يتحصل بها على المعلومة عبر النت دون ان يبذل في الحصول عليها مجهوداً كما كانت ايامهم , ورويت لهم انا في تلك الجلسة ما دار بيني وبين ابنتي التى تنتظر نتائج الشهادة السودانية لتدخل الجامعة , والتى سألتني عقب اطلالة الهرم الكبير عثمان حسين من خلال الشاشة البلورية بقولها (يا أبوي الراجل البغني في التلفزيون ده منو ؟ فقلت لها ده مدرسة شكلت وجدان الشعب السوداني من خلال ما قدمه من فن رفيع وسامي ) , ثم اخذت احدثها عن عصامية (الراجل ده) الذي كان في بداية حياته حايك ملابس ولكنه من اجل طموحه تحدي الصعاب حتي صار من نجوم الغناء الذين وضعوا بصماتهم علي خارطة الغناء السوداني , فقالت لي يعني مشهور ذي فلان وفلان المغنين العرب , فقلت لها ديل خدمهم الاعلام وتدني الذوق الفني الذي جعل الجيل الجديد يعرف الخارج اكثر ممن هم في بلدهم , جيل علاقته بالماضي والنجوم والرموز واهرام الوطن ضعيفة جداً , ومولع بكل ما هو جديد فقط , جيل اغلبه اذا قال له ود الحاوي انا الكابلي صدقوه ولو قال انا المغني ابراهيم الكاشف لما كذبوه , وهكذا استمرت الجلسة مع ود الحاوي ومحمد طاهر شيقة باجترار الذكريات ومقارنتها بالحاضر , فايام ود الحاوي كانت الاغنيات لا تقدم إلا بعد التأكد من اتقان المغنين للالحان والتاكد من دقة وسلامة التنفيذ الموسيقي للاغنيات الجديدة من خلال البروفات المكثفة اما الان فالفنان او نقل اغلب الشباب يكتب الواحد منهم الاغنية ويلحنها ويغنيها اي يكون هو شاعرها وملحنها ومؤديها وكل هذا قد يكون في يوم واحد , لانه لم تعد الكلمة او اللحن هما المهمان , وانما الايقاع الصاخب الذي ترقص عليه الارجل والتى يخرج اصحابها من الحفل دون ان يتذكروا ماذا غني المغني لارجلهم . وكذلك الحال في المجال الاذاعي فايام استاذنا محمد طاهر كان الواحد يتصل بالخارج ليتاكد من نطق اسم اي مسؤول جديد اجنبي حتى لا يخطئ فيه ,علي عكس الان فقد قل الاهتمام بكل شئ الا من الحرص علي الاطلالة , ولا نجد مركزاً الان بامكان المذيع الناشيء ان يدخله ويتخرج منه مذيعاً مقتدراً في ادائه ولغته وثقافته , واذكر اننا في فضائية الخرطوم عندما فتحنا الفرصة لمذيعين جدد قد تقدم لنا قرابة الخمسمائة مذيع ومذيعة , وقد طلب مني الاستاذان عمر الجزلي مدير المذيعين وعصام الصائغ مدير البرامج ان احضر جزاءً من المعاينات عن الثقافة العامة فعندما سئلت احداهن في المعاينة عن جعفر نميري صمتت طويلاً ثم قالت لا اعرفه مافي خيارات .. وهكذا كانت اجابات الكثيرين والتي تؤكد ان الجيل الجديد اغلبه غير مهتم بالتاريخ ولا الماضي ولا بالثقافة العامة , وهذه مشكلة كبيرة خاصة للذين يريدون ان يدخلوا مجالات الاعلام ليكونوا قادة للراي العام .