الرمال عذراء.. والليل ساجٍ.. الدفء ينسرب كالأمنيات والمدينة أخذتها سنة من وسن.. نام الأهالي في هدوء ليس في قلوبهم غل ولا ضغائن.. ونسمات تتحرش «بالصريف» جحافل الظلام تزمع الرحيل.. وتلملم غلسها الأربد.. المؤذن يمزق صمت السكينة ليوقظ النيام ويهبهم الطمأنينة.. على الأطراف.. هناك.. تزحف الشياطين.. تتقدم بعدتها وعتادها الذي لا يصلح سوى للدمار.. العيون تتقد شرراً.. النفوس تغلي كالمرجل.. «ذات الإحساس الذي أحسه» نيرون «وهو يشعل الحريق والنار في روما».. وهو يتراقص على ألسنة اللهب.. إستيقظت «أم روابة» ونفضت النعاس قامت لتسعى نحو الأرزاق.. البناء والتعمير.. نحو الفلاح والصلاح.. دون أن تدري أن يد الغدر تتربص بها المنون.. بعد أن تجردت من كل قيمة للفضيلة ومن كل معنى للشرف. العربات ذات الدفع الرباعي.. تهتك بكارة المدينة العذراء.. الفزع.. الجزع الخوف.. «النفس والمال والولد».. أعز ما يبتلى به الإنسان أصبح على فوهات البنادق والدوشكا.. ضربات متلاحقة.. موجعة.. محطة الكهرباء.. أقسام الشرطة.. المصارف..الحريق يا أبو مروووه.. الموت في الطرقات.. الفرار سلامة والثبات نصر أو شهادة.. اختلطت المياه الصافية بالعويل القاني فأصبحت حمراء بلون الدم. إن لطعم الموت لذة.. عند مصاصي الدماء.. لأنهم يقتاتون برصاص المسدسات التي تقتل معاني الوطن والحب والجمال.. طعم لا يفرق بين الرجال والنساء والأطفال.. الكل قرابين لأجل المطامع الشخصية.. إن هؤلاء لا يعرفون «أصول الفروسية» ولا لعبة المواجهة.. يجيدون الغدر.. الضرب من الخلف والقتل غيلةً.. ضحيتهم هذه المرة.. الغرب الحبيب بأصالته.. وثرواته.. وإنسانه.. «بؤبؤ العين» يا سادة نقطة الضعف.. صوبوا السهام عليها بدقة.. ومباغتة.. وبعد أن باعوا رجولتهم في سوق «أم روابة» الباسلة.. وتلفحوا بثياب النساء فروا هاربين قبل أن تهب الأسود من عرينها لتذيقهم وبال ما صنعوا.. «فإن جنحوا للسلم فاجنح لها..» «وإلا فنحن قوم إذا الشر أبدى ناجزيه طرنا إليه زرافات ووحداناً».. وإنَّا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا بيضٌ صنائعنا.. سودٌ وقائعنا خُضر مرابعنا حمر مواضينا ü زاوية أخيرة قال تعالى «ولو يُؤاخذ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبوا مَا تَركَ على ظَهْرهَا مِنْ دَابَةٍ، لَكِنْ يُؤخِرهُم إلى أَجَلٍ مُسَمَى فَإذا جَاءَ أجَلهم فَإنْ اللَّهَ كَانَ بِعِّبَاده بَصِّيرًا» إياكم أعني فاسمعوا وأعوا يا هؤلاء..!!