وأنا في طريقي إلى إذاعة القوات المسلحة مشاركاً في ندوة موضوعها(العودة إلى الإيمان)صباح جمعة أول شعبان ليطل بعده رمضان الخير والرحمة والفتوحات وكعادتي (تَلَهَّفت) آخر لحظة الغراء وموعد مع واحة الشعر فإذا عنوانها اليوم(عبدالحليم سر الختم ومعلقة جيش الوطن) قرأتها ثم قرأتها وأغرورقت عيناي بالدموع فرحا إن في السودان سليل العلامة البروفيسور عبدالله الطيب والعباسي والتجاني يوسف بشير والبنا وجماع والصاغ محمود أبوبكر وعلي المك وخليل فرح وغيرهم .. فرحت بهذه القصيدة التي تقول لشعوب العالم هذا هو جيش السودان ، هذه القصيدة ننادي أن تدرس ويحفظها الأبناء والبنات في المدارس والجامعات لان الأمم تربي أبناءها وتنشئهم بمثل هذه الملاحم. الملاحم والنشيد عند الامم: فالإلياذة والاوديسا كانت من أشهر ملاحم اليونان نظمها هوميرس صاغها في بضعة عشر ألف بيت وموضوعها البطولة والفداء في حرب اليونان مع الطرواديين، اما عند الرومان فقد صاغ فرجيل ملحمة الالياذة وصاغ الالمان ملحمة المنيونفليد في الحب والحرب عن قصص وقعت في القرن السادس الميلادي وكتبت في القرن الثالث عشر الميلادي وترجمت الى مختلف اللغات، وكتب الفرنسيون أنشودة رولان عند حرب شارلمان ضد الأندلس وهزيمته منهم وبرع الفرس في استخدام النشيد وقد سجل شاعرهم ابوالقاسم الفردوسي مؤلف(الشاهنامة) ذاكراً تاريخ الأكاسرة وحروبهم على مدى أربعين قرناً لتعيد مجد الفرس , وبريطانيا تعيش على أشعار وأدب شكسبير ومصر تحفظ ملاحم شوقي وحافظ والباردوي شاعر المنافي والجيش. هاهو الشاعر عبد الحليم سر الختم يدخل في منظومة الشعراء العظام الذين خلدوا وطنهم ودافعوا عنه بهذه المعلقة التي نشرتها أخر لحظة في عدد الجمعة الماضي 11/6/2013م في واحة الشعر ولتجمع مثل هذه الأعمال العظيمة من شعراء الوطن ليكون السودان شامة وعلماً بين الأمم. إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكان ماترمونهم به نضح النبل صدق رسول الله صلى اله عليه وسلم. مجاراة ومعان في مطلع قصيدتي شوقي وعبدالحليم سر الختم : عجباً نقراً قصيدة عبدالحليم سر الختم بمطلعها :- ماذا عليّ لو أدّكرتُ قليلاً وتلوت سفراً بالعطاء حفيلا فانك تستدعى التاريخ لتقرأ عصماء شوقي التي سار بها في كل بلاد الدنيا ( العربية الإسلامية ) قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وكلا الشاعرين معلمان، والموضوع واحد درس في قاعة الدرس ، ودرس في الوطنية والفداء في ساحة المعركة والمعلم يخرج الضابط والجندي المقاتلين فالموضوع واحد هو بناء الأوطان. كتب شوقي ملحمته في سبع وستين بيتاً وزاد عبد الحليم سر الختم وسجل ملحمته في أربع وثمانين بيتاً . تشابه في المعاني والألفاظ ، وجزالة الأسلوب وسلاسته وقوة الفكرة واختراقها للقلوب وحماستها الرائعة في كل من شوقي لمعلم الأجيال الذي ينشأ الأمة وعبد الحليم سر الختم للمعلم الجندي الذي يحمى الأمة. سداسية القصيدتين : قوة الفكرة والمضمون: أجاد أمير الشعراء شوقي في سداسية قصيدته(قم للمعلم وفه التبجيلا)وأوصل فكرته كاملة في موضوعية الفكرة