الخلافات وإعادة الهيكلة التي حدثت داخل جبهة الدستور الإسلامي وإيقاف عمود الناطق الرسمي باسم الهيئة وعضو المكتب القيادي بمنبر السلام العادل وعضو هيئة علماء السودان الشيخ سعد أحمد سعد الذي كان يكتبه بصحيفة الانتباهة تحت عنوان «أصل المسألة» قاد للتكهن بأن هنالك رياحاً هبت وقد تعصف بالجبهة التي لم تصل إلى أهدافها بعد، غير أن الشيخ سعد قطع بأنه لا يوجد انشقاق داخل الجبهة، مشيراً إلى أن خلافه مع صحيفة الانتباهة ليست له علاقة بالجبهة ولا عمود «أصل المسألة» وقال إنه سيتوجه إلى المحكمة لإحقاق الحق ونوه إلى أن الدعوة إلى دستور إسلامي قديمة ولم يبتدعها منبر السلام العادل ولا السلفيون ولا الصوفية وهي فكرة راسخة في السودان منذ أكثر من خمسين سنة، ووصف المؤتمر الوطني بالحزب المسيطر وقال لديه تبعية كبيرة جداً بالحق والباطل وساعٍ إلى تحجيم الأحزاب السياسية الأخرى، وأوضح أن المواطنة أخطر ما يمكن أن توجد في دستور يحكم السودان وأن يقال إن الحقوق والواجبات تقوم على المواطنة، وأبان أن ما يقوم به النظام في أخذ الأموال من التجار غير الزكاة يعتبر مكوساً، وأكد أن صاحب المكس في النار. منذ الانفصال ظلت الحكومة تدعو الى الشريعة، وأوضحت أنها تسعى الى دستور قائم على الإسلام، ما هو السبب الذي جعلكم تسارعون إلى تأسيس جبهة للدستور الإسلامي؟ - جبهة الدستور الإسلامي شُكلت منذ حوالي سنتين أو ثلاث، وبدأت نشأتها في منبر السلام العادل واستمرت اجتماعاتها في هيئة علماء السودان، وكانت هناك لقاءت في أماكن أخرى حتى أصبح لها مقر، والدعوة الي دستور إسلامي قديمة ولم يبتدعها منبر السلام العادل ولا السلفيون ولا الصوفية فهي فكرة راسخة في السودان منذ أكثر من خمسين سنة. هل قدمت لكم دعوة للمشاركة في الدستور القادم كجبهة الدستور الإسلامي؟ - كجبهة الدستور الإسلامي لم تقدم لنا ولكن كهيئة قدمت لنا. ما الذي حدث داخل جبهة الدستور الإسلامي قبل أن تصل الى هدفها هل انشقت؟ - جبهة الدستور لم تنشق وهي ليست حزباً سياسياً وأشبه ما تكون بمجموعة الضغط، ومهتمة بقضية واحدة وهي الهوية والذي حدث في جبهة الدستور كان تعديلاً في الهيكل برؤيتين مختلفتين، رؤية غالبة ورؤية ضعيفة، وفي الآخر الرؤية الغالبة هي التي سادت وأعادت تشكيل المكتب القيادي والأمانة، والأمر الآن يسير بصورة جيدة ولم يخرج من صفوف الجبهة إلا الأشخاص الذين كانوا مناوئين ومختلفين وهم ناصر السيد ومحمد مالك. مجموعة ضغط لمن؟ - للحكومة، لتطبق الإسلام والشريعة ولن نترك الدستور الإسلامي حتى نموت. هل تتوقع نجاح الشريعة فمعظم الممارسات التي تدعيها الأنظمة الإسلامية جعلت البعض ينفر من الإسلام ما قولك؟ - أخطر شيء أن ترفع شعار الإسلام ولا تطبقه، فلن تنطلي الحيلة ولن ينفر أحد لأن هؤلاء لم يطبقوا الإسلام أو يدعوا بأنهم يطبقوا الإسلام. هل تتوقع أن تطبق الشريعة في السودان علماً بأنه لم يطبقها نظام منذ عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز؟ - لا تسألي أسئلة تورطك هل لك شك في الكتاب أو السنة!!. مقاطعة... لم أتحدث عن الكتاب والسنة، ولكن عن تطبيقهما فنحن نسمع الشعارات الإسلامية ولا نرى دولة إسلامية؟ التطبيق تطبيق بشر والخالق يحاسبهم، وهذا شيء طبيعي، فإذا لم يطبقها فلان أو علان، فهذا لا يعني أنها لا تطبق، فعندما أنزل الله الكتاب وقال احكموا أنفسكم بالكتاب، فهذا يعني أن تطبيق الكتاب جاهز، ولأنها لا تطبق كونها جبهة الدستور . إذا أخذنا التطبيق أنتم كهيئة علماء السودان محسوب عليكم بانكم لا تفتون كثيراً في الفساد وعدم إقامة الحد وغيره، ولكنكم تفتون في سفر الرئيس والمظاهرات وتحالف كاودا؟ إقامة الحدود عمل قاضي، وحكم الحاكم يرفع الخلاف والفساد نعرفه ولا يوجد شخص كتب في الفساد أكثر مني . المراقبون يرون أن ميثاق جبهة الدستور الإسلامي ووثيقة الفجر الإسلامي ما هي إلا ردة فعل لميثاق كاودا ووثيقة الفجر الجديد ما تعليقك؟ لا استطيع أن أفتي بأنه لم يكن ردة فعل مطلقاً، فقد كان فيه جانب من ردة الفعل، لكن الإشكالية التي نراها في جبهة الدستور الإسلامي وهي ليست حزباً سياسياً ولا نطرح فيها قضايا سياسية، وفيها قضية واحدة، وهي قضية الدستور، وأي شيء يمس الدستور نتصدى له، وإذا قارنا ميثاق الفجر الجديد بالفجر الإسلامي نجد أن الفجر الجديد علماني، يسعى الى نسف الهوية جملة وتفصيلا ويدعوا إلى تغيير السلطة بالسلاح ويطرح المواطنة.. والمواطنة أخطر ما يمكن أن يوجد في دستور يحكم السودان، أن يقال أن الحقوق والواجبات تقوم على المواطنة. ما هو الخطر في أن تقوم الحقوق والواجبات على أساس المواطنة؟ - الخطر سوء الفهم.. بعض الناس يظنون أن المساواة هي العدالة، ولكن المساواة شيء والعدالة شيء، فأحياناً تكون العدالة من غير المساواة، وعندما ندعو الى المساواة في الحقوق والواجبات الإنسانية، نحن كسودانيين متساوين في المثول أمام القضاء، ولا نميز ديناً على دين، ولا عنصر على عنصر، ولكن في الواجبات لا يمكن أن نجعل واجب الغني كالفقير، ولا القوي كالضعيف، ولا الصغير كالكبير، فحتى النظام الاقتصادي الإسلامي نظام صارم جداً، وفيه عدالة ليست مثلها، ولم تسمع بمثلها الإنسانية، فحرمة مال المسلم في الدول الإسلامية كحرمة دمه، لذلك لا يمكن أخذ ماله، إلا أن يكون راضياً، لذلك الإسلام أوصي عندما تكون هناك جانحة أو شح في الموارد، على الحاكم أن يوظف في أموال الأغنياء، ولكن النظام العلماني سيفرض ضريبة على المواطن. مقاطعة... الآن في الدولة الإسلامية التي نعيش تخت ظلها وترفع شعار الشريعة تفرض علينا ضرائب وزكاة، والزكاة لا تؤخذ من مال الأغنياء فقط، بل أصبحت فرضاً على كل من يعمل أو يدخل سلعة من الخارج، حتى لو كان قد احضرها بالدين أو هدية منحت له؟ - النظام المالي القائم الآن ليس نظاماً إسلامياً، والجبايات خطر كبير جداً، والنظام الفقهي يجوز للحاكم التوظيف في مال الأغنياء وليس الفقراء في الظروف الاستثنائية ويأخذ على قدر الحاجة، وشرط أن يكون بيت المال ليس فيه شيء، وما يقوم به النظام في أخذ الضرائب والزكاة خطأ وحرام، والأموال التي تأخذ من التجار غير الزكاة تعتبر مكوساً، والمكوس هو المال الذي يؤخذ من الكلف على غير الوجه الشرعي، وصاحب المكس في النار، يقال يوم القيامة ربنا يدني كل عبد من عبيده وكل أماء ويخاله في إذنه بما فعله في الدنيا، فإن شاء غفر له وإن شاء عذب إلا صاحب المكس فإنه يؤخذ ويلقى في النار. مقاطعة... وأين أنتم- كهيئة علماء السودان- من كل ما يحدث في النظام المالي القائم؟ - هيئة علماء السودان رأيها واضح بأنه ليس في المال حق سوى الزكاة، وأنا عضو الهيئة منذ عشر سنوات، والفتوى في الهيئة مرتبة، وليس من حق كل شخص أن يفتي باسم الهيئة، ولكني اكتب رأي الشخصي عبر مقالاتي الصحفية، وليس باسم الهيئة. يرى البعض إننا شعب يتعالى بعضنا على البعض بالرغم من إننا مسلمين بالإضافة إلى أننا متعددو الثقافات واللهجات، لذلك ينادي كثيرون بالحقوق والواجبات على أساس المواطنة ما تعليقك؟ - من يتعالى غلطان، والتعددية لا تفرق في شيء لقوله تعالي (إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) المواطنة التي يتحدثون عنها هي الأساس الوحيد للحقوق والواجبات، فالآن السودان فيه 98% مسلمين، لذلك ليس من حق غير المسلم أن يحكم لأن الحكم بالشريعة، وهو شخص غير مسلم فنحن أغلبية 98% فهل نقبل أن يحكمنا من 2%. مقاطعة.. وإذا اختاره الشعب؟ - الدول المتقدمة في دساتيرها لا يحق لبعض المذاهب أن تحكم كما في أمريكا وبريطانيا، ويجب أن نحترم غير المسلمين، ونحترم عبادتهم، فلا إكراه في الدين، لكن لن نطلق له يده في المجتمع كي يغير الهوية. هل إبعاد الأمين العام السابق لجبهة الدستور الإسلامي ناصر السيد تم بموجب خلافه مع رئيس منبر السلام؟ رئيس المنبر لم يختلف مع ناصر السيد، ولكن كان هناك حراك معين بالجبهة في اطار ضيق جداً، متمثل في رؤية لأشخاص لا يزيدوا عن أربعة في المكتب القيادي للجبهة، وكان لديهم موقف من المنبر وهذا الموقف كان خاطئ. وما هو هذا الموقف الخاطئ؟ - كانوا يظنون أن المنبر يريد أن يستولي على جبهة الدستور، وهذا موقف غير صحيح وليس للمنبر فكرة كهذه، وهو مكون واحد من مكونات الدستور، فالجبهة تتكون من أفراد وجماعات وليس لها شكل محدد تشترطه للانضمام تحت لوائها. ما هي طبيعة خلافكم مع ناصر السيد؟ - ليس لنا خلاف، ولكن ناصر السيد كان يغلب سوء الظن مع إخوانه في الجهة وهذه مضرة وغير مفيدة، وأيضاً كان يريد أن يسوق آرائه الشخصية وقناعاته من داخل جبهة الدستور والمنصب في الجبهة تكليف ليس فيه عائد، والتمسك به شيء غير جيد، ويزرع في الجبهة جذور غير طيبة، لذلك طلبنا بشخص زاهد إذا طلبنا منه شيئاً لا (ينقنق) أو يفسر الأشياء بتفسيرات أخرى، فالأخ ناصر وأحمد مالك يفسرون تفسيرات غير صحيحة. ألم يكن منصب ناصر السيد قد تم بالترشيح؟ - الفترة التي اختير فيها ناصر السيد أميناً عاماً كانت في الفترة الأولى بالرغم من أننا عندنا عليه مأخذ. ما هو هذا المأخذ ؟ - كلامو كتير وقد اعترف هو بذلك، وكثيراً ما يخرج من الاجتماع ويسرح ثم يرجع، وخلفيته الحزبية كانت الحزب الاشتراكي الإسلامي، ونحن ننظر لهذا الحزب بريبة شديدة، فالإسلام كامل ولا يحتاج لاشتراكي، وتاريخ ناصر نحن نعرفه واختياره كان في تلك الظروف، وهذا لا يعني انه سيكون في المنصب مدى الحياة، وعندما رأى إخوانه ضرورة التغيير غيرناه.