تحل الذكرى السابعة لعبقري زمانه الراحل الفنان الذري إبراهيم عوض عبد المجيد في الثالث والعشرين من مايو. لقد درج هذا القلم على تجديد هذه الذكرى لأحد أعلام السودان قدم لوطنه الكثير. ويطيب لي في هذه السنة أن أحيي أبناءه الكابتن عوض والدكتور مازن والصيادلة حسن وهاشم ومحمد وطبيب الأسنان مجتبى الذين حفظوا مكانة والدهم ورعوا علاقاته بمحبيه وأصدقائه ويعملون الآن على وضع البصمات النهائية لمشروع يحمل اسم الفنان إبراهيم عوض كما ذكر ذلك أبناؤه دكتور هاشم ودكتور حسن في برنامج أغاني وأغاني مع الأستاذ السر أحمد قدور في السنة قبل الماضية. ونسأل الله أن يعينهم على نجاح المشروع وأن يكون نبراساً في هذا الوطن. لقد رحل الفنان الذرى الذى انتشر صيته من اول أغنيه غناها فى الاذاعة انتشار النار فى الهشيم وتبوأ مكانه عالية وظل نجما فى سماء الغناء ولم يكن شهاباً لامعا باهراً فقط بل استطاع ان يداوم الصعود واحتفظ بمكانته لاكثر من نصف قرن ثم انه لم يقف فى مكان واحد ولم يكرر ولاهو حتى الان قد يتكرر ولم يستطع أحد ان يحتل مكانته المميزة وترك فى الساحه عطاءً عظيماً مواكباً ليس فقط على مستوى السودان بل كان شريكا فى حركه غناء عالميه كان مبتدعوها مغنيين من امثال الفيس برسلى و سوفاكيه (فى فرنسا) حين كانت الاغنيه الراقصه على انغام التوسيت والروك اندرول والجيرك. فقدم نموذجا متقدما واصبح فنان الشباب بدون منازع كل هذا لان ابراهيم عوض كان فناناً عبقريا اضافه اضافات مبدعة ما كان لاحد فى مثل تعليمه وزمانه ان ياتى بها . وبحسب البروفسر إبراهيم محمد العوام نمر فإن إبراهيم عوض له عدة مميزات:- اولا: كان ابراهيم عوض صاحب صوت متفرد يرتاد بصوته المناطق الحاده وكان صوته يغطى مساحة واسعه وكان( صوته جد ملفت) . ثانيا: وكان رومنسيا يقدم الالحان بانفعالات واحاسيس ومشاعر مما اكسبه جماهير الشباب . ثالثا: كانت قدرة ابراهيم عوض عالية جداً فى اختيار أغانيه وكان يجمع رحيق غنائه من مختلف الازهار من شعراء متنوعين ومبدعين بدءاً من الاستاذ عبدالرحمن الريح والطاهر ابراهيم وابراهيم الرشيد ومحجوب سراج وعوض احمد خليفه وحسين عثمان منصور وغيرهم فكيف اتيح له هذه القدرة وهو على تلك الدرجه من التعليم الذى لم يتجاوز التعليم العام . رابعا : كما انه استطاع ان ينوع من الحانه ايضا باختيارات دقيقة وعبقرية موسيقية واعيه مما تكشف عنه الحانه هو نفسه فى الاغانى التى لحنها مثل الم الفراق ومتين ياروحى نتلاقى واخذ الحانه من كل الملحنين باختيارات متوافقة بدءً من عبد الرحمن الريح الى الطاهر ابراهيم الى عبد اللطيف خضر وبرعى محمد دفع الله حيث مثل كلُ مرحلة فى تطوره . خامسا : ابراهيم عوض بطبيعة ماقدم فقد اهتم بالاغنية الخفيفة وطور ما كان يسمى بالكسره وهى اغنيه خفيفه تلحق با غنيه فجعل منها اغنية قائمة بذاتها . سادسا : ابراهيم عوض ادخل الات حديثه مثل