تأخرت هذه الكلمة الترحيبية بعودة زميلنا و«أستاذنا» حسن محمد زين للكتابة بعد انقطاع .. لتعود زاويته العتيقة والشهيرة «بهدوء»!! لقد سعدت وشعرت بالارتياح لهذه العودة الميمونة عبر صفحات الزميلة «الوطن».. وهو مكسب كبير لها وللقراء وللصحافة السودانية وللكلمة السهلة الممتنعة!! حسن قلم رشيق وصحفي متميز وصاحب خيال صحفي نادر.. وتتلمذنا على يديه أنا ومجموعة من الزملاء في صحيفة الأسبوع الأولى أيام الديمقراطية الثالثة أعادها الله سالمة «غانمة».. وتعلمنا منه كيف ينسج الصحفي الفكرة ثم «يطبخها» على نار «هادئة».. ثم يخرجها للقاريء في ثوب قشيب «وأليف» وناعم كالحرير.. وهي ذات الطريقة التي داوم عليها حتى عودته للوطن الصحيفة.. والتي عليها عدم التفريط في هذا «النجم» الذي يعرف طريقه «للشباك» ويصيب مرمى الكتابة ويحرز أهدافاً تجعل الجمهور يصفق بحرارة ويشعل نيران «الجرايد» في المدرجات فرحاً وانتشاءً باللعبة الحلوة!! عودة عم «حسن» للكتابة أعادتني لأيام زمان عندما كنا تلاميذاً نحبو في دنيا الصحافة.. وحسن يكلفنا بالتحقيق تلو التحقيق!! أتذكر عندما غرقت العاصمة القومية في فيضان «88».. وكنا نسكن الدروشاب ولا زلنا.. أنا وهو والزميل الصحفي الرائع صالح مختار!! وهذا هو اسمه قبل أن أهاجر.. وعندما عدت وجدته قد حول اسم شهرته إلى صالح عجب الدور!! فالتحية له وللزميلة سمية سيد «أولاد دفعة»!! وإلى صلاح عمسيب ذاك الفتى الذي كان معنا في قسم التحقيقات ويمتلك ناصية المفردة بصورة رائعة وساحرة ولا أعرف أين هو الآن؟ فقد ضاع في الزحام!! كلفنا حسن بإحصاء كل شاردة وواردة عن السيول والأمطار والفيضانات.. ولم نترك حفرة لم نقع فيها!! ولم نترك خوراً لم نقطعه!! ولم نترك متأثرين لم نصلهم و«حمنا» الخرطوم آنذاك«بكرونة كلب»!! وكانت الحصيلة تقريراًوإعجاباً وإشادة بالصحافة الميدانية.. وذخيرة من المعرفة والخبرة لا زلنا نعتز بها!! يكتب حسن هذه أيام عن سد الألفية بحماس وتأييد واضحين وبمنطق مقنع باستفادة السودان ومصر منه بذات الفائدة وأكثر من التي تعود على أثيوبيا!! ضحكت وقلت في سري إن حسن ينظر لسد الألفية بمنظور «دروشابي» بحت!! فهذا السد كفيل بترويض النيل الأزرق.. وبالتالي يبتعد شبح الفيضانات التى تعاني منها الدروشاب أيّما معاناة!! فجل السيول المندفعة عليها من جهة الشرق تآتي من انكسار الترع المرتبطة بالنيل الأزرق!! ستصبح أيام الفيضانات والسيول والأمطار من ذكريات الماضي البعيد نحكيها للأحفاد إن أمد الله في الآجال!! وتبقى الذكريات والود والأخاء الصادق بين زملاء المهنة الحقيقيين.. رغم أن المهنة يا حسن ما عادت المهنة فقد دخلها «الأغراب» و«الأعراب» و«الدخلاء» من كل حدب وصوب.. وأضحى «المال» سيد الموقف وليس المبدأ.. فأضحى حالنا كقول الشاعر: «لا خيل عندك تهديها ولا مال.. فليسعد النطق إن لم يسعد الحال»!!