واليوم نكتب لك سيدي وزير المالية.. وأولاً.. نهديك... من التحايا أجلّها.. وأطيبها. وكنّا قد كتبنا لك بمداد من غضب.. بل بأعواد مشاعل.. أو بأطراف أسنة وخناجر.. وأنت قطعاً ويقيناً.. لو كان حظنا عظيماً.. وأيامنا سعداً.. كنت قد قرأت كلماتنا تلك لك.. والتي لم نتطرق فيها بحرف واحد.. لتصريحك.. بل لجزء من تصريحك.. الذي أقام قيامة أصدقائي الصحفيين... وأظن أن قيامتهم لم تقعد بعد.. في موضوع العواسة والكسرة.. بل كان كل حديثي وجل حروفي.. الغاضبة تلك كانت عن مطالبتنا بالتقشف.. الذي رفضناه جملة وتفصيلاً إلا إذا اقترن.. أو تطابق مع تقشف الحكومة.. أولاً.. ولأننا.. نعتقد أننا نتمتع بأخلاق الفرسان.. ولأن هذا القلم.. قلمي.. لا يظلم أحداً.. ولأن من حقنا أن نهاجم ونغاضب.. أيضاً لزاماً علينا.. أن نُشيد ونحتفي.. ونشكر.. عند المواقف المضيئة.. والقرارات الرشيدة.. وها أنا أحني قامتي لك.. ولتصريحاتك القوية.. التي أشاعت النور في ظلمات دهري.. أطربتنا حد الغناء البهيج.. والحبور الشديد.. وأنت تؤكد أنك سوف .. تخفض... مخصصات الدستوريين وهذا ما طالبناك به تحديداً.. واعلم سيدي الوزير.. أنك إن أفلحت في ذلك تكون قد أتيت بما لم تستطعه.. الأوائل.. وراجع دفتر الإنقاذ.. منذ السطر الأول الذي كتب عام 1989م.. وحتى هذه اللحظة.. تجد أنه لم يقتحم هذه الدائرة العصية المنيعة غيرك. سيدي الوزير.. ها أنت تجتهد.. ومقدماً.. وعلى أسوأ الفروض.. لك أجر واحد ثابت ثبات الجبال الراسيات.. وإن نجحت.. فلك قطعاً ويقيناً أجران.. وفوق الأجرين.. لك تحايا.. وحب.. وإعجاب.. وإكبار الشعب السوداني قاطبة.. والذي أنت الآن.. ببسالتك.. وجرأتك.. و (رجالتك) محط أنظاره وهو ينظر مبهوراً ويراقب مندهشاً.. دخولك عرين الأسد.. صدقني سيدي الوزير.. إنك سوف تواجه أعاصير وهوج رياح وعواصف.. ستخوض حرباً دونها.. داحس والغبراء.. ولكن تأكد.. أن من يحمي ظهرك هو هذا الشعب المُدهش الفريد النبيل.. لن نكتفي بالفرجة .. بل نحن قطعاً عون وسند لك.. تجدنا نناصر.. وندعم ونؤازر من تصدى.. لمهمة خطيرة وعسيرة.. من يخوض حرباً.. ضارية وخطيرة.. واعلم سيدي الوزير.. أن التاريخ يكتبه الأفذاذ والشجعان من الرجال.. واعلم أن صفحاته.. منبسطة بين دفتي سفره العظيم واعلم أن قلم التاريخ مليء بالمداد.. وعلى أهبة الاستعداد.. ليكتب.. في فرح وفخر وعظمة.. أن هناك رجلاً نبيلاً.. قد واجه أخطر وأجل امتحان طيلة عقدين من الزمان.. ونجح بدرجة الامتياز.. وسيكتب أيضاً اسمك بمداد من نور حتى لو لم توفق في ذلك.. ولكن لن يكتب هذا.. إلا إذا اقترن عدم توفيقك بالاستقالة الفورية والقفز من هذه المركب.. سيدي الوزير.. إن نجحت كان هذا هو المأمول وإن فشلت... عليك بالاستقالة فوراً.. لتكتب صفحة مضيئة تظل.. وساماً.. يطوق جيدك ويتدلى باهراً على صدرك. سيدي الوزير.. وبما أن هذه الصفحة اليوم عن الإشراق.. وفرح التاريخ وهو يسجل المواقف المضيئة.. فها أنا أخلع نعلي وأمشي حافياً في رحاب وتراب.. وثرى.. القاعة الوقورة قاعة.. مولانا دوسة.. وهو يزيح ركاماً. ويمسح أصباغاً ويكشف قناعاً شائهاً من أخطر وأجل وأعظم وزارة عبر كل الكون.. وليس في السودان فحسب.. وزارة العدل.. وما أعظم العدل.. وما أسعد الناس الذين يعيشون تحت ظلال.. دولة عادلة.. نعم... دعوني أمشي حافياً وشاكراً مولانا محمد بشارة دوسة وهو يطلق رصاصة الرحمة.. على الهياكل المخيفة. المسماة الحصانة.. وندمي أكفنا بالتصفيق بل نهتف ملء أفواهنا.. ونهدر من تجاويف صدورنا.. ونحن نرعد.. ينصر دينك يادوسة.. وأنت لا تغلف أحاديثك بالسلوفان بل تسطع حروفك.. كما شمس الظهيرة على خط الاستواء وأنت تورد أسباب أعفائك لبعضهم وتعيينك لبعضهم. شكراً مولانا... وها نحن نستنشق دعاش الرزاز.. ونأمل أن يهطل وابل المطر.