أشرنا بالأمس إلى صورة متخيلة للحكومة، كأنما أصبحت شخصاً مادياً لا اعتبارياً.. أي من لحم ودم وعظم ولسان وقلب، رغم علمنا بأن الحكومة هي دواوين ومؤسسات وسياسات وهياكل وخطط ووسائل لتحقيق أهداف معلنة ومحددة، أي أنها لا قلب لها ترق به على (شخص ما) بعينه، أو تكره به (شخصاً ما) إذ إنّ مؤسساتها وسلطاتها وقوانينها تقوم بالواجب تجاه من يُعارض تلك السياسات والأهداف.. تقوم بالواجب وأكثر في أحيان كثيرة. صورة الحكومة المتخيلة تجعلنا نراها تغني مع الفنان الكبير الأستاذ محمد الأمين أغنيته المشهورة (شال النوار، ظلل بيتنا.. ومن بهجة وعدك ما جيتنا.. العيد الجاب الناس لينا ما جابك.. يعني نسيتنا خلاص؟) والخطاب لموظفيها وعمالها ولكل العاملين في تلك الدواوين والمؤسسات والوزارات عقب انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك. نقول إن الحكومة المتخيلة لا زالت تغني، ولكن هذه المرة مع الراحل الأستاذ عثمان الشفيع من كلمات محمد عوض الكريم القرشي (عدت يا عيدي بدون زهور.. وين قمرنا.. وبين البدور.. غابوا عني) والأغنية لها قصة معروفة سمعتها من أكثر من مصدر تقول بأن الشاعر المرهف كان أسير الفراش الأبيض بمستشفى الخرطوم الجنوبي في أحد الأعياد وكانت تُباشر علاجه ممرضة رقيقة اسمها «قمر» لكنها في ذلك اليوم غابت لينتج غيابها واحدة من أجمل ما حفلت به ذاكرة الغناء السوداني. ما علينا.. نريد الخلوص إلى النتائج أي ردة فعل أكثرية العاملين في الدولة المتمثلة في الغياب المتعمد أو (شبه العمد) عن العمل بعد انتهاء الإجازة الرسمية، ونرى أن أكثرهم على حق.. لماذا..؟ قرار عطلة العيد بأيامه المحدودة لم يكن موفقاً، إذ جاء متضمناً يومين هما أصلاً إجازة رسمية، أي الجمعة والسبت، أول وثاني أيام عيد الفطر المبارك، و(بحسبة بسيطة) نكتشف أن الإجازة كانت يوماً واحداً لا غير، وأصبحت الحكومة ممثلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء مثل الوصي أو ولي الأمر، أو الأب الذي لا يشاور أهل بيته، وكنّا نتوقع أن تتم اتصالات باتحاد عمّال السودان، وأصحاب العمل، ووزارة التربية والولايات وبالمعلمين لاتخاذ قرار مرضٍ للجميع يضمن للعاملين في الدولة إجازة سعيدة وللحكومة روحاً جديدة أقرب لقوة الدفع في مؤسساتها إلى حين إجازة عيد الأضحى المبارك. وهذا نفسه يقودنا إلى مقترح بتقليص أيام الإجازات السنوية للعاملين في المؤسسات الحكومية بعد دخول يوم السبت كيوم عطلة رسمي يضاف إلى الجمعة أسبوعياً، وأن تكون هناك مرونة في العطلات المتّصلة بالمناسبات الدينية والعامة.. وستكون المكاسب أكبر والعاملون أفعل في الأداء والعطاء.. وكل إجازة والجميع بخير.