على خلفية التغييرات التي نشأت مؤخرا في الصف القيادي لجبهة الدستور الإسلامي وتم بموجبها إعفاء الأمين العام السابق والمقرر السابق؛ جلست (الصحافة) إلى الأمين العام الجديد الشيخ ياسر عثمان جاد الله، وهو من مؤسسي جبهة الدستور الإسلامي، وتناول الحوار الخلافات بين الأمين العام السابق ومنبر السلام العادل، وصلاحيات المكتب القيادي في تعيين وعزل الأمين العام والصف القيادي، ورفض الشيخ ياسر الاتهامات التي وجهت له بأنه انقلابي، مؤكدا أن جبهة الدستور الإسلامي لم تنشأ كرد فعل لنشأة الجبهة الثورية أو تحالف كاودا، كما نفى علاقة جبهة الدستور الإسلامي بالحكومة، موضحا أن جبهة الدستور ستقوم بعمل تعبوي شامل في كل قطاعات المجتمع من أجل التبشير بالدستور الإسلامي. * بداية نرجو أن تحدثنا عما تم بالضبط وأدى إلى هذه التغييرات في جبهة الدستور الإسلامي؟ الذي حدث أن المكتب القيادي قد انعقد للنظر في تغييرات على مستوى الأمانة العامة، وقد خصص لذلك جلسة السبت السادس عشر من مارس الجاري، ولكن لم يحضر الأمين العام ولا المقرر هذه الجلسة، فتواثق المكتب القيادي على إجراء التعديلات، ولكن الشيخ كمال رزق نائب رئيس الجبهة الذي كان يدير الاجتماع طلب من المكتب إرجاء تنفيذ القرار لليوم التالي حتى يتمكن الأمين العام والمقرر من الحضور، وفعلا التأم المكتب القيادي في اليوم التالي أي يوم الأحد بحضور الأمين العام والمقرر، وقرر الاجتماع بأغلبية ساحقة إجراء تغيير في الأمانة العامة، ولكن حدث هرج وفوضى اضطر معها رئيس الجلسة إلى رفع الجلسة قبل أن يسمي المكتب التغييرات المطلوبة، مما دفع بعض الأعضاء في المكتب القيادي للاقتناع بأن هذه الفوضى المقصود منها عدم وصول القرار إلى نهاياته الطبيعية، فقاموا بمواصلة الاجتماع وتسمية الأمين العام الجديد والمقرر الجديد مع بعض التعديلات الأخرى، ثم ذهبوا إلى الشيخ كمال رزق الذي بارك هذه التعديلات، وقاموا بالاتصال بي فوافقت على ماقاموا عليه، هذا هو باختصار شديد ما تم من المكتب القيادي، فالإجراء في رأيي صحيح، والمكتب القيادي هو المناط به تعيين أو عزل الأمين العام،وكان لابد منه لمصلحة جبهة الدستور الإسلامي. * البعض يتهم الطيب مصطفى ومنبر السلام العادل بأنهم وراء هذه التغييرات؟ منبر السلام العادل كان من أوائل من ناصر فكرة جبهة الدستور الإسلامي، وموقفهم مبدئي، وقد ساهموا مساهمة فاعلة وشاركوا في التأسيس، وتمت اجتماعات الجبهة الأولى في مباني منبر السلام العادل، وتصادف آنذاك ان صرح اللواء حسب الله عمر تصريحاته الغريبة حول الشريعة، وتولى منبر السلام العادل التصدي لهذه التصريحات والتف حوله الناس، وهذا صادف الاجتماعات التنسيقية الأولى لجبهة الدستور الإسلامي، فساندوها بجهدهم وفكرهم ومالهم، ولم يفرضوا علينا أي رأي، وكانت النقاشات تتم بحرية حول مختلف القضايا، ولم نشعر بأي تغول على عمل الجبهة، وكانت قيادتهم تتعامل مثل بقية اعضاء المكتب القيادي ولم نشعر أنهم يفرضون علينا شيئا لا نريده، فقد كان معنا العميد (م) ساتي سوركتي، والشيخ سعد أحمد سعد، والأستاذ البشرى محمد عثمان الأمين العام آنذاك للمنبر، والدكتور محمد علي الجزولي الأمين العام الأسبق للمنبر، وكانت مساهماتهم جيدة دون إملاء أو تغوّل. * البعض يستدل على دور منبر السلام العادل في هذه التغييرات بأن الانتباهة ظلت مفتوحة لكم لتعبروا عن آرائكم من خلالها؟ الذين أنشأوا منبر السلام العادل من التيار الإسلامي، ومعظمهم كانوا أعضاء في الحركة الإسلامية، لذلك كان طبيعيا أن تساند صحيفتهم الانتباهة خط جبهة الدستور الإسلامي، فهي ضد الدغمسة وضد تمييع ثوابت الدين وهذا خط يتناسب مع خط جبهة الدستور الإسلامي. * ما هي أسباب الخلاف بين الطيب مصطفى ودكتور ناصر السيد؟ منذ فترة مبكرة من نشأة جبهة الدستور الإسلامي نشأ خلاف بين المؤسسين والدكتور ناصر السيد حول العلاقة مع المنبر، وتوقف الدكتور ناصر السيد فترة لا تقل عن ستة شهور نسبة لهذه العلاقة، ورفض أن تكون الاجتماعات بدار المنبر، وهذه مواقف شخصية مع المنبر، وحاول أن يسوّق موقفه كموقف وطني باعتبار المنبر مسئول عن انفصال الجنوب، ولكنا أفهمناه أن خلافنا مع المنبر لا يصل حد القطيعة، ومن ناحية أخرى فإن السودان بعد الانفصال يحتاج لجهود جميع الإسلاميين حول الدستور الإسلامي بعد سقوط الحجج والادعاءات التي كان يتشدق بها بعض العلمانيين بسبب وجود الجنوبيين بيننا، ومن هنا كان لا بد أن نلتقي مع المنبر حول هذه الفكرة. والدكتور ناصر السيد قضيته مع المنبر قضية شخصية ولا علاقة لها أصلا بعمل الجبهة. * يرى البعض أيضا أنكم استعجلتم الخطوة، وكان ينبغي أن تنتظروا رئيس الجبهة الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد؟ هذا السؤال يحمل التجريم، ويعني أن هناك مؤامرة، لكن حدثت ملابسات إضافة لما ذكرناه، فهناك شخصيات مهمة ولها تأثير في المجتمع ومنابر يدافعون من خلالها عن فكرة الدستور الإسلامي، حاولنا ضمهم للمكتب القيادي للجبهة، فاتهمنا الدكتور ناصر بالتآمر معهم لإحداث انقلاب في الجبهة، فكان لا بد من الإسراع بهذه الخطوة، خاصة أن الجبهة وجدت قبولا من قطاعات مختلفة، ورغم أنني من مؤسسي الجبهة إلا أنني توقفت فترة طويلة بسبب تصرفات الأمين العام السابق دكتور ناصر السيد، وقد قرر المكتب القيادي إجراء تعديلات في الأمانة العامة وهذا من حقه، وبالتالي لم تكن هناك حاجة لانتظار الشيخ صادق عبد الله وهو الآن في مصر ولا ندري متى يأتي، فمارس المكتب القيادي حقه في التعديل. * ينظر إليكم بعض المراقبين بأنك ومجموعة من الإخوان المسلمين انقلابيون، فقد انقلبتم على الدكتور الترابي، ثم على الدكتور الحبر، ثم على الشيخ سليمان أبو نارو، وها أنتم تنقلبون على الدكتور ناصر السيد؟ هذه مواقف مختلفة، ولكل موقف ملابساته وظروفه، وعموما في كل هذه المواقف لم ننقلب على أحد، وإنما دائما كان ينقلب علينا الناس، فالترابي فارق منهج الجماعة في فهم الدين، فكان واجبا شرعيا علينا مواجهته وتبرئة حركة الإخوان من منهجه، وإن تلكأ البعض في فهم هذه الخطوة، لكن تأكد للجميع الآن صواب ما ذهبنا إليه. أما دكتور الحبر فكان عزله عبر مؤتمر طبيعي أفرز مجلس شورى صحيح معتمد حتى من قبل التنظيم العالمي الذي حضر شخص منه المؤتمر بصفة مراقب وأمّن على كل خطوات المؤتمر وكتب تقريرا عن صحة الإجراءات، ثم لما جئنا على قيادة الجماعة بشخصيات لم تقبلها قيادة التنظيم العالمي أو قيادة الإخوان المسلمين في مصر حدث أن قامت بعض الشخصيات بشق الجماعة، ونحن من هذه التهمة براء. أما الشيخ أبو نارو مع اختلاف الطريقة والمنهج سلك طريق الترابي في تغيير منهج الجماعة، فقامت الجماعة بعزله عبر مؤتمر استثنائي. والدكتور ناصر