وناصية الأمر أيضاً هي الحكم.. ومعلوم أن الحكم والحامية العظمى هي لله رب العالمين.. إلا أنها تنزلت بمقدار على الخلائق في الأرض لأجل مسمى .. لكننا في بادرتنا هذه نلج إلى هدفنا المرحلي هذا وهو (الحكم المحلي) وما من أحد إلا ويطمع ويطمح أن يكون رأساً على الآخرين .. حيثما كان هؤلاء الآخرون.. فإذن لسياق وترتيب أمر الحياة في فجواتها ومراحلها المختلفة لابد من تنظيم وتتابع وتجربة وإحلال .. وعندها قيل لا يصلح الناس هكذا بدون قيادة.. ولا قيادة بجهالة أو دون إعتبارية حكيمة.. ولما كان مقصودنا هو (الحكم المحلي) فإنه أحد تدرجات ومفاصل الدولة الحديثة.. ولذلك عرف (أي الحكم المحلي) من بين تعريفات وتفريعات عديدة.. عرف أنه الرقابة على الشأن المحلي بتوزيع السلطات على الوحدات وتقديم الخدمات وتنمية المصادر ا لإيرادية.. والنصيب التناسبي في المنتج القومي.. وإذا كنا قد شهدنا وسمعنا ببعض العباقرة في الحكم المحلي أمثال (جعفر محمد علي بخيت) وقانون حكمة ذاك في عام (1971م) وما تبع ذلك من تسميات ومصطلحات في إدارة هذا المستوى من الحكم... من (مديريات) و (مجالس) (مدن) و (قرى) ولجان أحياء و فرقان وتدرجت تحولات ومفاهيم وتطبيقات القائمين على المستويات هذه محافظاً أو مديراً تنفيذياً أو إدارياً لدرجة أنه جعل في الظاعنين والرحل ضباطاً إداريين.. راحلين أينما حطت الماشية.. ثم تبعهم بعد ذلك نظام مدارس وتعليم الرحل.. لمستويات محددة ثم يستقر بعدها الطلاب في مدارس بالمدن والقرى الكبرى.. وهكذا.. وتوالت مفاهيم الحكم حتى أرتقى لدرجة أن تتنامي (المحافظات) إلى (ولايات) ويجئ الحكم اللامركزي.. ثم ينشأ مجلس أعلى للحكم اللامركزي ليرعى وينسق بين هذه الولايات التي صعدت للعدد (26) قبيل دولة الجنوب الجديدة.. والآن لنا بدولة السودان الكبرى (17) ولاية.. سترتقي لعددها ال (18) بعد إضافة ولاية غرب كردفان منبع البترول والمعادن والمصادر والموارد الأخرى (بإذن الله) من هنا نريد أن ندلف إلى الأهداف البارزة للحكم المحلي.. كما وردت في محاضرة.. للبروفيسور (جمال عبد الرحمن يس) وهي - أي أهداف الحكم المحلي- (أولاً) تطبيق اللامركزية في الحكم لتوسيع المشاركة وتحقيق الشورى والديمقراطية (ثانياً) تمتين الوحدة والتماسك (ثالثاً) تحقيق فعالية الإدارة (رابعاً) تدريب القيادات وكسب الخبرة (خامساً) تحقيق رغبات وطموح المواطنين (سادساً) إدارة ومراقبة الموارد المحلية (سابعاً) تعبئة ومعايشة الجماهير للوقائع والأحداث (ثامناً) التنسيق والسمنارات المتلاحقة.. فكل هذه الموجهات والأهداف تجعل القطر المعين وهو (السودان) حاضراً وشاهداً على المتواليات الاجتماعية والأمنية والسياسية والتعليمية والبيئة والزراعة والحيوان.. وتهيأة القطاعات المجتمعية الفاعلة... ثم لا يتم أثر إعلامي أو ثقافي.. أو مبادرات دخيلة تسعى لتحقيق مرام وغايات سالبة ماحقة.. إلا وتفاعلات وملاحظات الدوائر المحلية تراقبها وترصدها.. ويقوي ذلك من شبكة التنسيق بين المنابر الإتحادية الأخرى ليكون ذلك كله حكماً بمنطق الآية الكريمة .. (.. وآيتناه حكماً وعلماً) وهو يردد ويقول (..رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين).. ولنا جميعاً أن نتمعن في الغايات (الثمان) المقروءة بين أيديكم.. فهي (أي الغايات) تمثل وجوداً ماثلاً (للدولة) حتى لا يقول أحدهم - أي الأمير- لو استقبلت من أمري ما استدبرت لقضيت في كل عمالة - أي ولاية- شهراً.. وإن جاءه أحد - أي لإبن الخطاب- يشكو إليه: أن أميرهم هم بالولاية المعنية.. يختفي عنهم يوماً كاملاً لا يرونه أبداً.. فاستدعى ذلك (الوالي) فسأله (عمر) عن غياب يومه ذاك عن رعيته.. فأجاب بأن له جلباباً واحداً فقط.. فيختفي في ذاك اليوم ليغسله.. ثم ينتظره حتى يجف.. ثم يهيأه.. ثم يلبسه ليخرج من بعد ذلك للناس.. كما ذكرت لكم يوماً.. ثم أنني أضيف حالياً.. أننا في تجوالنا كحكومات بالولايات كنا ننتشر على المحافظات والمحليات دوماً فلاحظت أنا في جولة لي أن المدير التنفيذي للمحلية الإدارية المعنية قد صحبنا في أرجاء وحداته.. ففي إحدى الوقفات لاحظت أنه يصادق على بعض مطالبات مواطنيه المالية.. ثم يخرج المصدق من حقيبته ثم ينصرف.. فلما تكرر ذلك.. سألته أين كادرك وحافظ المال المحاسبي.. فأجابني أنه هو المسؤول وهو يحمل المال ثم ينفقه.. وهو أمين عليه.. فوجهته أن يصادق هو ثم يسند التنفيذ للكادر المحاسبي المرافق له بالسيارة.. وذلك للشفافية وتدريب الآخرين.. ثم طرحنا الأمر باجتماعنا اللاحق لمجلس الوزراء المعني.. وهذا يعني أنه ليس من رأي كمن سمع.. ثم أنه إذا لاحظ كثيرون أن الحكم المحلي قد تكاثرت به الكوادر والوظائف.. وقد ترهل... فإنني أثبت أن مؤسسات التعليم قد تضاعفت لاضعاف كثيرة.. وكذلك الخبرات وتمازج الدول والحضارات وآليات الاتصال ووسائطه قد تنامت.. فإذن يكون الواجب علينا (إثنتان) هما (أولاً) قراءة الغايات الثمان بامعان وتدبر.. (ثانياً) بعث روح (أخي) الطيب -( سيخة).. و(أخي) صلاح كرار وأخي يوسف عبد الفتاح وأمثالهم ومثيلاتهم للبعد الميداني والإجادة.. وهل أدى المسؤول الأول فجره حاضراً بمسجده.. كما كان يداهمنا يوماً (عمر البشير) في قيامات الليل.. وكما هو الشهيد الزبير محمد صالح أما أهلي عشيرة (الهدهد) فهؤلاء قيل لهم (خذلوا عنا فإنما الحرب خدعة) وقيل لهم (ولا تركنوا للذين ظلموا فتمسكم النار) وقيل لنا جميعاً (ما ينوم).. والله أكبر.