يا أحبة.. العنوان أعلاه.. لا أملك فيه حرفاً ولا فلساً.. يسعدني ويبهجني.. ويشجيني أن أرد الأمانات إلى أهلها.. أن لا أسطو ما حييت على أملاك غيري.. العنوان أعلاه صناعة خالصة.. وصرح شاده بطوب الأسى.. وبمونة الدموع الحبيب الصديق الأنيق ياسر عائس.. ذاك الفتى المعجون بحب الهلال.. حتى «القيف».. المفتون باللون الأزرق حتى الجنون.. وكان ذلك في أيام سحيقة من مسيرة التاريخ.. وقبل سنوات مضت وتصرمت.. عاش «الهلال» نهارات حزينة وليالٍ من السهد.. وحصاد هشيم من النتائج.. انطفأت مصابيح نصره وخيّم على دياره ظلام.. تيبست أوراق أشجار حديقته واحطوطب العشب.. بكى ياسر عائس بكاءً يفتت الأكباد بل يهري الأكباد.. ليس بالدموع ولا بالنواح.. ولا حتى بالنحيب.. بكى أو بكت عنه الكلمات والحروف.. سكب جداول من دموع.. بل من نزيف.. مصوراً في أسى مأساته.. والتي هي تحت عنوان «مأساة زول».. وبما أنني من الذين يحتفون بالحزن ويقدسون الدموع.. وبما أنني اعتبر أن لحظات الصدق.. وبهاء الإنسانية لا يشرق ويضيء ويبهر إلا عندما يعتصر الحزن القلوب ليطهرها.. ويغسل مالح الدموع العيون ليجلوها.. فقد احتفيت في خضوع وقرأت ما سطره ياسر في خشوع.. كنت أواسيه كلما أقرأ حرفاً من مرثيته «مأساة زول» بعشرة أحرف مني.. أرددها همساً ودمعاً.. اليوم أنا في حضرة الأسى والحزن والدموع.. اليوم أنا في خيم العزاء أعزي كل الذين يرسمون بأنيق الحروف مأساتهم.. والمآسي «خشم بيوت».. هناك من يصور مأساته.. عندما يخسر عشقه.. وترحل الحبيبة.. ويغادر المحبوب.. ويا لهول البعاد والفراق والرحيل.. ويا لبشاعة الهزيمة والخسارة.. وحصاد أو قبض الريح.. وهل صمدت كلمات الصديق الحبيب مصطفى سيد أحمد.. متحدية كر الليالي والسنين والدهور إلا لأنها مكتوبة من محبرة النزيف.. وهل هناك سوداني واحد لم يترنم بهذه المرثية.. مقدماً واجب العزاء لمصطفى؟ يا ألطاف الله.. إنها حزن يتجدد.. وأيام عزاء لا تنطوي.. ستظل مأساة لزول أحب وعف.. وخسر واحترق.. و.. لا تنكأ الجرح القديم فإنني ودعت ليلاً مظلماً وثقيلاً وحملت روحي في فؤاد نازف ما زال يحمل نصفه مشلولاًوخلعت أثواب الحداد أما كفى إذ صار قلبك في الهدى ضليلا غدّار دموعك ما بتفيد في زول حواسو اتحجرت جرّب معاك كل السبل إيديهو ليك ما قصرت حطمت في قلبو الأمل وكل الأماني الخدرت كلماتو ليك ضاعت عبث لا قدمت لا أخرت ما كنا وكت الليل اضيع وتشرق نجومو وتنكتمويطل شعاع يكشف قناع والظلمة ترحل وتنهزم وجفونا من طول السهر تلبس وشاح حرقة وألم نستبشر اليوم الجديد ونقول تعود انت العشم كيف الحنين وكتين يموت والغصة تطعن في الحلق كيف الرجوع لي زول قنع شايل رفات قلبو الحرق سيب الندم وأنسى الدموع ما فات زمان ما بتلحق غدار دموعك ما بتفيد في ظلمة ما بتعرف شعاع أشباحا زي موج العدم كسر المقاديف والشراع ونزلنا في طوف الفشل وابحرنا في بحر الضياع ونسينا ذكراك الزمان عشناها في طيف الخداع.. وظللت مرقدك سحابة حبلى بالمطر يا مصطفى.. وروعة حروفك تحكي في بهاء مأساة زول..