البروف غندور لك التحايا والود والسلام.. وقبل كل ذلك الإحترام.. أكتب لك والأسى أكبر مني والحزن يملأ روحي ودمي.. أكتب لك وجرح الوطن ما فتئ ينزف كل حين.. أكتب لك ونحن نودع في جوف الثرى أحبة لنا ومواطنين.. تمزقهم الدانات وتخرقهم الطلقات.. وهم يحملون آمالاً عراضاً.. وأحلاماً مدهشة.. بالعيش في وطن باسل ونبيل.. ولأن لكل مقام مقال.. ولأني رغم الجرح الدامي.. وتلك الغصة التي تطعن في الحلق.. فقد أخترت أن أكتب لك وأنت الوجه الآخر من عملة النهوض بالوطن من تحت الركام.. أنت وجه العملة الذي يفاوض في بسالة نيابة عن وطن شاخ وطن عاتي.. وطن خير ونتمناه ديمقراطي.. وقبل أن أحيي فيك تلك الشجاعة.. وأنت تقود مركب التفاوض في أجواء وأنواء بالغة الشدة والخطر والصعوبة.. بل تبحر بها وسط عواصف وهوج رياح هي من البشر الذين تبهجهم طوابير النعوش وتنعشهم روائح الحنوط ، يدمعون وجداً وهم يستمعون في إمتاع واستمتاع إلى مقطوعات الموسيقى المركبة من أزيز المدافع وقعقعة السلاح ودويّ القنابل.. أقول إن الوطن وكالعهد به أبداً يحمل البندقية بكف.. وغصن زيتون بكف.. لذا كانت الرسالة الأولى لك.. والثانية بإذن الله إلى الذين يدافعون عن تراب الوطن بالروح والدماء.. أولئك الذين قيل فيهم.. الوحش يقتل ثائراً والأرض تنبت ألف ثائر.. يا كبرياء الجرح لومتنا لحاربت المقابر.. البروف غندور. لو كانت رسالتي للوجه الآخر من عملة صياغة وصيانة الوطن لاستدعيت تاريخ هذه الأمة المجيدة.. ونقبت في تاريخ شعبي النيل... لأكتب من محبرة النزيف.. نحن في الشدة بأس يتجلى.. ولكتبت أن وطني علمني أن حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء... نعم كنت قد كتبت بأطراف أسنة وخناجر.. بل بأعواد نيران ومشاعل.. ولكن الكتابة لك.. وأنت تقود وفد التفاوض المدجّج.. بأحلام وإرث شعب لا يقبل في الوطن أن تمسه شعرة من جراح .. أو نسمة من تجريح. والآن يابروف.. كل الآمال معلقة عليك.. كل القلوب الوجلة على الوطن ترحل إليك.. كل الذين يذوبون وجداً في الوطن خلف ظهرك سنداً ودعماً وركيزة ..أمض رعاك الله وحفتك دعوات وأماني شعب يبهجه السلام.. ويسعده صمت المدافع.. وتدهشه بيارق الحب والتصافي والمحبة التي ترقص في الفضاء مع دفقات الريح.. ولأن «الوصية بالمهلة» نقول.. أنت معني فقط بالتفاوض.. نأمل لك النجاح.. ولكن أترك أمر الدفاع عن تراب الوطن إلى القوات المسلحة وكل الفصائل المعنية بأمر الحرب والدفاع ودحر كل معتدي أو متجاوز.. الوصية الثانية.. هي أن «تسد» أذنيك عن عواصف لاشك تهب من مزايدين. وملكيين.. ومؤلفة قلوبهم.. و«زاعقين». ..وآخرين «بتاعين شو» ولف نظر أصحاب القرار ليقولوا نحن معكم ويعلم الله أنهم فقط منافقين بل متفقين.. هؤلاء لا مانع لديهم أن يبيعوا أشلاء من أبناء الوطن بحفنة رضاء أو مال.. أو ظيفة. نعم سوف تبلغ البذاءة مبلغاً بعيداً وسوف تسمع كثيراً كلمة «المنبطحين» وسوف يحتشد الفضاء بعبارات مثل «الطابور الخامس» والمخذلين.. وأولاد قرنق وعملاء الصهيونية وأذناب الاستكبار... وجواسيس الأمريكان.. رجاءً لا تلتفت لهذه الأصوات الزاعقة لمحةً ولا تعرها نظرة. أمض في درب التفاوض.. وفقك الله.. ونحن من خلفك بنيان يشد بعضه بعضاً.. إذا نجح التفاوض.. يكون ذاك اليوم فينا يوم عيد وإن أخفق التفاوض فالحرب ملحوقة وهي صبر واللقاء ثبات والنصر أبداً معقود على جيوش السودان.