وفكرة الموضوع وكادت الست أبيات من القصيدة التي حوت سبعاً وستين بيتاً أن تكون هي القصيدة كلها وجاءت كالسلسبيل العذب. قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفساً وعقولا سبحانكَ اللهمَّ خيرَ معلّمٍ علَّمتَ بالقلمِ القرونَ الأولى أخرجتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النورَ المبينَ سبيلا وطبعتَهُ بِيَدِ المعلّمِ ، تارةً صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا وفجرتَ ينبوعَ البيانِ محمّداً فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا وأبدع الشاعر النِحرير عبدالحليم سر الختم بعد مضي عام من رحيل شوقي والذي توفي في 13ديسمبر 1932م وجاء ليحي ( جيش الهنا) (الحارس مالنا ودمنا ) ... وتكون سداسية أبيات القصيدة وكأنها شوقي المعلم في موضوع ( الوفاء وتسجيل النصر الجميل والقول الجليل في الثناء على الفوارس حماة الوطن وتمجيدهم بعد ملحمة النصر تلو النصر ) ... وكادت أبياته الستة بعد أن ختمها بعد بالتوكل على الله أن تكون موضوع القصيدة وكأنها اكتملت في أبياتها الأولى :- ماذا عليّ لو إدّكرتُ قليلاً وتلوت سفراً بالعطاء حفيلا ومدحت من باب الوفاء فوارساً يتحملون عن البلاد ثقيلا ياأيها الجيش المبارك رميه إني عهدتك وأفياً وأصيلا متمرساً خوض المعارك ماردا تخذ الإله مناصراً ووكيلا متعمماُ عز الإباء عصابة مستسرجاً فخر الولاء خيولا متعشقاً سوح الفداء مجاهداً لا يرتضي للحسنيين بديلا حكمّ هنا وحكمّ هناك: أمير الشعراء شوقي هو شاعر الحكمة ينثرها هنا وهناك وتظل في ألسن الناس وعلى جدران مدارسهم ومؤسساتهم تتصدر الكتب، وتخرج من أفواه الخطباء ... وجاء في لاميته(قم للمعلم) قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا ومنها : وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقِهمْ فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا ومنها: وإذا النساءُ نشأنَ في أُمّيَّةٍ رضعَ الرجالُ جهالةً وخمولا هاهو شاعرنا الفذ عبدالحليم سر الختم يقول من بلد الخضرة والجمال جزيرة الخير ونصرة الجيش ... بواليها الفارس المقدام وشاعرها الفحل الهمام منها : أنا إن مدحتك فالشواهد جمة من ذا يزيد على الصباح دليلا ومنها : إن البطولة أن تكون كما أرى تلقى المنية ساجداً ممهولا ومنها : والمرء لو فقد الحياء ضميره يطوي الصواب ،،، وينشر التضلييلا ومنها : والمرء لو فقد الجمال شعوره هيهات يحفظ للأنام جميلا ذكر الأماكن والأبطال والشعراء الفحول: شاعرنا عبد الحليم سر الختم أجاد حين قصد عنترة بن شداد باستهلاله لعبارة ولقد ذكرتك والتي قالها عنترة في معلقته: ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المُتبسم وأيضاً قوله : ولقد ذكرتك والجبال خصيبة ودم تدفق (فى الفراء) مسيلا والغاصب المأفون أطرق خاشعا أدى التحية معجباً مذهولا إن البطولة أن تكون كما أرى تلقي المنية ساجداً ممهولا تحيا بموتك والعدو معذب يسعي على وجه الأديم خجولا اين الخليل وقد ترنم نشوة أهدي لغرة لحنه (المعسولا) وهاهو يخلد ذكري البطل عبدالفضيل