أعلنت وزارة العدل عن إكتمال فحص إقرارات الذمة لكل من السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس البرلمان فضلا عن وزير العدل نفسه ..! وهذه الإقرارات جميلة من حيث المبدأ بإعتبار أن قادة الصف الأول في المؤتمر الوطني والحكومة يكشفون عن ممتلكاتهم أيا كان حجمها ومقدارها رغما عن أنها تأخرت لثلاث وعشرين عاما من سنين الخدمة الطويلة والممتازة..! ü وهذه الخدمة الطويلة جديرة بأن تجعل لكل منهم ثروة كبيرة وهذه الثروة قادرة على أن تجر إلى مخيلة الكثيرين سؤال من أين لك هذا؟ فالسائل لا ينظر إلى هذه السنين والعمل الشاق إنما ينظر إلى حجم الممتلكات ولا يستوعب نموها وهذا هو أس الأزمة فإن من بين أعضاء الحكومة من كان يعمل طبيبا في الخارج يصرف دولارا ومنهم من كان يعمل قاضيا يتقاضى راتبا محترماً وآخرون كانوا ومايزالون تجارا يحصدون الأرباح..! جميع هؤلاء يجمعون أموالا قد تكون أكبر مما يأخذون وهم وزراء أو مسؤولين كبار في الدولة والمؤسف عندما يعين هؤلاء لم تلتفت الحكومة إلى هذه الإقرارات التي تعتبر حماية للمسؤولين أنفسهم من تهمة الثراء الحرام أو المشبوه في المقام الأول وحماية لأموال البلاد من الضعفاء في المقام الثاني..! ü ومن حيث المبدأ الديني فإن الإقرارات لم تكن من سنة الإسلام فالإسلام إعتمد على تربية النفوس وحدد معايير وصفات القائد ومن يؤتمن على أموال المسلمين واهتم بهذه المعاني وربى عليها الناس ومع ذلك فهناك من يرى أن إقرارات الذمة سنة حسنة ظل يتبعها الغرب ومن شايعه منذ فترة وربما كان الهدف تأكيد ريادتهم وإشاعة روحهم الوطنية والمخلصة دون الآخرين..من الأمم الأخرى..! ü وهذا الحديث يتسق مع ما نشر قبل أيام عن ثروة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي جاءت ضعيفة قوامها حوالي 5 مليون دولار وهو مبلغ يمتلكه غالبية الشعب الأمريكي وفي تقديري أن المقصود هنا ليست الشفافية إنما إثبات الدور الريادي والمتقدم للولايات البمتحدة الأمريكية وهذه إشارة يفهم منها أن أمريكا بها حكومة لا تحوم عليها شبهة الفساد بخلاف كثير من البلدان..! ü الفساد موجود في كل مجتمعات العالم وهي ظاهرة قديمة وتتناسب مع طبيعة النفس البشرية فهناك ماهي(أمارة) وهناك ماهي(لوامة) ولكن الخلاف في أننا نعترف بوجود الفساد كظاهرة أكبر من الواقع وننشيء له مفوضية خاصة وكأننا نقول للعالم أننا نعترف بانتشار الفساد وهانحن نكون له آلية خاصة لمكافحته وهذا خلاف ما درج عليه العالم فهو يتستر كل يوم عن فضائحه ووجهه الآخر ونحن نتكشف ونصرح ونعلن عن مساوينا كل يوم ..! ü صفوة القول: ü عزيزي مولانا دوسة أعتقد أن البداية طيبة فعمل الخير ينبغي ألا يرتبط بوقت معين والإصلاح يجب ألا يتوقف..! ولكن هنالك من الإجراءات ما ترتبط بعامل محدد فإبراء الذمة يحتاج إلى إقرار حين تسلم المهام ليخرج الإبراء من بعد ذلك.. فرسالتي هنا بألا ينشغل الناس بهذا الموضوع فالأهم أن يتوجه مولانا دوسةإلى القضاء ويحاول فك شفرة تكديس القضايا في المحاكم فهناك من النزاعات ما يأخذ 5 أعوام أو يزيد رغم اكتمال البينات ووضوح المسألة يتعرض من خلالها الأطراف لأتعاب بالغة وإنهاك لا يوصف وكثيرون يعجزون عن ملاحقة من يظلمهم بسبب الخوف من طول الإجراء..! فنحن بحاجة إلى محاكم سريعة وناجزة ومع ذلك دقيقة في التحري ومتأنية في القرارات.. تأن لا يحتاج إلى سنوات فالأمر يحتاج إلى سرعة التقدير حتى لا يتعرض الأبرياء إلى جزاء لاجرم لهم نحوه سوى أنهم متهمون وكل متهم بريء..! üالفساد والإقرارات أمر ينبغي أن تتابعه نيابات الثراء الحرام والمشبوه بعيدا عن الإعلام على أن يعمل بالإقرارات من الآن فصاعدا فكل من كلف بمهمة تمكنه من مال المسلمين عليه أن يوقع على إقرار قبل الإستلام والقانون لا يسري بأثر رجعي وإشارتي هنا لا تعني عدم ملاحقة من سرق..! ü أخيرا ..أعتقد أن الكلم من أجل النصح والإصلاح ورأيي يتلخص ألا نثير غبارا حول دعاوى الفساد فهو صنيعة يبحث عنها البعض للصيد والنيل من قيادات الإسلاميين وتشويه صورتهم ..! سنعود والله الموفق.