بمشاركة كل قادة الأحزاب السياسية على مستوى قارة أفريقيا، تتأهب الخرطوم لإستضافة المؤتمر التأسيسي الأول للأحزاب الأفريقية، والذي تستضيفه قاعة الصداقة في الفترة من 27إلى 28 من أبريل الجاري..! تأتي هذه الخطوة بمبادرة سودانية تنطلق من قناعات تامة بأهمية نهضة القارة السمراء وشعوبها، وهي دعوة للتحرر لتجاوز محطة التبعية والإنقياد، بعد أن تقهقرت القارة لفترة طويلة عن ركب التطور والإزدهار، رغم الامكانات الكبيرة التي تتمتع بها من ثروات بشرية ومعدنية وبترولية.. ومع ذلك نجد أن الفقر ينتشر بنسبة كبيرة في بلدان القارة المختلفة، مما يعني أن الوقت أصبح مناسباً، لأن تتحد الأحزاب الأفريقية، وهو مدخل قوي للإستجابة لمتطلبات القارة خاصة فيما يتعلق ببناء التحالفات الإستراتيجية التي انتظمت العالم وأصبحت هي المصدر الوحيد للقوة وصد الهيمنة، والتكالب الغربي والأوربي على الشعوب الأفريقية..! ومعروف عن السودان دعمه لحركات التحرر على مستوى القارة، وعلى المستوى العربي أيضاً فقد ظل يلعب الدور الريادي الأكبر من أجل الشعوب ورفعتها، ليأتي هذا المؤتمر تماشياً مع هذه الأهداف النبيلة والتطلعات الذكية، من أجل مستقبل أفريقي قوي ومتين، لبناء جدار سميك يقهر الظلم ويرد المعتدين في وقت تنتشر فيه مؤسسات كبيرة ومنظومات تتدثر بثياب عالمية، تعمل في بنود سياسية تحت غطاء إقتصادي على مستوى بلدان القارة، وفي تقديري أنها التحدي الأكبر، وهو الأمر الذي ينبغي أن يناقشه هذا المؤتمر أملاً في الوصول إلى كيفية محاصرة انتشارها..! وبالتأكيد أن ذلك لا يتم إلا بالتضامن الإقتصادي الذي يعد محور عمل هذه المنظومات، بإعتبار أن الفقر والتخلف هو المصدرالرئيسي لاستغلال الشعوب ونهب ثرواته وامكاناته..! الخرطوم وبكل تواضع تتوشح بثوب الكرم لإستقبال هؤلاء الأفارقة في عاصمتهم الأم بعيداً عن التطلعات والسكر السلطوي، وهي تريد أن ترمي حجراً في بركة ساكنة، وتدعو لأن يتنادى الزعماء الأفارقة من أجل هدف واحد، وهو رفعة افريقيا ودعوة لوداع الحقب العجاف.. وهذا الوداع لا يتم إلا بتضافر الجهود مع العلم أن الحدود بين جميع البلدان الأفريقية مفتوحة، وتكاد تنعدم فيها الحواجز إلا قليلاً من الإجراءات غير المعقدة، وهذه سمة ينبغي النظر إليها بعين البصيرة ولسان العقل، وحينها يمكن الإستفادة من هذه الحدود الممتدة خاصة في عملية التجارة ..! صفوة القول: سبق للخرطوم أن استضافت القمة الأفريقية، وقدمت فيها نموذجاً أمثل في الترتيب الدقيق لإستقبال الضيوف، بمختلف مستوياتهم وترفعت عن رئاسة القمة بخلاف العديد من الدول وماجرت عليه الأعراف الدولية، وهذه إشارة يستفاد منها في الترتيب وحسن نوايا السودان تجاه الإقليم الأفريقي بصورة عامة، بعيداً عن التطلعات والأهداف الضيقة، ومن وجهة نظري أن هذا منهجاً عميقاً في التعامل وبناء تحالف يقوم على أهداف استراتيجية لن تستطع الأهداف المرحلية التسلل إليها..! أثيوبيا من الدول التي ترتبط ارتباطاً حدودياً ووجدانياً وشعبياً بالسودان، فلا أحد يستطيع أن ينكر نسبة الوجود الأثيوبي في الخرطوم، فهو وجود فعلي وعميق فضلاً عن التداخل السكاني المترابط بين البلدين، فحري بهذه السمات وغيرها أن تجعل من البلدان أكثر تضامناً من غيرهم.. ولا يختلف الأمر كثيراً عن نيجيريا التي تربطها بالبلاد أواصر صلة قديمة ولم يسجل التاريخ مواقف عدائية للبلدين..! وأملي أن تشارك كينيا بتمثيل أعلى في هذا المؤتمر الذي ستحضر فيه مصالح كل بلدان القارة، بما في ذلك مصلحة نيروبي.. والشعب السوداني يحفظ لها استضافة أكبر مفاوضات سلام على مستوى أفريقيا، والجميع يعرف ضاحية نيفاشا ودورها في السلام..! مصر والجزائر... أيضاً هما شقيقتا السودان ولا أستطيع حصر أواصر الإمتداد بين البلدين، ولكني أقول إن هذا المؤتمر يعد الإمتداد الأكبر بالنسبة لعلاقاتهم، وهو رصيد إضافي كبير بالنسبة للقاهرة والجزائر قبل الخرطوم، ينبغي الإستفادة منه لمصلحة الشعوب..! رسالتي هنا إلى كل قادة أحزاب القارة السمراء الذين سيتجمعون في الخرطوم بأن يجتمعوا على مصلحة شعوبهم وبلدانهم بعيداً عن التآمر والجري نحو الأجندات الأجنبية وحينها سيهل أوان وداع الظلام في قارتنا الأفريقية.. وسنعود.