الماظ وثابت في بيته الرائع: مات الرجال علي حديد سلاحهم مهروا الشهادة (ثابتا)ً (وفضيلاً) كان الشاعر عبدالحليم موفقاً حين جمع بين النسيب والبسالة في المعركة في أبياته: والتشابه في الربط بين النسيب والشجاعة والبسالة في المعركة والحماسة تغطيها النساء لأصلاء الرجال وشجعانهم. أما الأماكن فانه يذكر الخرطوم رمزاً للسودان مدنه وقراه :وتغنت الخرطوم عيد خلاصها وتفجرت أرجاؤها تهليلا الله أكبر لا إله غيره والحمد لله العلي جزيلا ثم الجزيرة حيث يخصها بتحية فهي موطنه ومنبعه وملهم أشعاره : جيل (الجزيرة) في الكفاح مجرب يزن الأمور ويحسن التحليلا وتلاقحت نطف العقول تناسلت صفا قوياً ساعدا مفتولا أما أمير الشعراء شوقي: فإنه يذكر الوادي كناية إلى وادي النيل ، ومصر، وبحث على إكرام المعلم وإنصافه في البرلمان وغيره: أمعلّمي الوادي وساسة نشئهِ والطابعين شبابَه المأمولا والحاملينَ إذا دُعوا ليعلِّموا عبءَ الأمانةِ فادحاً مسؤولا وَنِيَتْ خُطَى التعليمِ بعد محمّدٍ ومشى الهوينا بعد إسماعيلا كانت لنا قَدَمٌ إليهِ خفيفةٌ ورَمَتْ بدنلوبٍ فكان الفيلا حتّى رأينا مصر تخطو إصبعاً في العِلْمِ إنْ مشت الممالكُ ميلا وها هي الأماكن والمدن التى ذكرها شوقي: يذكر شوقي كفر الشيخ وكفور أخرى، ويذكر خوفوا، ثم يذكر المسلة هذه التي ذكرها في مجاراته لسينية البحتري حيث أجاد شوقي حين قال: اختلاف النهار والليل ينسي اذكر لي الصبا وأيام انسي ويذكر المسلة وعبد شمس: وعظ البحتري إيوان كسرى وشفتي القصور من (عبد شمس) تلك الكفورُ وحشوها أميّةٌ من عهدِ خوفو لم تَرَ القنديلا تجدُ الذين بنى (المسلّةَ) جدُّهم لا يُحسنونَ لإبرةٍ تشكيلا وها هو ينصف المعلم في قوله: ويقيم منطقَ كلّ أعوج منطقٍ ويريه رأياً في الأمورِ أصيلا الرامي والمتوكل عليه هو الله : يختم شوقي قصيدته بان التوكل على الله هو جماع الأخر في أخر قصيدة قم للمعلم فكلوا إلى الله النجاح وثابروا فالله خير كافلا ووكيلا وجاء بها عبد الحليم سرالختم في سداسية ملحمته: متمرساً خوض المعارك مارداَ تخذ الإله مناصراَ ووكيلا وختاماً:دعوة لتكريم شاعرنا عبدالحليم سر الختم: دعوة لتكريم والاحتفاء بهذا الشاعر الفذ وتخليد ملحمته للجيش الوطن والوطن الجيش هذه دعوة أطلقها عبر صحيفة آخر لحظة أن نكرم هذا الشاعر من أعلى مؤسسة وهي القيادة العامة للقوات المسلحة وقائدها الأعلى المشير عمر البشير ومن بعده قيادة للتوجيه المعنوي وأن تشارك كل مؤسساتنا التي تعني بالبطولة والفداء أن تنشر هذه القصيدة وهذه الكلمة المقاتلة ونضعها في أفواه تلاميذنا وعند بوابات جامعاتنا حتى نقول أن الشعر يحفظ لهذه الأمة أمجادها كما دماء الشهداء تروي ترابها عزة وكرامة ووفاء... نعاهد الله وهذا الشعب ان نسعى لتكريم هذا الشاعر وأمثاله لنقول أن الكلمة المقاتلة هي صنو السلاح في الميدان حفظك الله شاعر الأمة السودانية عبدالحليم سر الختم وكتب لك الأجر بقصيدتك العصماء ملحمة جيش الوطن ...(تحية لقوات الشعب المسلحة السودانية).. الأمين العام للمجلس الأعلى للدعوة الإسلامية وزارة الإرشاد والأوقاف