جاء في الإعلان العالمي الصادر عن المؤتمر العالمي للتعليم العالي في القرن الحادي والعشرين الرؤية والعمل «اليونسكو- باريس 5 9- أكتوبر 1998م» في المادة 14 «أ» تحت تمويل التعليم العالي بوصفه خدمة عامة «ما يلي»: إن تمويل التعليم العالي يتطلب موارد من القطاعين العام والخاص، وإن دور الدولة في هذا التمويل يظل عاملاً أساسياً والتمويل الحكومي للتعليم العالي يعكس قوة الدعم الذي يقدمه المجتمع بهذا التعليم. وهو تمويل يجب تعزيزه لتأمين تطوير هذا التعليم وزيادة فعاليته والحفاظ على جودته وملاءمته، بيد أن الدعم الحكومي للتعليم العالي والبحوث يظل عاملاً أساسياً لتأمين التوازن في أداء المهام التعليمية والاجتماعية. ومع ذلك يلاحظ ضعف التمويل الحكومي للتعليم في السودان كما بدا في الميزانية العامة لهذا العام «2013م»، لذا فقد اتجهت الحكومة للجانب الآخر «الاستثمار» بفرض ضرائب على مؤسسات التعليم العالي الأهلي، مما حدى بعدد من هذه المؤسسات مخاطبة رئيس الجمهورية «راعي التعليم العالي» للإبقاء على التوجيه الرئاسي الخاص بإعفاء تلك المؤسسات «جامعات وكليات جامعية ومعاهد» من الضرائب، ورداً على ذلك وجه رئيس الجمهورية بأن تعامل هذه المؤسسات وفقاً لقانون الاستثمار، وذلك في خطاب ممهور بتوقيع وزير شؤون رئاسة الجمهورية وموجهاً لوزير المالية والاقتصاد الوطني ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بصورة للوزير بالمجلس الأعلى للاستثمار. ومن جانبها خاطبت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمعاهد العليا الأهلية بخطاب موضوعه: ضرائب أرباح الأعمال على مؤسسات التعليم العالي الخاصة والأهلية.. وتشير هذه العبارة إلى مؤسسات غير موجودة قانوناً وأعني بذلك مؤسسات التعليم الخاصة، إذ أن القانون الذي يحكم التعليم العالي في السودان قانون تنظيم التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 1990م وتعديلاته اللاحقة ينص في الفصل الثالث تحت مؤسسات التعليم العالي المادة «11» على الآتي: تتكون مؤسسات التعليم العالي من المؤسسات الآتية وهي: أ/ الجامعات التابعة للدولة. ب/ الكليات والمعاهد التابعة للدولة. ج/ الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية والأجنبية. كما أن المادة 13 «1» من نفس الفصل تنص على: تنشأ مؤسسات التعليم العالي على الوجه الآتي: أ/ الجامعات التابعة للدولة أو الأهلية أو الأجنبية بإنشائها قانون خاص بكل منها. ب/ الكليات والمعاهد العليا التابعة للدولة أو الأهلية أو الأجنبية يصدر بإنشائها أمر تأسيس بصورة المجلس المهني القومي للتعليم العالي والبحث العلمي بناءً على توجيهه بذلك من الرئيس «رئيس المجلس القومي». من ذلك نرى أن القانون لم ينص على وجود مؤسسات التعليم العالي في السودان.. وبالتالي وفي تقديري ينبغي أن يتم التعامل مع مؤسسات أهلية فقط ثم ننظر بعد ذلك إن كان على مثل هذه المؤسسات ضرائب أرباح أعمال أم لا، ونحن نعلم أن المؤسسات الأهلية أياً كانت لا تسعى للربح «Non- Profit» وعلى العكس من ذلك المؤسسات الخاصة «- Profitfor»، هذا مع العلم أن خطاب الميزانية أمام البرلمان لم يتطرق إلى هذه الضرائب.. إضافة إلى أن المادة 6 من قانون تنظيم التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 1990م المتعلقة باختصاصات المجلس القومي للتعليم العالي والبحث العلمي في الفقرة «ز» تنص على الآتي: مراجعة الميزانيات المقدمة من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي التابعة للدولة والتويفق بينها واقتراح الإعانات التي يمكن للحكومة أن تقدم للمؤسسات غير الحكومية وشروطها وضوابطها. بناء على هل تغيرت نظرة حكومة السودان إلى هذه المؤسسات الأهلية من إمكانية تقديم إعانات لها إلى فرض ضرائب عليها؟.. أم أننا انتقلنا إلى مرحلة جديدة يمكن تسميتها مرحلة ما بعد ثورة التعليم العالي التي تتجه نحو «تشليع التعليم العالي».. وفي هذه الحالة لا تستطيع الدولة أن تفرض سيطرتها الكاملة في تحديد الرسوم الدراسية طالما أن مؤسسات التعليم الأهلية قد تصبح جميعها مؤسسات استثمارية تسعى للربح وبأمر الحكومة. وفي ضوء ذلك ينبغي التفريق ما بين مؤسسات التعليم العالي غير الحكومي التي تسعى للربح «الخاصة».. والتي لا تسعى له «الأهلية». وبدءاً يتطلب ذلك تغيير التشريعات التي تحكم التعليم العالي في البلاد وفي مقدمتها قانون تنظيم التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 1990م وقوانين الجامعات وأوامر تأسيس الكليات والمعاهد العليا.. وأعلم أن الوزارة والمجلس القومي بصدد إعداد مشروع جديد لقانون تنظيم التعليم والبحث العلمي في القريب العاجل.. أحمد عبد الرازق- الخرطوم «3»