السيد لم يكن الإخوان هم الذين خططوا لعزله، وإنما قرر ذلك المكتب القيادي وفيه شخصيات من مجموعات أخرى مثل السلفيين ومنبر السلام العادل وشخصيات مستقلة، فلماذا يُتهم الإخوان فقط بالمؤامرة لعزله. فهذه كلها أعمال تمت من خلال قنوات شرعية، قدرنا فيها أننا نواجه نوعا من الفساد والانحراف، والإخوان آلوا على أنفسهم ألا يسكتوا أبدا على خطأ، وسيثبت التاريخ أن موقفهم في كل هذه المحطات هو الموقف الصحيح. * إنشاء جبهة الدستور الإسلامي هل كان رد فعل لإنشاء الجبهة الثورية وميثاق الفجر الجديد؟ من يعرف الطريقة التي تكونت بها الجبهة يعرف أنها مواجهة لواقع أفرزه انفصال الجنوب، وقد انبثقت جبهة الدستور الإسلامي من لقاء تفاكري دعا له الإخوان المسلمون الإصلاح ضم العديد من قادة العمل الإسلامي،وقدم الإخوان المسلمون الإصلاح ورقة تناولت ثلاثة مخاطر، الخطر الأول الفراغ الدستوري الذي سينشأ بعد انفصال الجنوب، وقد سقطت دعاوى مراعاة التنوع الذي لم يعد موجودا الآن، كما أن الدستور يجب أن يأتي معبرا عن أشواق المسلمين. الخطر الثاني خطر تمزيق السودان وانفصال جهات أخرى من السودان، وأن المسئول عن مواجهة هذه الأخطار والتصدي لها هم الإسلاميون إذا اتحدوا. والخطر الثالث الحال التي وصل إليها النظام من الفساد والاضطراب في سياساته، وعلى الإسلاميين أن يفكروا في أن يأتي التغيير على أيديهم تحت شعار (بأيدينا لا بأيدي غيرنا)، وفي ظل هذه الأخطار الثلاثة تكونت لجنة لوضع تصور حول ما يمكن عمله، وقد طرحت عدة أفكار منها فكرة تحالف للإصلاح السياسي، وفكرة جبهة وطنية تضم كل الأحزاب، وفكرة جبهة الدستور الإسلامي، فتم الاتفاق على تكوين جبهة الدستور الإسلامي لأن فكرة الدستور هي المطروحة الآن، ومن أيسر القضايا التي يمكن أن يجتمع عليها المسلمون في السودان. وهكذا تجد أننا لم نتأثر بأية خطط في مواجهة مشروعات أخرى ولم نأت كرد فعل، وفي ذلك الوقت لم يكن تحالف كاودا قد نشأ، ولم يكونوا قد فكروا في مشروع الفجر الجديد. * هل يخدم خطكم الحكومة؟ أم المعارضة؟ أنا اعتبر أن الذي يخدم الحكومة هي المعارضة، وأن الذي يخدم المعارضة هي الحكومة، ونحن نمثل ضمير الشعب الذي تتهدده المخاطر من كل جانب، ونحن نمثل معارضة إسلامية ملتزمة بالرجوع إلى الإسلام وتحكيمه في الحياة، ونستنكر كل صور الفساد الموجودة في الدولة، وندعو لإصلاح جذري في الحكم، ولو سقطت الحكومة وتولت المعارضة الحكم لسلكت نفس طريق الحكومة، والحكومة مرتهنة لقوى داخلية والمعارضة مرتهنة لقوى خارجية تريد عبرها حفظ مصالحها لا مصلحة السودان. * ما هي السبل التي تسلكونها لإقرار الدستور الإسلامي؟ الدستور الإسلامي ليس ورقة تُكتب، ثم يُدفع بها لمكتب الرئيس أو طاولة البرلمان، ولو كنا نفكر كذلك لكان يكفي أن نكون لجنة نصيحة ثم تقدم الدستور في شكل وفد يكون معبرا عن الجهات التي شاركت في صياغته، لكنا نعلم أن هناك ضغوطا خارجية ومصالح لقوى داخلية في النظام تدفعه للنأي عن الدستور الإسلامي، مما يجعل الأمر إنما هو معركة لإبلاغ رأي الشعب السوداني للحكومة وتثبيت هويته في مواجهة القوى التي تريد أن تحول بينه وبين الحكم الإسلامي. وهذا يعني أن ننظم محاضرات وندوات، ونعد بحوثاً ودراساتٍ، ونتواصل مع أساتذة الجامعات، وقطاعات الشباب والطلاب والمرأة، حتى يكون هناك رأي عام قوي يسند هذه الفكرة.