الطرمبه و الجيتار الكهربائى والسكسفون مما لم يكن مالوفاً عند المغنيين. سابعا : كان لاابراهيم عوض تاثير كبير فى جيل المغنيين من امثال محمد مسكين وغنى له عدد من الفنانين من امثال وردى وعابدة الشيخ وكمال ترباس ونبويه (الملاك). ثامنا : ابراهيم عوض استطاع منذ بداياته ان ينجح فى الولوج فى جو المثقفين وصادق عدداً كبيراً منهم ومن الاسر المعروفة فى العاصمة وقد استطاع ان يثقف نفسه وهو من بداياته كان يختار هندامه بدقة حتى قبل ان يشتهر كفنان . والملاحظ فى ابراهيم انه كان يجود اللغه ويجهد فى النطق السليم فى الغناء . كان ابراهيم مهيئاً لهذا الدور تهييئاً فطرياً من ناحيه حسه المتميز بترقيه نفسيه وعمله. الشيء الآخر الذي نبهني إليه ابن أخي المهندس المستشار محمد تاج السر علي الشيخ هو البرنامج الناجح (أغنيات من البرامج) في قناة النيل الأزرق الصاعدة. ذلك البرنامج الذي يقدمه ليلة كل جمعة الأديب النابه مصعب الصاوي الذي لا يضاهيه في تحليل الأغاني والألحان وأدوات الموسيقى وتعابير الأشعار والمدارس الشعرية والغنائية إلا الفطاحلة أمثال عوض بابكر وعوض أحمدان ومن سار سيرهم فصار فطحلاً هو الآخر. ولقد استمعت إلى الأستاذ مصعب الصاوي بعد تنبيه ابن أخي محمد تاج السر فوجدته يتحدث عن العبقري إبراهيم عوض حديث العارفين لفنه وللأشعار التي تغنى بها للشعراء العظام أمثال عبد الرحمن الريح والطاهر إبراهيم وسيف الدين الدسوقي وغيرهم. كما تحدث مصعب الصاوي عن صوت إبراهيم عوض وطبقات صوته والتجديد الذي أدخله في فن الغناء السوداني وطريقة عزفه على العود وتطويره للسلم الخماسي والتطريب الذي يحسه المستمع وكثرة المعجبين به وبعبقريته. إن طريقة وأسلوب تقديم الأستاذ الكبير مصعب الصاوي لأغنيات من البرامج تستحقان عن جدارة وساما حول عنقه وتاجا فوق رأسه وجائزة إبن السودان البار. وفي ذكرى الفنان الذري إبراهيم عوض السابعة تجدر الإشارة إلى أن بصمات عبقري الشعر والألحان عبد الرحمن الريح واضحة في أغنيات إبراهيم عوض. وكذلك بصمات الملحن المبدع عبد اللطيف خضر (ود الحاوي) لاسيما في أغنية المصير التي صاغ كلماتها الشاعر سيف الدين الدسوقي. إن حي العرب من أعرق أحياء مدينة أمدرمان ونقترح على رموزه وعلى معتمد أمدرمان الفريق التهامي تخليد الفنان الذري إبراهيم عوض بإنشاء (مركز موسيقي إبراهيم عوض) بحي العرب ليكون مركزا لتدريب الشباب على فنون وعزف الموسيقى والألحان لقبائل السودان في كل بقاعه وبكل الآلات الشعبية والحديثة وليكون مركز إشعاع يمثل السودان داخل وخارج الوطن وليكون تكريماً للفنان الذري إبراهيم عوض. الارحم الله ابراهيم عوض فقد استطاع ان يؤثر فى حياة جيل بل اجيال بعشقه للجمال وادائه الرفيع وانسانيته الراقية واريحيتة المتدفقة . ونسأل الله أن ينزل على قبر إبراهيم عوض شآبيب رحمته وغفرانه ويحفظ أهله وذريته وأحفاده. حي العمدة غرب